Sun, 09/12/2012 - 21:40
لا أشك أن هناك كثيراً من السلفيين على
درجة كبيرة من النقاء والإخلاص، وكثيراً منهم وربما معظمهم يشعر بواجب دينى
وعقائدى بضرورة تطبيق الشريعة، وكثيراً منهم ترشحوا فى الانتخابات الأخيرة
من أجل تطبيق الشريعة عن إيمان وقناعة.
وتبقى المشكلة حين يوظف من فى السلطة كثيراً
من السلفيين من أجل الدفاع عن كراسى الحكم، وليس الشريعة غير المهددة التى
ظلت مصانة فى قلوب المصريين ولم يعترض عليها أحد حتى من بين أكثر
العلمانيين تطرفا.
إن تصدير مشكلة الشريعة للمرة الثانية فى
أقل من شهرين يعنى ببساطة أن الإخوان غير قادرين على حشد الناس عبر شعارات
سياسية قادرة على الدفاع عن الإعلان الدستورى أو عن دستور الإخوان، فكل
حججهم لتبرير الإعلان الدستورى مثل «دعم الاستقرار» و«مواجهة الفلول» فشلت
فى نيل تعاطف الناس، فكان لابد من استدعاء الشريعة فى غير موضوعها بعد أن
ظلت محل توافق من أغلب المصريين بمختلف اتجاهاتهم، وموجودة فى المادة
الثانية من الدستور.
إن الإصرار على التظاهر من أجل مطلب وهمى لم
يتجاهله الدستور حين نص على أن مبادئ الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى
للتشريع، يدل على عجز سياسى كامل على حشد هذه الجماهير خلف قضية واحدة لا
توظف فيها الشريعة لصالح أغراض سياسية وحزبية ضيقة.
والحقيقة أن غير المطبق من الشريعة هو
الجوانب التى تدافع عن الفقراء والمحتاجين، وتنصف المظلومين، والشريعة التى
تحارب الفساد وتؤسس للديمقراطية والعدالة والمساواة، وهى كلها تحتاج إلى
اجتهادات الناس وعرقهم لا الهتاف من أجل معركة وهمية لا وجود لها على أرض
الواقع.
إن تصدير الإخوان معركة الشريعة يخفى فشلهم
فى تقديم مشروع سياسى حقيقى، فهم لم ينتجوا فكرا ثوريا كما فى إيران إنما
ظلوا إصلاحيين ومحافظين حتى النهاية، واستدعى إخوان الحكم الثورة حسب
المصلحة والحاجة، ولم يبنوا حزبا سياسيا حديثا وديمقراطيا كما فى تركيا
«العدالة والتنمية» أنجز أهم إصلاحات سياسية واقتصادية منذ تأسيس الجمهورية
التركية، إنما تفننوا فى انتهاك دولة القانون ومواجهة القضاء وفق مصالحهم
السياسية الضيقة، ولم يلهموا الشعب المصرى بمشروع نهضة حقيقى انطلق من
الإسلام الحضارى، وحول بلداً مثل ماليزيا فى عشرين عاما من التخلف إلى
واحدة من أهم اقتصاديات العالم، ففشل إخوان الحكم فى إعطاء أمل للشعب
المصرى بأنهم قادرون على حل جزء من مشاكله، وامتلاك رؤية سياسية متكاملة
للإصلاح السياسى والاقتصادى، مما جعلهم يستدعون السلفيين للمشاركة فى معركة
الشريعة الوهمية.
السلفيون فى مصر يجب ألا يكونوا أداة
لحسابات الآخرين السياسية، فعليهم أن يمتلكوا أدواتهم السياسية المنطلقة من
الشريعة ويؤيدون ويعارضون تبعا لهذه الأدوات، وليس عبر شعار الشريعة الذى
يخفى رغبة من فى الحكم فى البقاء الأبدى فى السلطة والسيطرة على كل شىء،
فالحسبة لا علاقة لها بالشريعة ولا الدين، إنما السلطة، وفقط السلطة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات