الأقسام الرئيسية

حكومة فوتوشوب لابد أن تكره الجرافيتى

. . ليست هناك تعليقات:


آخر تحديث : الجمعة 21 سبتمبر 2012 - 8:30 ص
أسوأ تصريحات 2012 على الإطلاق إعلان وزارة الداخلية على لسان حكمدار العاصمة أنها لا تنتوى الانسحاب من التحرير، فمثل هذا الخطاب لا تجده إلا فى أدبيات الاستعمار، ومدلوله بالغ السوء أن الشرطة تعتبر ميدان التحرير منطقة محتلة، دانت لها بقوة السلاح ولن تتزحزح عنها قيد أنملة، تماما كما تفعل القوى الاستعمارية التوسعية عندما تغزو مكانا وترفع عليه أعلامها وتمارس سيادتها غير المشروعة عليه.

وعلى ضوء هذا التصريح الذى نشرته « الشروق» أمس الأول يمكن فهم «غزوة الجرافيتى» التى نفذت بليل فى شارع محمد محمود تحت رعاية صامتة من الأمن المركزى، الذى تواجد فى المكان أثناء تنفيذ العملية، حتى أتمت القوات المجهولة مهمتها فى إزالة آثار الثورة.

لقد دخل شارع محمد محمود التاريخ على وقع مذابح نفذتها أجهزة الأمن ضد الثوار، سقط خلالها عشرات الشهداء، وفقئت أعين وتقطعت أطراف، بمعرفة الهمجية الأمنية الموغلة فى شراستها.. إنه شارع «جدع يا باشا» حيث مارس الضابط الصغير قناص العيون هوايته المريضة فى النشان على أعين المتظاهرين، وكأنه فى رحلة لاصطياد البط.. وهو شارع ملاحم شهداء الأولتراس، الذى وقف شاهدا على البشاعة والانحطاط والكذب من قبل نظام حكم بالحديد والنار من جانب، وعلى فروسية وتضحيات شبان وشابات آمنوا بهذه الثورة واستبسلوا فى الذود عنها من جانب آخر.

ومن هنا يمكن فهم حالة العداء والغل والكراهية من قبل الشرطة، التى بدلا من أن يهيكلها النظام لتتماشى مع مقتضيات الثورة، يبدو أنها هى التى هيكلت النظام وبرمجته على طريقتها، تجاه هذا الشارع وما يحويه من جداريات تحفظ تاريخ الثورة وتخلده برسومات أبدعها شباب الثورة بالدم والعرق، فسهلت للكائنات الفضائية التى هبطت على المكان مهمتها فى العربدة والمحو والإزالة للتاريخ المدون على الحوائط المشبعة بروائح الغاز والمعشقة بطلقات الخرطوش والرصاص الحى.

لقد جرت أطنان من حبر الكتابة على صفحات الجرائد، تكشف للرأى العام ولمن بيده القرار أن وزير الداخلية الجديد فى حكومة هشام قنديل التعبيرية كان مديرا للأمن العام فى كل المحطات الدامية التى تعرض لها الثوار والمتظاهرون، وتحدث كثيرون عن أن هذا الرجل يحمل كرها استراتيجيا للثورة، عبر عنه فى مواقف كثيرة مباشرة بينه وبين أسر الشهداء والمصابين والمنظمات الحقوقية، غير أن كل ذلك ذهب أدراج الرياح، وجرى التعامل معه باعتباره محاولات لإفساد فرح الإخوان بالوصول إلى قمة الحكم.

ولقد قلت فى هذا المكان، وكتب زملاء كثيرون، إن هذه حكومة الدولة العميقة، وتنتمى لما كان بأكثر بكثير مما تنتمى لما ينبغى أن يكون، وتجسد معنى التصالح مع الماضى، أكثر مما تعبر عن ذهاب إلى المستقبل.. لكن أحدا لم يكن لديه أدنى استعداد للاستماع والتفكير والمناقشة، وكالعادة انطلقت ماكينة التخوين والتخويف، تهاجم المعترضين على حكومة، تضم خليطا عجيبا من رجال مبارك الابن والأب.

إن ما جرى فى شارع محمد محمود مؤخرا جريمة حضارية وثقافية، وبالطبع سياسية، لا تقل بشاعة عن جرائم القتل والسحل والتنكيل التى وقعت فى المكان ذاته.

وما لم تعتذر الدولة فى أعلى مستوياتها عن هذه الهمجية المقيدة ضد مجهول، وتعتذر للمكان قبل الأشخاص، لن يكون هناك تفسير لما جرى إلا بأن نظام الدكتور مرسى يمشى على خط الثورة «بأستيكة».



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات

اخر الاخبار - الأرشيف

المشاركات الشائعة

التسميات

full

footer