الأقسام الرئيسية

دستور مصر... طغيان الصبغة الدِّينية!

. . ليست هناك تعليقات:
First Published: 2012-12-03


 
تم إعطاء الأزهر مهمة تحديد مبادئ الشريعة الإسلامية، في أدلتها الكلية، وتمكين رجال الدين من التحكيم استنادا لأى فتوى قد لا تعبر عن روح العصر، وهذا من ملامح الدولة الدينية.
 
ميدل ايست أونلاين

بقلم: نبيل ناجى

التماهي الإخواني بين الشرعية والشريعة
فى البداية يجب أن نتذكر أن الدستور وثيقة للشعب جمعية لا يتسق معه مبدأ المغالبة أو المسارعة (من التسرع)، ويجب أن يمثل فيه بجميع طوائفه، والدستور هو مجموعة من المبادئ العامة التى تشكل العقد الاجتماعى للمجتمع كله، ولا ينحصر فى وقت أو ظروف معينة، أى أنه يجب أن يصاغ بطريقة تتفق مع جميع العصور حتى يضمن بقاءه.
فبعيدا عن إجراءات تشكيل اللجنة التأسيسية التى تشوبها البطلان، وطريقة إدارتها أو من الأفضل أن نسميها "قيادتها"، حيث دفعت هذه اللجنة فى مسار محدد، وكذلك انسحاب عديد من ممثلى الشعب المصرى منها، ورغم ذلك تم تجاهل انسحابهم، أريد أن أسجل هذه الملاحظات بعين القارئ البسيط غير المتخصص دستوريا أو قانونيا:
فمن ناحية الصياغة، نجد أن نصوص الدستور مختلطة بنصوص يجب أن تصدر فى قوانين، وليس محلها الدساتير، فتشعر أن الدستور يقوم بعمله وعمل القانون معا، فتجد فى نهاية كثير من المواد عبارة "فى حدود القانون" أو "كما ينظمه القانون" مما يضعف من نصوص الدستور، حيث إن الدستور هو أبو القوانين، وإن كان رد المستشار حسام الغريانى على ذلك: بأننا بذلك ندعو المشرع لإصدار قوانين لهذا الأمر، فالرد: إن المشرع طبيعى أن يلجأ للدستور وأن من واجبه أن يدرك احتياجه للتشريع دون دعوة احد إليه!
تظهر الصبغة الدينية للدستور وبالتالى للدولة من المادة الثالثة التى أعطت المصريين المسيحيين واليهود حرية الاحتكام لشرائعهم فى أحوالهم الشخصية مع عدم مساس المادة الثانية، وفى المقابل تم إعطاء الأزهر الشريف مهمة تحديد مبادئ الشريعة الإسلامية التى تشمل أدلتها الكلية وقواعدها الأصولية والفقهية، ومصادرها المعتبرة فى مذاهب أهل السنة والجماعة، كما حددتها المادة 219، وبالتالى لم يصبح المرجعية لبلادنا الدستور والقانون فقط، ولكن لهيئة دينية أخرى والعمل بمبدأ جديد وهو تمكين رجال الدين من التحكيم استنادا لأى فتوى قد لا تعبر عن روح العصر، وهذا من ملامح الدولة الدينية، وكذلك لم يتم منه تكوين الجماعات والأحزاب على أساس دينى أو جغرافى.
وقد تم إدخال كلمات لا نعرف كيف ستستخدم فى المستقبل مثل "تعريب التعليم والعلوم والمعارف" و"يقوم النظام السياسى على مبادئ الديمقراطية والشورى"، حيث إن الديمقراطية تحمل فى داخلها مبدأ الشورى أو الاستشارة.
أما بخصوص مجلس الشورى، فقد تم إضافة المهام التشريعية له رغم أنه اسمه "مجلس الشورى"، ومن الغريب إنه لم تذكر صفته التشريعية هذه فى الجزء المخصص له بشكل صريح ولكن تم ذكر هذا بين نصوص مجلس النواب، وهذا سينتج ازدواجية فى التشريع، حيث سيقترح التشريعات مجلسان وليس مجلسا واحدا يحيل كل مجلس قراراته للآخر للموافقة عليه، رغم الدعوة لإلغاء مجلس الشورى، حيث إنه يعتبر عبئا على الدولة، ويبدو أن هذا سببه الوحيد هو تحصين المجلس الحالى كما ورد فى المادة 230 وهذه المادة بنصها هذا ليس مكانها الدستور ولكن القانون.
وكذلك تم وضع المبدأ الذى بسببه تم حل مجلس الشعب كمادة دستورية (رقم 231) رغم أن مجلس الشعب تم حله لانعدام تكافؤ الفرص، أى أن هذه المادة غير دستورية.
أما عن صلاحيات الرئيس، فله الحق فى تعيين جميع الموظفين العموميين من المدنيين والعسكريين وكل رؤساء الأجهزة الرقابية ورؤساء المحاكم، ولا يوجد نص لتعيين نائب الرئيس؛ أى لم تقلص صلاحياته.
وهذه كلها تعتبر ملاحظات أولية دون التطرق للمطالب التى حلم بها أطياف الشعب المصرى كالنقابات والمرأة والإعلام والقضاء، وكذلك عدم ضمان جميع الحقوق والحريات إلا بما لا يتعارض مع الأحكام الأساسية للدولة والمجتمع (مادة 75)، مما يفتح باب إلغاء مرجعية الدستور، وفتح الباب للآراء الفقهية فى ظل المادة 219.
فنحن نحلم بدستور يعبر عن آمالنا وأحلامنا وليس عن جزء منها أو أشباه لها، وهذا يتطلب مزيدا من الوقت والمناقشات والتنوع فى تشكيل اللجنة ذاتها.
نبيل ناجي
كاتب مصري

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات

اخر الاخبار - الأرشيف

المشاركات الشائعة

التسميات

full

footer