الأقسام الرئيسية

ليس نفاقاً للجيش

. . ليست هناك تعليقات:


بقلم سليمان جودة ٥/ ٦/ ٢٠١١

كنا، ولانزال، نلاحظ وجود لوحات صغيرة على عدد من المبانى المتناثرة فى أنحاء العاصمة، وكانت كل لوحة تحمل عبارة قصيرة واحدة تقول: «ممنوع الاقتراب أو التصوير».

ومفهوم ضمناً، بالطبع، أن كل مبنى منها تابع للقوات المسلحة، وكنا، ولانزال أيضاً، نتفهم المبررات القوية التى تدعونا إلى الابتعاد عن هذه المبانى أو المعسكرات، وعدم الاقتراب منها، وتجنب تصويرها!

ولابد أن كل واحد بيننا سوف يتبين له، فى هذه اللحظة، أن مثل هذه العبارة التقليدية، التى كانت توضع على جدار معسكر هنا، أو باب مخزن هناك، أحق الآن بأن تكون معلقة على جبين القوات المسلحة كلها، ككيان واحد كبير، بحكم حجم العبء الذى يقع على كاهلها، منذ أن تخلى الرئيس السابق عن منصب رئيس الجمهورية، فى ١١ فبراير الماضى.

القوات المسلحة، فى وقتنا الحالى، هى العمود الفقرى، بالمعنى الحرفى، لهذا البلد، وهى حائط الصد الأخير بالنسبة لنا، وهى خلاصنا الوحيد، وهى.. وهى.. إلى آخر هذه المعانى التى من هذا النوع، وبالتالى فنحن مدعوون إلى مناصرتها بكل قوة، والوقوف إلى جوارها كاملاً، فى كل موقف، وأكاد أقول إننا يجب أن نناصرها، ليس فقط بالحق، وإنما كذلك بالباطل، إذا كان هناك باطل يمكن أن يعترض طريقنا فى اتجاه الوقوف بجانبها، لا لشىء إلا لأننا بدونها، لا قدر الله، لن نجد حائطاً قوياً نرتكن عليه!

وإذا كانت المطالب الفئوية التى تنطلق كل يوم فى مكان، من أجل تحسين مستوى دخل فئة هنا، أو رفع أجور طبقة هناك، تشبه موجات البحر التى تضرب الشاطئ فتنحره، يوماً بعد يوم، فإنها إذا وصلت إلى ما يمكن أن يؤثر على القوات المسلحة فيجب أن تتوقف على الفور، وتنتبه، وتأخذ حذرها، لأن النحر إذا كان جائزاً فى أى شاطئ فى مجتمعنا، فإنه لا يجوز مطلقاً فى أى شاطئ يستند إليه الجيش!

وبطبيعة الحال، فإن هناك فارقاً بين المجلس الأعلى للقوات المسلحة، والقوات المسلحة ذاتها، فالأول وجد نفسه فجأة فى عمق الأحداث، وأصبح عليه منذ ١١ فبراير أن يدير، وأن يحكم، وأن يصبر، وأن يطيل البال إلى حدود معينة، وأن يكون مرناً، وأن يتقبل النقد لأعضائه، وأن يستجيب لمطالب المصريين الموضوعية.. أما القوات المسلحة فهى بعيدة عن ذلك كله، وهى تتمتع بمكانة خاصة جداً، فى وجدان كل مصرى، وهى كانت، ولاتزال، الحصن الذى نحن على يقين من قدرته الكاملة على حماية البلد وتأمينه فى كل الأوقات وكل الظروف.

ولذلك كله، فإن كل واحد فينا مدعو إلى أن يتصرف بأكبر قدر ممكن من الإحساس بالمسؤولية، إذا كان طرفاً فى أى تعامل مع قواتنا المسلحة، أو لم يكن طرفاً، ومدعو أيضاً إلى أن يقدم ضميره الوطنى، فى حالة كهذه، على كل شىء آخر، وهو يتطلع إلى جيش بلده.

لا نقول هذا الكلام، على سبيل النفاق للمؤسسة العسكرية، كما قد يحاول البعض أن يفعل الآن، وإنما نقوله لأنه ضرورة، ولابد أن أى نفاق فى هذا السياق سوف يفسد هذه الضرورة، وسوف يهينها، وسوف يسىء إليها.

مدعوون جميعاً لمناصرة مؤسستنا العسكرية، بالحق وبالباطل أيضاً، إلى أن نعبر هذه المرحلة الانتقالية الصعبة بأمان، ويكون عندنا دستور محترم وبرلمان منتخب ورئيس منتخب، وعندها فقط يمكن أن يكون لنا حديث آخر فى هذه القضية!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات

اخر الاخبار - الأرشيف

المشاركات الشائعة

التسميات

full

footer