|
||||||||||
|
سواء أكنت تتفق مع الرئيس الأميركي باراك أوباما أم لا، فليس هناك شك في
أنه تمكن من صياغة نهج متماسك للجوء الولايات المتحدة للقوة العسكرية، حيث
تنطوي عقيدة أوباما على الدخول في مناطق النزاعات والخروج منها بسرعة من
دون خوض حروب برية أو الاحتلال العسكري الموسع للأراضي، وهي العقيدة التي
أثبتت فعالية كبيرة في الحرب الليبية العام الماضي.
لكن الرئيس أوباما لا يقوم بتطبيق عقيدته الخاصة في الصراع السوري، حيث سيصب استخدام مثل هذا النهج في الصالح الأميركي. ومع ذلك فيمكن للمرء إظهار بعض التعاطف مع المأزق الشديد الذي يواجهه أوباما، فسوريا في حالة شديدة من الفوضى، وهو الأمر الذي يمنعه من التورط فيها، لا سيما في عام الانتخابات الرئاسية الأميركية. بيد أن التقاعس عن اتخاذ خطوات عملية بهذا الصدد ينطوي أيضا على بعض المخاطر، فهناك خمسة أسباب لإسقاط الرئيس السوري بشار الأسد عاجلا وليس آجلا:
أولا.. سوف يقلل التدخل الأميركي في سوريا من النفوذ الإيراني في العالم العربي، حيث أغدقت إيران بالمساعدات على سوريا، لدرجة قيامها بإرسال بعض المستشارين من قوات الحرس الثوري الإيراني لمساعدة الرئيس الأسد. وتدرك إيران جيدا أن سقوط نظام الأسد سوف يعني فقدان القاعدة الأكثر أهمية لها في العالم العربي، وخط مهم لتوصيل الإمدادات إلى مقاتلي حزب الله الموالين لإيران في لبنان.
ثانيا.. قد يؤدي تبني سياسة أميركية أكثر صرامة إلى عدم انتشار رقعة الصراع السوري في المنطقة، بعد أن أدت الحرب الأهلية الدائرة رحاها في سوريا بالفعل إلى تفاقم أحداث الفتنة الطائفية في لبنان والعراق، في الوقت الذي اتهمت فيه الحكومة التركية الأسد بدعم المقاتلين الأكراد من أجل تأجيج التوترات بين الأكراد وتركيا.
ثالثا.. تستطيع أميركا خلق حصن منيع في مواجهة الجماعات المتطرفة، مثل تنظيم القاعدة الذي يوجد على الأرض ويبحث عن ملاذات آمنة في المناطق التي لا تخضع لسيطرة القانون هناك، من خلال تدريب وتسليح الشركاء الذين يمكن الاعتماد عليهم داخل صفوف المعارضة السورية.
رابعا.. تستطيع القيادة الأميركية تحسين العلاقات مع الحلفاء الرئيسيين، مثل تركيا وقطر، في ما يتعلق بالشأن السوري، فقد انتقد رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان ونظيره القطري الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني الولايات المتحدة لقيامها بتقديم الدعم غير المسلح فقط للثوار، بينما يفضل الاثنان فرض منطقة حظر جوي وإقامة مناطق آمنة للمدنيين داخل الأراضي السورية.
وأخيرا.. يمكن للتدخل الأميركي أن يضع حدا للكارثة الإنسانية المروعة التي تشهدها سوريا، ويحول دون استمرار نزوح اللاجئين من سوريا، وهو ما يشكل عبئا على دول الجوار. وقد تعهد أوباما خلال العام الحالي بتعزيز قدرة الحكومة على «التنبؤ بوقوع عمليات العنف الوحشية والإبادة الجماعية ومنعها واتخاذ رد الفعل المناسب تجاهها». أما الآن، فالفرصة مهيأة أمامه للوفاء بهذه الوعود. ويمكن لأوباما أن يتخذ إجراء من دون الانزلاق نحو الحرب البرية من خلال وضع حلفاء الولايات المتحدة في المقدمة.
يرغب أقرب حلفائنا في المنطقة - بما في ذلك المملكة العربية السعودية وتركيا والأردن وقطر وإسرائيل - في مشاهدة سقوط الأسد في أقرب وقت ممكن، فيما يمكن الاعتماد على كل من فرنسا وبريطانيا في تقديم المساعدة مثلما فعلتا في ليبيا. مع ذلك فلن تتحرك أي من هاتين الدولتين إلا إذا تحركت أميركا أولا.
لا يمكننا الانتظار حتى تتحرك الولايات المتحدة، فهذا أمر من غير المرجح حدوثه، فضلا عن أنه لا يمكننا أن نتوقع من الجيش السوري الحر أن يتمكن من الإطاحة بالأسد، حيث إنه لا يعتبر منظمة متماسكة. وبدلا من ذلك، ينبغي على الولايات المتحدة تحديد العناصر الموجودة على الأرض التي تعتبر أكثر أهمية ويسهل توصيلها.
ينبغي أن ينصب التركيز على مدينة حلب، ثاني أكبر المدن السورية من حيث عدد السكان والمركز التجاري المهم في البلاد، حيث يحكم الجيش السوري الحر قبضته بالفعل على الكثير من الأراضي الواقعة بين المدينة والحدود التركية، التي تبعد نحو 40 ميلا فقط. ومع وجود الدعم الأميركي يستطيع الجيش التركي بسهولة إنشاء ممر آمن للمساعدات الإنسانية والإمدادات العسكرية. وسوف تمثل هزيمة القوات الحكومية في مدينة حلب ضربة قاصمة للأسد، وترسل برسالة قوية إلى القوى المدافعة عن الأسد بأن نظامه بات يحتضر.
يجب أن تكون العاصمة السورية دمشق هي الهدف التالي، لكن على العكس من مدينة حلب، لا يمكن الوصول إلى دمشق بسهولة من خلال وجود قاعدة تركية. وعلى الرغم من ذلك، فإنه يمكن توفير الدعم للقوات المتجهة إليها من خلال درعا، التي تبعد 70 ميلا عن دمشق وأقل من 5 أميال عن الحدود الأردنية، فضلا عن أنها كانت من أوائل المدن التي ثارت ضد نظام الأسد. ومن خلال العمل من المملكة الأردنية الهاشمية، تستطيع الولايات المتحدة إنشاء ممر آمن آخر للوصول إلى درعا، والذي من الممكن أن يكون بمثابة القاعدة الجنوبية للثوار. ويوم الأربعاء الماضي، أثبت الثوار قدرتهم على ضرب أهداف في قلب العاصمة دمشق، بعد أن تمكنوا من تفجير مجمع عسكري، على الرغم من أنهم لا يستطيعون القيام بذلك بصورة مستمرة.
وكي يتسنى منع الأسد من الرد بصورة مدمرة، يتوجب على التحالف المدعوم من الولايات المتحدة إنشاء منطقة حظر جوي في مناطق واسعة من سوريا، والتي ستقتضي أولا تدمير الدفاعات الجوية السورية. ويواصل الأسد استخدام الطائرات النفاثة والمروحيات لضرب قوات الثوار، بينما سيؤدي إنشاء منطقة حظر طيران إلى خروج قواته الجوية من المعركة بصورة سريعة. ومن الممكن توسعة نطاق منطقة حظر الطيران لتوفير ذلك النوع من الدعم الجوي الذي وفرته طائرات حلف شمال الأطلنطي لقوات الثوار في كوسوفو وليبيا. وعلى الرغم من أن حلفاءنا يستطيعون المحافظة على منطقة حظر الطيران في سوريا، فإنه من الضروري أن تأخذ الولايات المتحدة زمام المبادرة بإنشاء هذه المنطقة، كما كان الحال في ليبيا، حيث تمتلك القوات الجوية والبحرية الأميركية دون سواها الأسلحة اللازمة لتدمير الدفاعات الجوية الروسية الصنع الموجودة في سوريا، من دون أن يمثل ذلك خطرا كبيرا.
من الممكن اتباع منهج «القيادة من الخلف» في سوريا، حيث إن كل ما يحتاج إليه الرئيس أوباما هو تطبيق هذا المنهج فحسب.
* مايكل دوران هو زميل بارز في معهد بروكينغز.. أما ماكس بوت فهو زميل بارز في مجلس العلاقات الخارجية ومستشار حملة الانتخابات الرئاسية لميت رومني
* خدمة «نيويورك تايمز»
لكن الرئيس أوباما لا يقوم بتطبيق عقيدته الخاصة في الصراع السوري، حيث سيصب استخدام مثل هذا النهج في الصالح الأميركي. ومع ذلك فيمكن للمرء إظهار بعض التعاطف مع المأزق الشديد الذي يواجهه أوباما، فسوريا في حالة شديدة من الفوضى، وهو الأمر الذي يمنعه من التورط فيها، لا سيما في عام الانتخابات الرئاسية الأميركية. بيد أن التقاعس عن اتخاذ خطوات عملية بهذا الصدد ينطوي أيضا على بعض المخاطر، فهناك خمسة أسباب لإسقاط الرئيس السوري بشار الأسد عاجلا وليس آجلا:
أولا.. سوف يقلل التدخل الأميركي في سوريا من النفوذ الإيراني في العالم العربي، حيث أغدقت إيران بالمساعدات على سوريا، لدرجة قيامها بإرسال بعض المستشارين من قوات الحرس الثوري الإيراني لمساعدة الرئيس الأسد. وتدرك إيران جيدا أن سقوط نظام الأسد سوف يعني فقدان القاعدة الأكثر أهمية لها في العالم العربي، وخط مهم لتوصيل الإمدادات إلى مقاتلي حزب الله الموالين لإيران في لبنان.
ثانيا.. قد يؤدي تبني سياسة أميركية أكثر صرامة إلى عدم انتشار رقعة الصراع السوري في المنطقة، بعد أن أدت الحرب الأهلية الدائرة رحاها في سوريا بالفعل إلى تفاقم أحداث الفتنة الطائفية في لبنان والعراق، في الوقت الذي اتهمت فيه الحكومة التركية الأسد بدعم المقاتلين الأكراد من أجل تأجيج التوترات بين الأكراد وتركيا.
ثالثا.. تستطيع أميركا خلق حصن منيع في مواجهة الجماعات المتطرفة، مثل تنظيم القاعدة الذي يوجد على الأرض ويبحث عن ملاذات آمنة في المناطق التي لا تخضع لسيطرة القانون هناك، من خلال تدريب وتسليح الشركاء الذين يمكن الاعتماد عليهم داخل صفوف المعارضة السورية.
رابعا.. تستطيع القيادة الأميركية تحسين العلاقات مع الحلفاء الرئيسيين، مثل تركيا وقطر، في ما يتعلق بالشأن السوري، فقد انتقد رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان ونظيره القطري الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني الولايات المتحدة لقيامها بتقديم الدعم غير المسلح فقط للثوار، بينما يفضل الاثنان فرض منطقة حظر جوي وإقامة مناطق آمنة للمدنيين داخل الأراضي السورية.
وأخيرا.. يمكن للتدخل الأميركي أن يضع حدا للكارثة الإنسانية المروعة التي تشهدها سوريا، ويحول دون استمرار نزوح اللاجئين من سوريا، وهو ما يشكل عبئا على دول الجوار. وقد تعهد أوباما خلال العام الحالي بتعزيز قدرة الحكومة على «التنبؤ بوقوع عمليات العنف الوحشية والإبادة الجماعية ومنعها واتخاذ رد الفعل المناسب تجاهها». أما الآن، فالفرصة مهيأة أمامه للوفاء بهذه الوعود. ويمكن لأوباما أن يتخذ إجراء من دون الانزلاق نحو الحرب البرية من خلال وضع حلفاء الولايات المتحدة في المقدمة.
يرغب أقرب حلفائنا في المنطقة - بما في ذلك المملكة العربية السعودية وتركيا والأردن وقطر وإسرائيل - في مشاهدة سقوط الأسد في أقرب وقت ممكن، فيما يمكن الاعتماد على كل من فرنسا وبريطانيا في تقديم المساعدة مثلما فعلتا في ليبيا. مع ذلك فلن تتحرك أي من هاتين الدولتين إلا إذا تحركت أميركا أولا.
لا يمكننا الانتظار حتى تتحرك الولايات المتحدة، فهذا أمر من غير المرجح حدوثه، فضلا عن أنه لا يمكننا أن نتوقع من الجيش السوري الحر أن يتمكن من الإطاحة بالأسد، حيث إنه لا يعتبر منظمة متماسكة. وبدلا من ذلك، ينبغي على الولايات المتحدة تحديد العناصر الموجودة على الأرض التي تعتبر أكثر أهمية ويسهل توصيلها.
ينبغي أن ينصب التركيز على مدينة حلب، ثاني أكبر المدن السورية من حيث عدد السكان والمركز التجاري المهم في البلاد، حيث يحكم الجيش السوري الحر قبضته بالفعل على الكثير من الأراضي الواقعة بين المدينة والحدود التركية، التي تبعد نحو 40 ميلا فقط. ومع وجود الدعم الأميركي يستطيع الجيش التركي بسهولة إنشاء ممر آمن للمساعدات الإنسانية والإمدادات العسكرية. وسوف تمثل هزيمة القوات الحكومية في مدينة حلب ضربة قاصمة للأسد، وترسل برسالة قوية إلى القوى المدافعة عن الأسد بأن نظامه بات يحتضر.
يجب أن تكون العاصمة السورية دمشق هي الهدف التالي، لكن على العكس من مدينة حلب، لا يمكن الوصول إلى دمشق بسهولة من خلال وجود قاعدة تركية. وعلى الرغم من ذلك، فإنه يمكن توفير الدعم للقوات المتجهة إليها من خلال درعا، التي تبعد 70 ميلا عن دمشق وأقل من 5 أميال عن الحدود الأردنية، فضلا عن أنها كانت من أوائل المدن التي ثارت ضد نظام الأسد. ومن خلال العمل من المملكة الأردنية الهاشمية، تستطيع الولايات المتحدة إنشاء ممر آمن آخر للوصول إلى درعا، والذي من الممكن أن يكون بمثابة القاعدة الجنوبية للثوار. ويوم الأربعاء الماضي، أثبت الثوار قدرتهم على ضرب أهداف في قلب العاصمة دمشق، بعد أن تمكنوا من تفجير مجمع عسكري، على الرغم من أنهم لا يستطيعون القيام بذلك بصورة مستمرة.
وكي يتسنى منع الأسد من الرد بصورة مدمرة، يتوجب على التحالف المدعوم من الولايات المتحدة إنشاء منطقة حظر جوي في مناطق واسعة من سوريا، والتي ستقتضي أولا تدمير الدفاعات الجوية السورية. ويواصل الأسد استخدام الطائرات النفاثة والمروحيات لضرب قوات الثوار، بينما سيؤدي إنشاء منطقة حظر طيران إلى خروج قواته الجوية من المعركة بصورة سريعة. ومن الممكن توسعة نطاق منطقة حظر الطيران لتوفير ذلك النوع من الدعم الجوي الذي وفرته طائرات حلف شمال الأطلنطي لقوات الثوار في كوسوفو وليبيا. وعلى الرغم من أن حلفاءنا يستطيعون المحافظة على منطقة حظر الطيران في سوريا، فإنه من الضروري أن تأخذ الولايات المتحدة زمام المبادرة بإنشاء هذه المنطقة، كما كان الحال في ليبيا، حيث تمتلك القوات الجوية والبحرية الأميركية دون سواها الأسلحة اللازمة لتدمير الدفاعات الجوية الروسية الصنع الموجودة في سوريا، من دون أن يمثل ذلك خطرا كبيرا.
من الممكن اتباع منهج «القيادة من الخلف» في سوريا، حيث إن كل ما يحتاج إليه الرئيس أوباما هو تطبيق هذا المنهج فحسب.
* مايكل دوران هو زميل بارز في معهد بروكينغز.. أما ماكس بوت فهو زميل بارز في مجلس العلاقات الخارجية ومستشار حملة الانتخابات الرئاسية لميت رومني
* خدمة «نيويورك تايمز»
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات