الأقسام الرئيسية

الدولة المصرية إذ تقف عاجزة: الحق فوق القوة

. . ليست هناك تعليقات:
First Published: 2012-12-04


 
سلبية الحكومة المصرية في الرد على حصار المحكمة الدستورية من قبل أنصار تيار الإسلام السياسي لا يؤشر إلى عجزها فقط، بل إلى انحيازها لطرف ضد آخر.
 
ميدل ايست أونلاين

بقلم: د. لنا عبد الرحمن

كانت أزمة الدستور في أوجها حين اتجه الآلاف من أنصار تيار الإسلام السياسي وقياداته إلى المحكمة الدستورية العليا، ليحاصروها ويهددوا القضاة ويمنعونهم من ممارسة عملهم، وبالفعل كان لهم ما أرادوا حين علقت المحكمة أعمالها معلنة أنها لا تستطيع العمل تحت هذه الضغوط. وفي هذا الحدث يمكن استنتاج المرحلة التي وصلت إليها مصر من وجود فريقيين متصادمين، لا سبيل واضح حتى الآن إلى رأب الصدع بينهما، وفي الوقت الذي تم فيه حصار المحكمة من المتظاهريين، لم تتحرك الدولة للدفاع عن سيادتها وسيادة مؤسساتها الشرعية، وفي هذا إشارة واضحة أيضا لانحياز الدولة لفريق دون آخر، وتجاهل تام بأن استقلال القضاء يعني أن "الحق فوق القوة" وحين نزلت التظاهرات لنصرة الرئيس وقرراته، من أمام جامعة القاهرة، ومن سائر الميادين في المحافظات، اتضح أن أزمة الدستور لن تمر بسهولة، وأن سياسة الاستقواء يتم استخدامها بشكل معلن، فمن المعروف عالميا أن المظاهرات تخرج للاحتجاج على قرارات معينة، أما أن تخرج مظاهرات حاشدة لنصرة الرئيس وتدعيم قراراته فهذا هو المستغرب.
وفي الوقت الذي كان ينبغي للدستور أن يأتي ليفتح بوابة انفراج للشعب المصري، تعدهم بالخروج من أزماتهم الخانقة، جاء الدستور ليفتح بوابة كارثية على الجميع.. ويصنع الشقاق بين المصري والمصري. فالبعض راض عن الدستور، وقسم آخر معترض، وقسم ثالث لم يقرأ الدستور، وآخر قرأه ولم يدرك عمق مضمونه. هذا كله مع وجود شريحة عريضة ستصوت بالموافقة على الدستور تباعية لفئة ما من دون وجود أي رأي حر لها.
فالدستور الذي خرج إلى النور بين ليلة وضحاها لا توجد فيه حقوق منصفة للعمال والفلاحين، بل إنه يربط الأجر بالإنتاج وبالتالي فإن أي زيادات في أسعار السلع لن يكون صاحب العمل معني بها، لأن الدخل مرتبط بما ينتجه الفرد.. أما فيما يتعلق بالمرأة فلا توجد أي حقوق أو ضمانات للمرأة، بل يبدو أن ما حاربت المرأة لكسبه في حقب سابقة سيتم سحبه منها بسهولة.
وإذا تم التغافل عن أي ضمانات واضحة لإعلاء حرية الرأي، فإن ضمانات حرية الصحافة تغيب تماما عن الدستور، حيث أصبحت الصحف ووسائل الإعلام تحت سيف الإغلاق والمصادرة، وكأننا نرتد عشرات السنوات إلى الوراء بعد قيام ثورة يناير، حيث كان من المفترض أن يعلو بعدها سقف الحريات، فوفق الدستور الجديد يتم اغلاق الصحف بحكم قضائي، والقضاء يحكم بناء على قوانين؛ إذن لا ضمانة لأي صحيفة من أن تكون بمنأى عن المصادرة والإغلاق!
ولعل الخلاف على الدستور، وانقسام المصريين بين مؤيد له ومعارض، وخيبة الأمل التي يعاني منها الكثيرون، كلها قضايا تحيد عن ما ينبغي الالتفات له في هذه المرحلة، حيث الإهمال الجسيم في مؤسسات الدولة والقطاعات الخدمية وصل الى ذروته، أما الفساد الاقتصادي فيستحق وقفة اصلاحية من أولي الأمر. لكن لا تبدو هذه القضايا هي الشغل الشاغل لأهل الحكم في هذه المرحلة، بقدر ما يشغلهم تمكين أيديهم، وتثبيت أقدامهم في السلطة.
د. لنا عبد الرحمن

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات

اخر الاخبار - الأرشيف

المشاركات الشائعة

التسميات

full

footer