الأقسام الرئيسية

معركة 'النقاب' تغلق كلية العلوم الاجتماعية والإنسانية بتونس

. . ليست هناك تعليقات:
First Published: 2012-10-04


سلفيون يقتحمون حرما جامعياً ويشتبكون مع الطلبة، وقوات الأمن التونسية ترفض التدخل وتكتفي بتطويق المكان.
ميدل ايست أونلاين

دخول عناصر دخيلة عن الحرم الجامعي
تونس - قرر المجلس العلمي لكلية العلوم الاجتماعية والإنسانية بتونس العاصمة غلق الكلية بداية من الخميس 24 سبتمبر/أيلول على إثر اشتباكات عنيفة بين الطلبة وعناصر من الجماعات السلفية اقتحمت مبنى الكلية مطالبة بفرض ارتداء الطالبات للنقاب.
وقال عميد الكلية نور الدين كريديس أنه "تقرر غلق الكلية بداية من يوم الخميس ولمدة 3 أيام بعد أعمال عنف وتخريب جدت يوم الأربعاء وتسببت فيها عناصر دخيلة عن الحرم الجامعي".
وأسفرت الاشتباكات عن جرح ما لا يقل عن ثلاثة طلبة وإتلاف أجهزة ومعدات جامعية.
وشهدت الكلية في سابقة خطيرة اشتباكات ضارية بين الطلبة والسلفيين الذين استعملوا الغاز المسيل للدموع والرشق بالحجارة والعصي.
وكان حوالي 100 عنصر من الجماعات السلفية اقتحم صباح الأربعاء 23 سبتمبر/ أيلول كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بتونس لمساندة طلبة الاتحاد العام التونسي للطلبة الإسلامي والموالي لحركة النهضة ضد طلبة الاتحاد العام لطلبة تونس اليساري.
وقدمت العناصر السلفية من حي الملاسين الشعبي القريب من الكلية والذي يعتبر من معاقل الجماعات السلفية.
وجاء الخلاف خلال اجتماع للمنظمتين حيث بادر أحد السلفيين برش طلبة الاتحاد العام لطلبة تونس اليساري بالغاز المسيل للدموع خلال تدخل إحدى طالبات منظمة الاتحاد العام لطلبة تونس.
ورفضت قوات الأمن التدخل داخل الحرم الجامعي واكتفت بمحاولة تطويق المعركة خارج الكلية.
ويسعى الاتحاد العام التونسي للطلبة الإسلامي إلى فرض وجوده داخل الجامعات التونسية وتهميش الاتحاد العام لطلبة تونس اليساري الذي يعد أعرق منظمة طلابية تونسية.
وقال عماد الراجحي أستاذ الحضارة العربية الإسلامية "شاهدت أشخاصا غرباء عن الكلية، أشخاصا ملتحين، متوترين وفي حالة هيجان ويحملون الهراوات، إنه أمر مقرف ومرعب أن تتحول الكلية إلى ساحة لتصفية حسابات سياسية".
وأضاف "كان أحد الملتحين يصرخ (الله أكبر) تماما كما لو أنه في (غزوة) فيما كان ثان يهتف النقاب النقاب"، ملاحظا أنه من المستحيل على الأساتذة أن "يقبلوا بمثل هذه التصرفات التي تزج بالكلية في صراع ديني وسياسي يهدد وظيفتها المعرفية والعلمية".
ومن جهتها شددت رشيدة بن عبد الله أستاذة العلوم الاجتماعية على أن "اقتحام الكلية من قبل أشخاص غرباء هو سابقة في منتهى الخطورة، إنها استباحة لحرمة الكلية وانتهاك لقداسة رسالتها"، مشيرة إلى أنه "بإمكان الطلبة وغيرهم أن يفضوا خلافاتهم السياسية خارج أسوار الكلية".
وليست هذه المرة الأولى التي يقتحم فيها السلفيون الكليات في تونس فقد شهدت كلية الآداب بمنوبة خلال العام الدراسي الماضي أعمال عنف بلغت إلى حد الاعتداء على عميد الكلية وأساتذة من قبل عناصر سلفية من خارج الكلية طلبوا بفرض ارتداء الطالبات للنقاب.
ويدور في تونس جدل كبير حول مسالة ارتداء النقاب في الجامعات.
فقد أعلن المجلس العلمي للجامعات التونسية رفضه المطلق لإصداري قانون يتعلق بـ"ارتداء النقاب داخل المؤسسات الجامعية"، مشددا على أن "ارتداء النقاب ظاهرة لا تليق بصورة تونس وجامعتها" فيما أكدت كتلة حركة النهضة الإسلامية داخل المجلس التأسيسي دعمها لارتداء النقاب مؤكدة أن "منع النقاب في الجامعة مرفوض لأنه يمس من الحرية الشخصية".
وقال رئيس جامعة منوبة شكري المبخوت إن وزير التعليم العالي والبحث العلمي منصف بن سالم القيادي في حركة النهضة اقترح على المجلس العلمي للجامعات ثلاثة مشاريع قوانين، يمنع أولها ارتداء النقاب بالجامعات منعا تاما ويسمح ثانيها بارتدائه دون شروط ويسمح المشروع الثالث بارتدائه بطريقة مقيدة ككشف الوجه عند اجتياز الامتحانات وبقاعات الدرس.
واعتبر المبخوت أن إصدار أي من مشاريع القوانين الثلاث "أمرا غير مطروح للنقاش لأنه ليس بالظاهرة المنتشرة" مؤكدا أن المجلس العلمي للجامعات التونسية عقد اجتماعا حول الموضوع واتفق على ان التعامل معها موكول للأنظمة الداخلية للمؤسسات الجامعية وليس للحكومة أو المجلس التأسيسي.
وجاء رفض المجالس العلمية للجامعات ردا على حكومة الائتلاف الثلاثي الذي تقوده حركة النهضة الإسلامية التي ستعرض خلال هذه الأيام ثلاثة مشاريع قوانين يسمح أولها بـ"ارتداء طالبات الجامعات النقاب بلا شروط" ويسمح ثانيها بـ"ارتداءه بشروط" فيما "يمنع" مشروع القانون الثالث ارتداءه.
لكن المجالس العلمية للجامعات حذرت خطورة الظاهرة على اعتبار أنها تزج بالجامعة في "حالة من الاحتقان الديني" و"تنتهك عملية التواصل البيداغوجي" بين الأستاذ والطالبة المنقبة.
وقالت المجالس العلمية إن مسألة ارتداء النقاب من مشمولاتها وليست من مشمولات الحكومة ولا المجلس التأسيسي.
وتساءل أساتذة جامعيون ونشطاء ونقابيون عن "خلفية الحكومة" من وراء تقديم مشاريع القوانين الثلاثة على المجلس التأسيسي ملاحظة أن هناك "قضايا سياسية واجتماعية واقتصادية ملحة"، أهم من النقاب، تمس مباشرة مشاغل التونسيين وتستوجب من المجلس دراستها وإصدار قوانين في شأنها.
وترفض كتل المعارضة داخل التأسيسي ارتداء الطالبات للنقاب داخل الجامعات.
فقد قال النائب عمر الشتوي رئيس اللجنة التأسيسية حول السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية والعلاقة بينهما، وعضو المكتب السياسي لحزب المؤتمر من أجل الجمهورية إن قضية النقاب"ظاهرة فيها جانب كبير من الافتعال من قبل القوى المعادية للثورة التي تهدف إلى تشويه صورة تونس وثورتها".
وأضاف انه "من حق الأستاذ من الناحية البداغوجية العلمية أن يتعرف على طلبته وان يتواصل معهم دون مركبات وهذا لا يتوفر إلا برفع النقاب عن الوجه".
وأضاف "ان التثبت من الهويات أمر ضروري "ويقتضي رفع النقابأ مام عون الأمن سواء كان امرأة أو رجلا" و"كذلك أمام موظفي المراقبة الإدارية أمام أبواب الكليات".
وتابع ان حزب التكتل "يرى ان الوجه ينبغي ان يكون مكشوفا في الفضاءات التعليمية وفي الفضاءات العامة" ولكنه "يؤمن بحرية اللباس".
غير أن الصحبي عتيق رئيس كتلة حركة النهضة في التأسيسي(89 نائبا) قال إن "حرية اللباس حرية أساسية لا يرتقي إلى مستواها التواصل البيداغوجي، فالحرية مقصد أعلى"، مبينا أن "التثبت من الهوية يجب أن تقوم به امرأة".
وأضاف عتيق إن منع النقاب في الجامعة "مرفوض لأنه يمس من الحرية" مضيفا "نستطيع أن نناقشه ونستطيع ان نرتب السماح بالنقاب".
أما موقف الصادق شورو النائب عن النهضة بالتأسيسي والقريب من الجماعات السلفية فقد كان موقفه أكثر تأييدا حتى أنه شدد على أنه "لا ضرورة لكشف الوجه" لأسباب بيداغوجية واشترط أنيتم الكشف للتثبت من الهوية على وجه الطالبة المنقبة "لامرأة من الإدارة".
ويأتي تأييد حركة النهضة لارتداء النقاب داخل المؤسسات الجامعية استرضاء للجماعات السلفية التي باتت تمارس ضغوطات قوية بل عنيفة على النساء من أجل ارتداء النقاب.
وقد اقتحمت عناصر من السلفيين العام الماضي كلية الآداب بمنوبة وعنفت أساتذة جامعيين وطلبة من أجل فرض النقاب، وشهدت الكلية أعمال عنف مست من حرمتها ووظيفتها العلمية والمعرفية ووصلت إلى حد إقدام أحد العناصر السلفية على "إنزال العلم التونسي وتعويضه بالراية السوداء التي ترمز إلى انتماء طائفي واضح"
غير أن مراد اليعقوبي المكلف بالاتصال بوزارة التعليم العالي قللمن خطورة "ظاهرة النقاب بالجامعات" مشيرا إلى أن عدد المنقبات لا يتجاوز 216 منقبة بمختلف المؤسسات الجامعية وهو عدد محدود مقارنة بالعدد الجملي للطلبة الذي تجاوز هذه السنة 350 الف طالب.
وتعتبر الجماعات السلفية نفسها "المدافع الأول عن النقاب وتطالب بقوة ارتداءه في الجامعات بل تسعى لفرضه على أساس أنه واجب تفرضه الشريعة الإسلامية".
ومن أبرز المدافعين عن النقاب في تونس أمير السلفية الجهادية سيف الله بن حسين الملقب بـ "أبو عياض" الذي كان وراء اقتحام السلفيين للسفارة الأميركية بتونس يوم 14 سبتمبر/أيلول الحالي.
ومنذ وصول حركة النهضة الإسلامية إلى الحكم بعد انتخابات 23 تشرين الأول/أكتوبر 2011، انتشرت ظاهرة ارتداء النقاب بشكل لافت في مجتمع ناضل مصلحوه ومفكروه وسياسيوه مدافعين عن حرية المرأة وقاوموا بشدة نزعات الاستنقاص من مكانة المرأة وحريتها ودورها في الحياة العامة.
وتقول حركات نسوية تونسية إن النهضة تشجع على ارتداء النقاب، غير أنها لا تجاهر بـ"تشجيعها" وتركت "المجاهرة" للجماعات السلفية.
وتبدي منظمات حقوقية ونسائية باستمرار مخاوف من التراجع عن مكاسب المرأة التونسية معتبرة "النقاب" انتكاسة لمشروع الحداثة وحرية المرأة التونسية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات

اخر الاخبار - الأرشيف

المشاركات الشائعة

التسميات

full

footer