يريد وزراء خارجية دول الاتحاد الأوربي تشديد العقوبات المفروضة على النظام السوري، من خلال وقف استيراد النفظ من سوريا وذلك لمعاقبته على قمعه للاحتجاجات وإلزام الرئيس بشار الأسد بالتراجع والكف عن استخدام العنف الوحشي ضد المحتجين.
وقف استيراد النفظ السوري يمكن أن يشكل ضغطاً على دمشق، إذ أن الاتحاد الأوربي يستورد نحو 90% من النفط السوري، والمانيا لوحدها استوردت العام الماضي 32% منه. وتشكل عائدات النفط نحو 30% من ايرادات الخزينة العامة في سوريا. وبالنسبة لأوربا تعتبر سوريا مورداً غير ذي أهمية، وبالتالي فإن وقف استيراد نفطها لن يؤثر على مخزون الدول الأوربية، حتى وإن لم تجد بديلاً للنفط السوري. ولكن ليبيا متوقفة عملياً عن تصدير النفط منذ ستة أشهر، وكذلك العقوبات التي كانت مفروضة على العراق واستيراد النفط منه إبان حكم صدام حسين، لم تؤد إلى مرونة وتراجع نظامي القذافي وصدام عن مواقفهما.
هذا ويأتي تشديد العقوبات الأوربية على سوريا بعد أيام من سقوط القذافي، الذي كان لغارات طائرات حلف الناتو دوراً بارزاً فيه. ولكن رغم نجاح سير عمليات الناتو، فإن دول الحلف والاتحاد الأوربي لا تريد ان تكرر تجربة تدخلها العسكري في الأزمة الليبية. حتى الولايات المتحدة لا ترغب في تدخل عسكري في سوريا، خاصة وأنها تسعى إلى سحب الجزء الأكبر من قواتها من العراق وأفغانستان، ولا تريد خوض مغامرة عسكرية جديدة.
تشعب علاقات سوريا يزيد أزمتها تعقيداً
استخدام الجيش في قمع الاحتجاجات المستمرة في سوريا منذ شهر مارس / أذار
والموقف الغربي من التدخل العسكري في سوريا، يعود بالدرجة الأولى إلى تعقيدات الأزمة السورية. فبالمقارنة مع ليبيا التي يبلغ عدد سكانها ستة ملايين، يبلغ عدد سكان سوريا 23 مليون نسمة، كما أنه بسقوط النظام أو باتساع رقعة الاحتجاجات وزيادة حدة العنف، لن يقتصر تأثير ذلك على سوريا فقط، وإنما سينعكس على دول الجوار وكل منطقة الشرق الأوسط. وبما أن أوروبا والدول الأخرى لم تستطع حتى الآن حل مشكلة الشرق الأوسط وإحلال السلام فيه، من الطبيعي أن تتجنب التورط في خلاف وأزمة جديدة في المنطقة.
هذا علاوة على تشعب علاقات سوريا ومشاكلها في المنطقة، إذ تعتبر خصماً تقليديا لاسرائيل رغم جولات المفاوضات المتعددة التي انتهت بالفشل، كما أن سوريا تحتضن قيادات الفصائل الفلسطينية المتشددة مثل حماس والجهاد. بالاضافة إلى علاقات مع الأطراف اللبنانية وخاصة حزب الله وتأثيرها على الوضع في لبنان. كما تعتبر سوريا الدولة العربية الوحيدة التي لها علاقات عميقة واستراتيجية مع ايران.
وصحيح أن حزب البعث ونظام صدام حسين في العراق الذي كان خصماً للبعث والنظام السوري قد سقط، إلا أن دمشق مازالت تتأثر بتطورات الوضع في العراق خاصة مع وجود مئات آلاف اللاجئين العراقيين في سوريا. كما أن علاقة النظام السوري مع السعودية ودول الخليج الأخرى تمر الآن بأزمة شديدة. وهناك مراقبون يحذرون من الانتقام والاقتتال الطائفي أيضاً في حال سقوط نظام الأسد.
لهذه الأسباب والتعقيدات يصعب على الاتحاد الأوربي والولايات المتحدة التحرك لوقف حمام الدم في سوريا، وخشية من توسع رقعة التوتر والأزمة يتم تجنب خيار التدخل العسكري. ولكن العقوبات وعدم استيراد النفظ السوري لوحده لن يكفي ولن يجبر النظام السوري على تغيير سلوكه وتعامله مع الاحتجاجات والأزمة التي تمر بها البلاد.
عارف جابو/ بيتر فيليب
مراجعة: حسن زنيند
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات