الأقسام الرئيسية

سليانة الجريحة توحد التونسيين ضد حكومة النهضة

. . ليست هناك تعليقات:
First Published: 2012-12-03


 
السبسي والشابي وبلعيد والهمامي يبنون جبهة ديمقراطية لمواجهة فشل الحكومة في التعاطي مع مشاغل التونسيين.
 
ميدل ايست أونلاين

رسالة شعبية للسياسيين لتحمل مسؤوليتهم
تونس ـ علم مراسل "ميدل إيست أونلاين" في العاصمة تونس أن القوى الوطنية واليسارية والعلمانية في تونس شرعت في إجراء مشاورات ولقاءات جادة في ما بينها من أجل "بناء جبهة وطنية ديمقراطية" على خلفية الأحداث التي شهدتها محافظة سليانة والتي أثبتت "فشل الحكومة" في التعاطي الإيجابي مع مشاغل التونسيين.
وقالت قيادات من حزب "نداء تونس" الذي يتزعمه رئيس الحكومة السابق الباجي قائد السبسي ومن "الحزب الجمهوري" الذي يتزعمه المعارض أحمد نجيب الشابي ومن حزب "الوطنيين الديمقراطيين" الذي يتزعمه شكري بلعيد ومن "حزب العمال" الذي يتزعمه حمة الهمامي، "إن الوضع في البلاد بات ينذر بالخطر وأخشى ما نخشاه أن تتوسع الأحداث التي شهدتها سليانة وما انجر عنها من استعمال وحشي للقوة من قبل قوات الأمن إلى المحافظات التونسية الأخرى التي تعاني هي الأخرى من التهميش والحرمان".
وشددت القيادات الوطنية واليسارية والعلمانية على "أن أحداث سليانة كانت بمثابة الرسالة إلينا لنتحمل مسؤوليتنا في الدفاع عن هموم أبناء الجهات المحرومة في ظل غياب سياسة واضحة لحكومة الائتلاف الثلاثي الحاكم الذي تقوده حركة النهضة الإسلامية"، مضيفة "بدأنا في التحرك باتجاه إنهاء حالة الاستقطاب السياسي وبناء جبهة وطنية موحدة تترفع عن الاعتبارات الحزبية تكون قادرة على مواجهة ديكتاتورية جديدة وقفنا على ملامحها في قمع حركات الاحتجاج السلمية في محافظة سليانة".
وعاش أهالي محافظة سليانة (شمال غرب) على امتداد الأسبوع الماضي مواجهات عنيفة هي الأولى من نوعها مع قوات الأمن أصيب خلالها أكثر من 300 شخص جراء استخدام "الرش الحي" )البارود( الذي أستخدم لأول مرة منذ استقلال تونس عن الاستعمال الفرنسي عام 1956.
ويطالب أهالي سليانة الحكومة بتنفيذ برامج تنموية ملموسة تمنحهم حق المواطنة كما يطالبون بعزل المحافظ وبالإفراج عن 14 شابا اعتقلوا خلال أعمال عنف شهدتها سليانة يوم 26 نيسان/أبريل 2011.
وفجّر القمع الوحشي الذي تعرض له أهالي سليانة حالة من الحزن والغضب في أوساط مختلف فئات المجتمع التونسي إذ اندلعت في أغلب محافظات البلاد مظاهرات مساندة تحت شعار "كلنا سليانة".
وهتف المتظاهرون بعدة شعارات كان أبرزها "رش كرطوش التوانسة ما يخافوش" و"يا زوالي يا مسكين سرقوا فلوسك باسم الدين" و"يا لعريض يا جبان شعب تونس لا يهان" و"وزارة الداخلية وزارة إرهابية".
وإضافة إلى السخط السياسي والشعبي على قمع المتظاهرين انتقدت المنظمة الدولية للدفاع عن حقوق الإنسان "قمع" الشرطة التونسية للاحتجاجات.
وتحركت أحزاب المعارضة بقوة، إزاء هذا الوضع وما انجر عنه من تداعيات سياسية واجتماعية.
وطالب رئيس حزب "نداء تونس" الباجي قائد السبسي حكومة النهضة بالاستقالة وتشكيل "حكومة وحدة وطنية يتعهد أعضاؤها بعدم الترشح للانتخابات القادمة".
وحذر الحكومة من "احتقار" التونسيين وخاصة أبناء الجهات المحرومة التي "تعاني من التهميش والبطالة وانعدام المقومات الأساسية للحياة الكريمة".
وقال السبسي "إن حقرة أبناء الجهات المحرومة موش باهية" ودافع عن "حق" أبناء الجهة في الاحتجاج عن أوضاعهم التي "لا تليق بالتونسيين الذين أنجزوا أول ثورة في العالم العربي".
وأعرب عن استعداد حزبه للتحالف مع "أي حزب يريد خدمة تونس بعيدا عن المحاصصة السياسية" من أجل الخروج بالبلاد من عنق الزجاجة وتطويق حالة الاحتقان التي باتت تنذر بالعصيان المدني في ظل غياب برامج ملموسة تساعد التونسيين على تحسين أوضاعهم.
وشدد السبسي على أن سنة كاملة من حكم النهضة "أفرغت مؤسسات الدولة من هيبتها" ولم يتردد في اتهام النهضويين بأنهم يسعون إلى أن "يحلوا محل الدولة" ملاحظا أن "هذه النزعة مسألة في غاية الخطورة".
ويتهم معارضون الائتلاف الثلاثي الحاكم الذي تشكله حركة النهضة الإسلامية مع حزبي "المؤتمر" و"التكتل" العلمانيين، بالتعامل مع الحكم على أنه "غنيمة" عبر إسناد الحقائب الوزارية على أساس الانتماء الحزبي وليس على أساس الكفاءة في إدارة معضلات تنموية تواجهها البلاد.
وقالت الأمينة العامة للحزب الجمهوري مية الجريبي "إن أحداث سليانة وحدت القوى السياسية المعارضة وقدمت حكومة النهضة على حقيقتها كحكومة تسعى إلى تكميم أفواه التونسيين باستعمال الرش الحي"، مضيفة إن "تجربة سنة من حكم النهضة لم تزد وضع التونسيين سوى المزيد من التهميش والفقر والبطالة والاحتقان".
وطالبت "كل القوى الوطنية والديمقراطية إلى الشروع في حوار وطني جاد من أجل وضع خارطة طريق للمرحلة القادمة في ظل ضبابية سياسة الحكومة التي فقدت ثقتها لدى التونسيين".
وشددت على أن "تونس اليوم في حاجة الى قطب ديمقراطي يخلق التوازن السياسي في البلاد".
وتابعت الجريبي "لقد حان الوقت الذي تترك فيه المعارضة خلافاتها عن جنب لتوحد قواها من أجل بناء جبهة سياسية ديمقراطية تضع حد لمشروع ديكتاتورية دينية يهدد الثورة التي ضحى من أجلها التونسيون".
وأكد زعيم "الحزب الجمهوري" ومؤسسه نجيب الشابي كلام الجريبي حين أعلن أن "الحزب دخل في مشاورات وحوار ولقاءات مع عديد الأحزاب السياسية التي تؤمن بالديمقراطية وبدولة المواطنة المدنية من أجل التوصل إلى أرضية وفاقية تفضي إلى الإعلان عن تحالف وطني ديمقراطي يكون بديلا عن النهضة ويقدم حلولا ملموسة لقضايا التنمية والبطالة التي يطالب بها أهالي سليانة وكذلك أهالي كل الجهات المحرومة".
وفي تعليقه عن الطريقة التي واجهت بها حكومة النهضة الاحتجاجات السلمية لأهالي سليانة قال الشابي "ما كنت أتصور أن النهضة التي عرف المنتمون إليها السجون والمنافي وكثيرا ما كانوا يقولون إنهم يدافعون عن حقوق التونسيين في الديمقراطية والتنمية أن يواجهوا غضب المواطنين بالرش الحي الذي هو محرم دوليا".
وطالب بإقالة وزير الداخلية والقيادي في حركة النهضة علي العريض لأنه "فشل بأتم معنى الكلمة في إدارة الشأن الأمني للبلاد باستعماله العنف الوحشي لقمع مظاهرات سلمية ذات مطالب مشروعة.
ودعا الشابي القوى الوطنية الديمقراطية بالتحرك العاجل والناجع من أجل وضع حد لما تشهده البلاد من احتقان "قد يتطور إلى عصيان مدني يزج بتونس في حالة من الفوضى والعصيان المدني".
ويبدو أن الحراك السياسي الذي تشهده تونس على خلفية أحداث سليانة أقنعت أيضا اليسار التونسي بـ "مراجعة مواقفه تجاه الأحزاب اللبرالية" إذ أعلن الأمين العام لحركة الوطنيين الديمقراطيين استعداد الحركة للدخول معها في "حوار وطني جاد" من أجل التصدي للمشروع "السلفي وديكتاتورية باسم الدين تريد النهضة أن تفرضها على التونسيين باستخدام القوة بما في ذلك الرش الحي".




غضب شعبي ضد حكومة النهضة الاسلامية

وقال بلعيد إن "اليسار التونسي مستعد للتحالف مع كل القوى الوطنية بعيدا عن الحسابات الحزبية الضيقة لأن المرحلة التي تمر بها تونس هي مرحلة دقيقة بل خطيرة تستوجب رؤية عقلانية ومقاربات سياسية وتنموية كفيلة بنقل البلاد من حالة الاحتقان إلى حالة الاستقرار".
وتابع "كوننا يسار لا يعني أننا لا نمد يدنا للقوى اللبرالية طالما أن مصلحة تونس تقتضي من كل القوى الحية من أحزاب سياسية ونشطاء المجتمع المدني التوحد في إطار جبهة أو تحالف وطني ديمقراطي".
وكان وزير الداخلية علي العريض اتهم بلعيد بالوقوف وراء أحداث سليانة وسماه بالاسم في أحد تصريحاته الأمر الذي نفاه بلعيد نفيا مطلقا.
أما الإتحاد العام التونسي للشغل "أكبر مركزية نقابية في تونس" فقد دافع عن مشروعية وقوفه إلى جانب أهالي سليانة في رد واضح على اتهامات وجهها له رئيس الحكومة حمادي الجبالي وحركة النهضة بـ"تجييش الوضع والدفع باتجاه الاحتقان".
ولم يتردد حسين العباسي الأمين العام لإتحاد الشغل في التأكيد على أن الإتحاد "لا يزايد عليه أحد في تغليب المصلحة الوطنية عن أي مصلحة أخرى" مشددا على أن الإتحاد "يساند بقوة حق أهالي سليانة وغيرهم في الدفاع عن حقوقهم وفي المطالبة بالتنمية والشغل".
ويتوقع المراقبون أن تفضي تحركات الأحزاب الوطنية واليسارية والعلمانية إلى بناء "قوة سياسية" من شأنها أن تحدث التوازن في المشهد السياسي التونسي بل و"تعيد بناءه وتشكيله" على أساس معطيات جديدة بعد أن نفضت أيديها من حكومة النهضة.
ويضيف المراقبون أن خطاب الرئيس منصف المرزوقي الأخير الذي دعا فيه إلى تشكيل حكومة كفاءات مضيقة يعزز حظوظ المعارضة التونسية.
وكان المرزوقي دعا في كلمة توجه بها إلى الشعب التونسي يوم الجمعة إلى "تشكيل حكومة كفاءات مضيقة يتم فيها إسناد الوزارات على قاعدة الكفاءة ثم الكفاءة فالكفاءة، وليس على أي قاعدة أخرى وخاصة المحاصصة الحزبية أو الولاءات الحزبية".
واعترف المرزوقي ضمنيا بأن حكومة الائتلاف التي يعد حزبه، "المؤتمر من أجل الجمهورية" أحد مكوناتها، قد فشلت في الاستجابة لـ"للسقف العالي لتطلعات التونسيين إلى الحق في التنمية".
وانتقد بشدة موقف حركة النهضة التي أرجعت أحداث محافظة سليانة إلى دور ما قالت إنها القوى المعادية للثورة في إشارة إلى القوى اليسارية وإلى الإتحاد العام التونسي للشغل.
ولم يجد رئيس الحكومة وأمين عام حركة النهضة حمادي الجبالي بعد أسبوع كامل من "التعنت" من مخرج سوى "مراجعة" بعض مواقفه التي أثارت غضب التونسيين ليعلن يوم السبت انه "لا يرى مانعا" في تشكيل حكومة كفاءات مصغرة غير متحزبة، بناء على اقتراح منصف المرزوقي.
وقال الجبالي الذي تعود إليه صلاحيات تشكيل الحكومة إنه "سيدرس الموضوع وسيرد عليه كتابيا وعلنيا، وإذا كان فيه خير تونس لا أرى مانعا في صيغة حكومة جديدة تأخذ بالاعتبار كل المعطيات، وكل شيء يراجع".
ويرى المحلون السياسيون أن الأحداث الدامية التي شهدتها ولاية سليانة "عزلت" حكومة النهضة سياسيا وشعبيا وزجت بها في زاوية مظلمة، وفي المقابل فتحت أمام المعارضة فرصة تاريخية لتترفع عن خلافاتها وتتجاوز حالة التشرذم لبناء قوة ديمقراطية قادرة على إنقاذ البلاد من مخاطر حقيقية لا تهدد مسارها الديمقراطي فقط وإنما تنذر بعودة الاستبداد الديني.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات

اخر الاخبار - الأرشيف

المشاركات الشائعة

التسميات

full

footer