الأقسام الرئيسية

هل الانتخابات هى الحل؟

. . ليست هناك تعليقات:

Fri, 14/10/2011 - 08:05

بدأ فتح باب الترشح للراغبين فى عضوية مجلس الشعب من المنتمين إلى الأحزاب أو من المستقلين. وفى غمرة الانشغال بهذه العملية يجب ألا يغيب عن تفكيرنا أن الانتخابات ما هى إلا وسيلة لترشيد شؤون الحكم وليست هدفا فى حد ذاته لاختبار القدرات بالانتصار على «الآخر» المنافس. لذا علينا أن ننشغل منذ الآن بالبحث عن إجابة واضحة عن سؤال محدد: هل ستشكل الانتخابات القادمة خطوة على طريق الخروج من الأزمة الراهنة، أم أنها على العكس ستزيدها تعقيدا وتفاقما؟
للانتخابات البرلمانية القادمة خصوصية شديدة تجعلها مختلفة تماما عن كل ما سبقها من انتخابات مماثلة، وذلك لأسباب عدة أهمها:
1- أنها تأتى عقب ثورة كبرى أطاحت بالنظام القديم، ويفترض أن تشكل بالتالى لبنة أولى فى الجهود الرامية لبناء النظام الجديد.
2- إن دور البرلمان القادم لن يقتصر على ممارسة وظائفه التقليدية، التشريعية والرقابية، وإنما سيشمل، بالإضافة إلى ذلك، مسألة أساسية وهى اختيار اللجنة التى ستتولى وضع دستور جديد للبلاد.
3- إن مجلس الشعب القادم سيكون أول هيئة منتخبة تظهر على الساحة السياسية أثناء المرحلة الانتقالية، وسيشترك بالتالى مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة فى حكم البلاد خلال ما تبقى من هذه المرحلة.
لكل هذه الأسباب ينبغى العمل على تهيئة الظروف الملائمة كى تفرز الانتخابات القادمة مجلس شعب يعبر بدقة عن طموحات الشعب المصرى فى هذه المرحلة الحساسة. غير أن الواقع يقول إن هذه الانتخابات ستواجه تحديات صعبة ربما تعوق قدرتها على تحقيق هذا الهدف النبيل، منها:
1- ضعف الأجهزة الأمنية وعدم وجود ضمانات تكفل لها الفاعلية والحياد وتوفير الحماية اللازمة للناخبين فى مواجهة أعمال «البلطجة»، والصراعات القبلية والعائلية التى قد تصل أحيانا إلى حد استخدام العنف، ومحاولات شراء أصوات الناخبين بالمال أو تضليلهم باللعب على عواطفهم ومشاعرهم الدينية، وغير ذلك من المحاولات الرامية لإفساد إرادة الناخبين.
2- إن هذه الانتخابات ستجرى فى ظل قانون انتخابى جديد معقد وغير واضح حتى الآن فى أذهان الناخبين، لأنه يجمع لأول مرة بين نظامى التمثيل النسبى والفردى ويعيد تقسيم الدوائر بطريقة مختلفة عما اعتاد عليه الناخبون.
3- إنها ستجرى قبل الانتهاء من استئصال نفوذ نظام قديم بدأ يعود من جديد من خلال أحزاب وتكتلات تحمل مسميات مختلفة.
لكل ما تقدم، ولأسباب أخرى كثيرة ومعقدة، ليس من المستبعد أبدا أن تفرز الانتخابات القادمة برلماناً لا يلبى مطالب وطموحات الشعب المصرى، خاصة مطالب وطموحات القوى السياسية والاجتماعية صاحبة المصلحة فى التغيير، وهو ما سيولد لديها، إن حدث لا قدر الله، إحساساً عاماً بأن الثورة سرقت منها وأن مجلس الشعب القادم سيصبح أداة لتصفيتها بدلا من أن يكون أداة لتثبيت أقدامها. ولأنه ليس من المتوقع أن تستسلم هذه القوى، التى قدمت تضحيات هائلة من أجل إنجاح الثورة، بهذه السهولة، فمن المتوقع أن تشكل الانتخابات القادمة، إذا ما أفرزت برلمانا لا يلبى طموحات الثورة، نقطة انطلاق إلى أزمة جديدة أكثر حدة بدلا من أن تكون وسيلة للخروج من الأزمة الراهنة.
لا أقول هذا الكلام لبث الإحباط، أو للمطالبة بتأجيل الانتخابات، ولكن لحث القوى، التى تريد بناء دولة مدنية حديثة قادرة على بناء نظام ديمقراطى حقيقى يتسع للجميع، على أن تبذل جهدا أكبر لتوحيد صفوفها قبل أن تخوضها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات

اخر الاخبار - الأرشيف

المشاركات الشائعة

التسميات

full

footer