الأقسام الرئيسية

الرئيس والإخوان في مواجهة الجميع

. . ليست هناك تعليقات:


Tue, 27/11/2012 - 21:34

احتار مصدرو ومؤيدو الإعلان الدستورى الذى أصدره الرئيس محمد مرسى فى اختيار الحجج التى يبررون بها ما يكاد الإجماع الوطنى ينعقد على بطلانه وخطورته على مستقبل الثورة كلها. وبرزت الحجة الرئيسية بأن الإعلان يهدف إلى حماية مؤسسات الدولة التى يريد «البعض» هدمها والإجهاز على ما تبقى منها، وفى مقدمتها مجلس الشورى والجمعية التأسيسية للدستور، ومعهما وقبلهما كل ما أصدره وسيصدره الرئيس من قرارات وقوانين وإعلانات دستورية. ولن نستغرق كثيراً فى مناقشة الحديث المتهافت المريب عن أن مصدر هذه المؤامرة هو القضاء بشكل عام والمحكمة الدستورية العليا بصفة خاصة، فيكفى القول بأن تعطيل السلطة القضائية وتدمير استقلالها فى هذا الإعلان الباطل هو بعينه الهدم الحقيقى لثلث الدولة ونظامها لصالح السلطة التنفيذية خاصة رئيس الجمهورية.
أما ما يجب قوله فى هذا السياق فهو أن ملابسات إصدار الإعلان الباطل تؤكد أن الكارثة الحقيقية من غياب للديمقراطية والشفافية فى اتخاذ القرار إنما توجد داخل مؤسسة الرئاسة. فمن بين اثنين وعشرين شخصاً هم الفريق الرئاسى، ما بين نائب ومساعدين ومستشارين، تأكد أن اثنين أو ثلاثة منهم فقط هم من علموا بهذا الإعلان الباطل قبل صدوره وتم أخذ رأيهم فيه، بينما لا أحد يعلم حتى اللحظة من الذى صاغ بنوده هو وما سمى بـ«قانون حماية الثورة» الذى صدر معه ولتغطيته. والأخطر أن المتحدث الرسمى لرئاسة الجمهورية صرح فى مداخلة تليفزيونية بأن الرئيس قد استشار من خارج فريقه الرئاسى بعضاً من القانونيين فيما أصدره من قرارات بدون أن يعلم أحد حتى اللحظة من هؤلاء وما هى صفاتهم حتى يكون لرأيهم الأولوية على الجميع. إذاً، فالخلل الحقيقى الذى يستوجب الإصلاح فوراً هو فى مؤسسة الرئاسة وطريقة عملها وكيفية اتخاذ القرارات فيها وبخاصة الكبرى مثل تلك التى أصدرها الرئيس يوم 22 نوفمبر، وعلى من يتحججون بالخوف على مؤسسات الدولة من الهدم أن ينتبهوا أولاً إلى المؤسسة الأهم والأخطر التى فى أيديهم والتى يبدو واضحاً أنها مختلة القواعد والبنيان.
أما الحجة التالية الأكبر التى استند إليها مصدرو ومبررو الإعلان الباطل فهى أنه يعبر عن رأى الأغلبية الديمقراطية التى اختارت الدكتور مرسى رئيساً للبلاد التى تؤيد بصورة أتوماتيكية قراراته الأخيرة. والحقيقة أن هذه الحجة بدورها واهية لا تصمد أمام أى مناقشة جادة أو ملاحظات عيانية. فلعل مئات الآلاف من المواطنين والقوى السياسية التى خرجت منذ صدور هذه القرارات وحتى اللحظة رفضاً لها مقابل عشرات الآلاف الذين حشدوا لتأييدها، أمر يؤكد أن الأغلبية الفعلية ضدها وتطالب بإلغائها. كذلك، فلعل مصدرى ومبررى الإعلان الباطل ينتبهون إلى أنه من بين أكثر من ستين حزباً وقوة سياسية فى البلاد لم يؤيد هذا الإعلان بكل مواده سوى جماعة الإخوان المسلمين وحزبها الحرية والعدالة، بينما تراوحت مواقف الباقين جميعهم ما بين الرفض الكامل له وهو موقف جميع الأحزاب والقوى غير الدينية، ورفض بعض مواده، وهو موقف كل الأحزاب والقوى الإسلامية بطرق مختلفة.
إذاً، تظهر جماعة الإخوان المسلمين وحزبها الحرية والعدالة بمفردهما كمؤيدين لكامل الإعلان الباطل فى مواجهة جميع القوى والأحزاب السياسية التى لم يوافق عليه كاملاً سواهما. أفلا يرى رئيس الجمهورية وقادة الجماعة الذين يتسابقون فى تبرير القرارات الباطلة فى الوضع ما يقنعهم بأنهم «أقلية» فى مواجهة أغلبية رافضة لها؟ ألا يقنع هذا الوضع السيد الرئيس وقادة جماعة الإخوان بأن الرشد والديمقراطية والحرص على مصالح البلاد واستقرارها تلزمهم بالاستجابة الفورية لما تطلبه الأغلبية وهو الإلغاء الكامل لكل قرارات 22 نوفمبر وفتح حوار جاد ومنظم مع جميع الفرقاء حتى تستكمل الثورة طريقها فى هدوء وسلام، أم أننا بحاجة إلى مزيد من الدماء والفوضى وتدمير اقتصاد البلاد ومؤسساتها كنتيجة للإصرار على الموقف الخاطئ بالإبقاء على الإعلان الباطل، والتى سيتحمل مسؤوليتها مصدروه ومؤيدوه ومبرروه وحدهم؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات

اخر الاخبار - الأرشيف

المشاركات الشائعة

التسميات

full

footer