الأقسام الرئيسية

الوطنيون الديمقراطيون: تونس متنوعة لا يمكن أن يختزلها حزب

. . ليست هناك تعليقات:


شكري بلعيد يرصد غيابا للحوار الوطني الشامل في تونس، معتبرا ان حركة النهضة 'تقوم على الرجعية وتحمل مشروعا استبداديا'.

ميدل ايست أونلاين


تونس - من منور مليتي (مقابلة)


'راديكاليون ومنفتحون في آن معا'

قال شكري بلعيد، المنسق العام والناطق الرسمي لحركة الوطنيين الديمقراطيين التونسية ان تونس "بلد متعدد ومتنوع ومنفتح ولا يمكن ان يختزله حزب"، مشددا على غياب للحوار الوطني الشامل بين جميع القوى الفاعلة، وحالة عدم وضوح في المسار السياسي.

ولفت بلعيد في مقابلة إلى "حضور غريب للمال السياسي" يرافقه غياب للمراقبة والمحاسبة، ورأى ان ذلك "يشكل تشويها للمشهد السياسي وسرقة لإرادة الشعب".

وعن حركة النهضة الإسلامية، اعتبر بلعيد انها "حركة رجعية ومن أقطاب الثورة المضادة تأسيسا على كونها تحمل مشروعا استبداديا يناقض المشروع التاريخي لحركتنا".

وحركة الوطنيين الديمقراطيين هي حزب يساري تونسي معروف في الأوساط السياسية اختصارا بـ"الوطد" نشأت منذ السبعينات في أوج صعود التيارات اليسارية والعلمانية والاشتراكية وعارضت بشدة نظامي الحبيب بورقيبة وزين العبدين بن علي غير أنها لم تحصل على الترخيص القانوني إلا بعد ثورة 14 يناير/كانون الثاني التي أطاحت بنظام الرئيس بن علي.

وتنشط "الوطد" في مفاصل حساسة من المجتمع التونسي خاصة في الجامعات وفي الاتحاد العام التونسي للشغل، واحتكرت إلى جانب تيارات يسارية أخرى فضاءات الجامعة التونسية طيلة السبعينات وبداية الثمانينات من القرن الماضي.

وفي بداية الثمانينات (1982) شهدت الجامعة التونسية أعمال عنف دموية بين حركات اليسار التونسي وحركة الاتجاه الإسلامي (النهضة حاليا) بعد أن قرر الإسلاميون فرض حضورهم السياسي في المجتمع.

سياسيا يصنف "الوطد" ضمن يسار اليسار لكن تجربته خلال نظامي بورقيبة وبن علي مكنته من نضج سياسي عميق حتى أنه أصبح يضم "وطديين حجاج" و"وطديات متحجبات" وهو أمر ملفت للانتباه بالنسبة لتاريخ اليسار التونسي.

وفيما يلي أبرز المحاور التي تناولها المنسق العام والناطق الرسمي لحركة الوطنيين الديمقراطيين في تونس.

غياب للحوار الشامل وتغييب للقوى السياسية

يتميز الوضع الراهن بالعديد من المظاهر ، أولها عدم وضوح المسار السياسي وذلك بحصره في انتخابات 23 أكتوبر/تشرين الأول دون البحث في شروط العملية الانتخابية وإطارها العام حيث نلاحظ حضورا غريبا للمال السياسي لدى بعض الأحزاب ليقابله غياب كلي للمراقبة وللمحاسبة، وهو ما يشكل تشويها للمشهد السياسي وسرقة لإرادة الشعب.

كما نلاحظ مواصلة الإعلام العمومي خاصة لما تربى عليه من تغييب لقوى سياسية ولأنشطتها في مقابل إبراز قوى سياسية أخرى وتغطية تفصيلية لأنشطتها في محاولة لفرض مشهد سياسي على القياس مغاير للحقيقة وللواقع.

كما نلاحظ أن محاسبة من تورط في قتل شهدائنا وتعذيب المناضلين والنشطاء ومن عبث بالمال العام لا تتم حسب المطلوب وتسير ببطء شديد بما يثير الشك والريبة.

كما يتسم الوضع بغياب الحوار الوطني الشامل بين كل الفاعلين السياسيين والاجتماعيين والاقتصاديين مع الحكومة المؤقتة بما يسهل إدارة المرحلة الانتقالية وإيصال البلاد إلى الانتخابات، حيث يتم انتقال السلطة بشكل سلس ، ديمقراطي، مدني ويليق بثورة تونس.

يضاف إلى ذلك كله أن الملف الاقتصادي والاجتماعي لم يطرح بعد بشكل جدي بين الفاعلين الحقيقيين مما ساهم في حالة الإرباك التي تعيشها البلاد.

هذه هي السمات العامة للوضع الراهن على الرغم من التقدم الكبير الذي أحرزته قوى الثورة منذ الإطاحة بالدكتاتور إلى الآن مرورا بحل التجمع الدستوري الديمقراطي والهيئات الصورية وفرض انتخاب مجلس تأسيسي وما أفرزته حركة شعبنا وقواه الحية من أشكال تنظيم ونضال عديدة ومتنوعة.

إذن، هناك مكاسب ومنجزات إيجابية تحققت بفضل الشعب وهناك محاولات من قوى الثورة المضادة للالتفاف على تلك المكاسب وعلى الثورة نفسها، هو صراع إرادات يشهد أوجه في انتخابات المجلس التأسيسي.

ثالوث الثورة المضادة

قوى الثورة المضادة هي كل القوى التي كانت مستفيدة من نظام الاستبداد والفساد النوفمبري وأساسا بقايا التجمع الدستوري الديمقراطي وعصابات الفساد المالي وبعض الدوائر الأمنية ، هذا الثالوث الذي شكل أساس الطبيعة الدكتاتورية لبن علي وهو ثالوث يتواصل بتعبيرات مختلفة لكن بجوهر واحد.

ولقد تعززت قوى الثورة المضادة بقوى الردة المدعومة من البترودلار. إذن قوى الثورة المضادة هي كل القوى المعادية لبناء تونس الجديدة وبناء الديمقراطية الاجتماعية القائمة على أساس مدنية الدولة والفرد والمساواة التامة والمتجذرة في هويتنا العربية الإسلامية بأفق تنويري تقدمي.

انتماء عربي إسلامي

لقد كانت حركة الوطنيين الديمقراطيين منذ نشأتها في أواسط السبعينيات من القرن الماضي من أول المنحازين والمدافعين عن انتماء تونس لأمتها العربية وتجذرها في فضائها العريق الإسلامي مؤكدة على أن الهوية بقدر ما هي تجذر في الثقافة الجامعة للأمة بعنصريها العروبة والإسلام بقدر انحيازها وإعلائها للأسس والجوانب التنويرية التقدمية في هذا الموروث العظيم.

كما أن الحركة فهمت وتفهم الهوية باعتبارها مشروعا متجددا ومفتوحا على المستقبل ليساهم كل جيل في بلورته والإضافة عليه فالهوية مفهوم ديناميكي وبنيان متصاعد له روافد عديدة ومقومات أساسية ثلاث:

أولها العروبة بالمعنى الحضاري، حيث أن تونس جزء من الوطن العربي وشعبها جزء من الأمة العربية التي تشكل الفضاء التاريخي الحقيقي لتطورها وتقدمها واستكمال إنجاز مهام الثورة خاصة في بعدها الوطني.

ثانيا، الإسلام التنويري التحرري حضاريا الذي يقطع مع السائد ومع ثقافة الاستبداد المرافق له والذي يحتضن التعدد والاختلاف والتنوع داخله، ذلك أن إسلام شعب تونس كان إسلام التنوير والتحرير بلورت ملامحه إسهامات رموز أجلاء بدءا بالإمام سحنون ومرورا بابن عرفة المرغني الذي حرم العبودية وصولا إلى العلامة محمد الطاهر بن عاشور والطاهر الحداد وحسين لخضير وكوكبة من المصلحين الأفذاذ الذين قطعوا مع ثقافة النقل والتقليد ودفعوا حركة العقل والتجديد.

ثالثها ، انخراط تونس وشعبها في المنجز الحداثي للإنسانية التقدمية حيث كان شعبنا ونخبه سباقين إلى الانخراط ، تأثيرا وتأثرا، في القيم الكونية للحداثة القائمة على مركزية مدنية الإنسان ومنظومة حقوقه الأساسية واعتماد الديمقراطية قيما ومضمونا وآليات في إدارة الاختلاف داخل المجتمع واعتبار الحرية أساسا لمعنى الوجود الإنساني وأن الشعب مصدر الشرعية والمساواة عنوان التحضر والانتماء للعصر.

إذن، فهوية شعبنا هي مقومات مكوناتها الثلاث المركزية هي عروبية وإسلامية وانخراط في الحداثة.

اختلاف جوهري مع حركة النهضة

أولا الإسلام بالنسبة إلينا عنصر جامع ومشاع مشترك بين كل التونسيات والتونسيين في حين أن حركة النهضة وكل الأحزاب المتسترة بالدين تسعى لخوصصته واحتكاره وتقسيم التونسيين على أساسه. إنه عنصر وحدة بالنسبة لنا وعنصر تفريق بالنسبة لهم.

إن حركة الوطنيين الديمقراطيين مع فصل الدين عن السياسة، باعتبار أن السياسة نسبية والدين مطلق، وهي مع تحرير الدين من التوظيف الحزبي السياسي ومع أن تتحمل الدولة وحدها دون غيرها رعاية دور العبادة والقائمين عليها واعتبارهم موظفين عموميين محمول عليهم واجب الحياد تجاه كل الفرقاء السياسيين لأن المساجد ملك عام أقيمت لعبادة الله الواحد الأحد وليس لعبادة حزب من الأحزاب.

ثانيا، نحن نرى أن مدنية الدولة والإنسان تشترط إخراج المقدس من الصراع السياسي لأن السياسة فعل بشري نسبي مرجعيته أفكار الناس ورؤاهم وحقله الصراع الاجتماعي وأطرافه فئات وطبقات.

إذن، لا يمكن أن يدمج المطلق والمقدس والعام في النسبي في حين أن حركة النهضة تسعى إلى إلباس السياسة والصراع السياسي، وهو نسبي وبشري، لباسا دينيا غير بشري إطلاقا.

ثالثا، الإسلام بالنسبة إلينا به مستويات ثلاث ، النص المقدس وما أنتجه الفقهاء والمفكرون والمسار التاريخي أي الحضارة المجسدة لذلك الإنتاج، وهي مستويات مختلفة لكل وضعه وشرطه وممكنات قراءاته في حين أن النهضة وكل الأحزاب المتسترة بالدين تسعى إلى خلق وهم يفيد تداخل وتساوي تلك المستويات الثلاث بحيث تعمل على إبراز أن خطابها البشري متطابق مع الخطاب الإلهي بالاستناد إلى النص المقدس، لذلك فإن قراءاتنا وموقفنا يختلف جوهريا على قراءة وموقف هذا النوع من الأحزاب المتسترة بالدين، هو الاختلاف بين مشروعين مجتمعيين متناقضين أحدهما يقوم على أن مصدر الشرعية والسيادة هو الشعب المعبر عنه في الجمهورية الديمقراطية والآخر يرى أن مصدر الشرعية والسيادة في الغيب والمعبر عنه في دولة استبدادية ثيوقراطية.

"إخوة وأخوات" في صفوف "الوطد"

طبعا لنا العديد من المناضلات والمناضلين الذين يواظبون على أداء فرائضهم ، ولنا في الحركة العشرات الذين أدوا فريضة الحج كما لدينا في الحركة عديد المناضلات المتحجبات، لكن في تقديري السؤال لا يطرح هكذا لأننا حزب سياسي والانتماء له يتم على أساس تبني برنامجه السياسي وبدائله ومقترحاته، في حين أن المعتقد يظل مسألة فردية تتعلق بضمير كل شخص ولا يجوز مطلقا لكائن من يكون أن يتدخل فيها بما في ذلك الدولة لأن حرية المعتقد والضمير هي أساس الحريات الأساسية الواجب احترامها من طرف الجميع مهما كانت وكيفما عبر عنها ما لم تشكل اعتداء على النظام العام، لذلك فإن حركتنا لا تنظر في معتقدات من ينضمون إليها.

حركة رجعية اسمها النهضة

كنا واضحين في العلاقة والموقف من حركة النهضة حيث أننا نعتبرها حركة رجعية ومن أقطاب الثورة المضادة تأسيسا على كونها تحمل مشروعا استبداديا يناقض المشروع التاريخي لحركتنا ويتجلى ذلك في مسائل ثلاث:

أولها، حركة النهضة تعتمد شرعية غيبية نقيضة للشرعية الشعبية المتجددة وتؤسس مشروعها على هوية أحادية للمجتمع والدولة وترى نفسها المعبر عن المقدس في السياسة.

ثانيها، حركة النهضة تعتمد على ازدواجية الخطاب حيث تسوق داخل قواعدها وفي أدبياتها أن الحاكمية لله وأن المجتمع هو مجتمع جاهلي وجب أسلمته وأن الديمقراطية مجرد آلية وأن المرحلة هي مرحلة صلح بين الجماعة المسلمة ممثلة في النهضة والمجتمع الجاهلي ممثلا في بقية الأطياف كما صرح بذلك الصادق شورو في كلمته أمام جماعة السلفية الجهادية خلال مؤتمرها في سكرة حيث اعتبر المرحلة الحالية التي تمر بها تونس هي مرحلة صلح الحديبية، في حين أن خطاب حركة النهضة المعلن والمروج للعموم يقوم على القبول بالديمقراطية والتعددية واحترام حقوق الإنسان وحقوق المرأة.

إذن، ازدواجية الخطاب تؤسس للتناقض بين الديمقراطية والاستبداد ذلك أن المشروع الديمقراطي يتطلب خطابا واضحا شفافا.

ثالثها، علاقة حركة النهضة بالقوى الدولية وأساسا الاستعمارية حيث لاحظ الجميع هرولة قيادة هذه الحركة نحو "الشيطان الأكبر" الولايات المتحدة "لطمأنتها" وضمان مصالحها والتعاون البناء معها بعد أن كانت العدو الأكبر في خطاب الدعاية الديماغوجي للنهضة، وهو نفس الشيء بخصوص علاقتهم بوزارة الخارجية الفرنسية، بل وفي الوشائج المتينة التي تربطها مع أنظمة البترودولار الخليجية.

إذن، الخلاف هو جوهري يتعلق بالقضية الوطنية ويتعلق بالقضية الديمقراطية وبالنمط المجتمعي المطروح على تونس الجديدة.

راديكاليون في الدفاع عن الشعب، منفتحون على المجتمع

المتتبع لما أصدرناه من بيانات وما عقدناه من عشرات الاجتماعات الشعبية يقف على حقيقة خطابنا، نحن راديكاليون في الدفاع عن شعبنا ضد الدكتاتورية وبقاياها، ومنفتحون على كل الفئات والشرائح والطبقات التي تضررت من الدكتاتورية.

أما في ما يتعلق بالاستقرار وعودة الإنتاج فقد كنا من الأوائل الذين دعوا إلى حماية مؤسسات الإنتاج والمؤسسات العمومية والمؤسسات التربوية من عبث المخربين واعتبرنا ذلك مهمة وطنية.

إن دفع العملية الإنتاجية وخلق مناخ إيجابي يتطلب توفير أقصى شروط الاستقرار، والاستقرار يتطلب توفر الأمن، والأمن في منظورنا يعني سياسة أمنية قوامها خدمة الوطن واحترام المواطن وتثبيت علوية الدستور وعدم الخضوع للتعليمات المخالفة للقانون والتسريع في محاكمة الذين أجرموا في حق هذا الشعب، وتثبيت استقلالية القضاء السيد الضامن الحقيقي والوحيد للاستقرار.

إن في توفير ذلك كله رسالة قوية لكل أبناء الشعب عامة ولرجال الأعمال منهم خاصة الذين حررتهم الثورة من تسلط المافيا حتى ينخرطوا في مسار ثورة شعبهم ويساهمون في بناء اقتصاد وطني يضمن التشغيل الفعال والتوازن الجهوي.

دور الأحزاب

هذه مسؤولية كل الفاعلين السياسيين والاقتصاديين والاجتماعيين والحكومة المؤقتة وكذلك الإعلام، مسؤولية خلق شروط الاستقرار مهمة ملقاة على عاتق الجميع، وعدم الاستقرار يستهدف بالأساس عملية الانتقال الديمقراطي، لذلك فمن مصلحة الأحزاب الجادة والساعية لإنجاز الانتخابات في موعدها وفي مناخ سليم وبمشاركة شعبية واسعة توفير كل الظروف اللازمة للاستقرار والطمأنينة.

الحكومة المؤقتة في ارتباك

هذه الحكومة عرفت ارتباكا كبيرا في أدائها حيث لاحظنا أنها لم تقف على حقيقة دورها ولا على طبيعتها، إذ هي حكومة مؤقتة لا شرعية لها إلا شرعية التوافق السياسي، والتوافق السياسي لا يتأتى إلا بالحوار والتشاور مع كل الأحزاب والفعاليات في حين أن ما نراه هو أن هذه الحكومة لم تدخل في حوار جدي إلى حد الآن، ولم تستوعب دورها وطبيعتها، إضافة إلى نزعة التسلط والإنفراد وهو ما سبب الكثير من التوترات المجانية زاده بطء أدائها في العديد من الملفات الحساسة وتناقض تصريحاتها في شأن الملفات الأخرى ارتباكا وهشاشة.

14 يناير.. مسار ثوري مترابط

إن ثورة 14 يناير في تقديرنا هي مسار ثوري مفتوح عرف ويعرف حلقات عدة رافعته الأساسية مسألة الديمقراطية في مواجهة الاستبداد والدكتاتورية، وعمقه اجتماعي يقوم على العدالة الاجتماعية والتوازن الجهوي والتشغيل في مواجهة الحيف والفساد، وأفقه الإستراتيجي المسألة الوطنية بتحرير القرار السياسي الوطني من سيطرة وهيمنة الدوائر الأجنبية.

وهو مسار ثوري جمع ويجمع كل طبقات الشعب المضطهدة من عمال وفلاحين فقراء وصغار ومتوسطين وموظفين وعموم الأجراء والمعطلين عن العمل ومهمشي الريف والمدينة ورجال الأعمال الوطنيين ، كل هؤلاء نساء ورجالا هم في قطب الثورة وقواها ولهم مصلحة في تطويرها وتجذيرها والانتقال بها من طور الإطاحة بالدكتاتور إلى طور استكمال تفكيك الدكتاتورية منظومة وأجهزة وشخوصا.

إذن، هي مسار ثوري مترابط الحلقات وبأفق يرتبط أشد الارتباط بالإطار الإقليمي القومي وبما يفرضه من موازين القوى.

مخاطر تهدد عملية الانتقال الديمقراطي

هناك مخاطر داخلية وخارجية، فبقايا النظام القديم مازالت حاضرة في العديد من مفاصل الدولة والإدارة والإعلام، كما أن القوى ذات مشاريع الاستبداد والمدعومة بالمال السياسي الداخلي والخارجي لها حضور وتأثير.

يضاف إلى ذلك كله، فإن قوى دولية عديدة والكيان الصهيوني والعديد من أنظمة الاستبداد والفساد في الوطن العربي القريبة والبعيدة كلها لها مصلحة في ضرب الثورة في تونس والالتفاف على إرادة الشعب، رغم سعيها الظاهر إلى إبداء عطفها وتعاطفها مع ثورة شعب تونس بعد أن كانت ولسنوات طوال السند الرئيسي لنظام بن علي، وهي تحاول الآن بعد أن فاجأتها الثورة احتواءها وتخريبها من الداخل، لذلك فإن الحذر واليقظة الآن مطلوبة أكثر مما سبق ولأن البناء أصعب من الهدم.

خطوات توحيد التيار الوطني الديمقراطي

قطعت أشواطا هامة لكن رصينة وهادئة حيث قطعنا خطوات في توحيد المواقف السياسية من مستجدات الواقع الراهن، وتوحيد المواقف في ما يتعلق بالمرحلة القادمة ومن استحقاقاتها، والمسألة تتطلب المرحلية والعقلنة في إنجاز هكذا مهمة.

القطب الديمقراطي الحداثي: جبهة انتخابية أم التقاء فكري وسياسي؟

مازال النقاش حول هذه المسألة مستمرا، مع التأكيد على أن الأساس في هذا التمشي هو ضرورة خلق جبهة ديمقراطية واسعة ذات علاقة بانتخابات المجلس التأسيسي، إذن هو التقاء انتخابي وليس تحالفا سياسيا فكريا فالجميع يعرف أن مرجعيتنا الفكرية وخطنا السياسي ذو طبيعة يسارية جذرية.

وبخصوص القطب الديمقراطي الحداثي يهمني التأكيد على أنه بصدد النقاش والحوار والبلورة، ولم ترتسم ملامحه النهائية بعد.

سقف عال من المطالب

هذا شرف لا ندعيه وتهمة لا نردها، ساهمنا ونساهم في تجذير المسار الثوري ودفعه إلى الأمام مع كل قوى الحرية والتقدم، ولن نقبل بأن يقف المسار الثوري عند بعض الإصلاحات أو بعض الترميمات.

لا صلاحية لدستور 59

لا يمكن لدستور عام 1959 الذي شكل الأساس القانوني للحكم الفردي والدكتاتورية أن يكون صالحا الآن، ويظهر أن بعض الذين طرحوا تعديله لم يستوعبوا بعد أنهم إزاء ثورة تتطلب تأسيس نظام سياسي جديد ينبثق عن مجلس له قوة التأسيس يستند إلى إرادة وسيادة شعبيتين وعليه يكرس دستور ديمقراطي جديد.

أسس النظام السياسي

نحن في حركة الوطنيين الديمقراطيين نرى أن النظام السياسي القادم يجب أن يتأسس على:

ـ احتكار البرلمان لسلطة التشريع،

ـ الحكومة تتشكل من الأغلبية البرلمانية وتكون مسؤولة أمام البرلمان،

ـ انتخاب رئيس الدولة مباشر من طرف الشعب مع حصر سلطاته في السياسة الخارجية بالاشتراك مع الحكومة ورئاسته للقوات المسلحة ضمانا لوحدة الدولة وتواصلها،

ـ سلطة قضائية مستقلة تقوم على قانون أساسي يكرس استقلالية القضاء طبقا للمعايير الدولية، يحميه مجلس أعلى للقضاء يكون منتخبا من طرف القضاة.

ـ محكمة دستورية للنظر في دستورية القوانين يمكن اللجوء إليها حتى من الأفراد.

ـ مجالس ممثلة لكل مكونات المجتمع المدني وذوي الاختصاص لها طبيعة استشارية ملزمة (مجلس أعلى للتنمية الجهوية، مجلس أعلى للتشغيل).

إضافة إلى ديمقراطية محلية أساسها مجالس جهوية منتخبة من طرف سكان كل ولاية ولها موازنات مالية مستقلة، ومجالس محلية منتخبة في كل معتمدية ولها موازنات فرعية.

الفصل 15 من المرسوم المعروف والاجتثاث

أولا الفصل 15 لا علاقة له بالاجتثاث حيث أنه استبعد كل من تحمل مسؤولية في التجمع المنحل الذي لم يكن حزبا بل كان أداة للدكتاتورية والفساد، ثم إن هذا الاستبعاد مؤقت يرتبط بانتخابات المجلس التأسيسي وهو إجراء وقائي لحماية المسار الثوري عرفته كل الثورات.

أما في ما يتعلق بالاجتثاث، فنحن ضد هذه المقولة أصلا ، فقد طالبنا ونطالب بالمحاسبة والمصارحة والمصالحة، ذلك أن كل من لم يتورط في القتل والتعذيب وفي الاستيلاء على المال العام عليه أن يعترف بمسؤوليته السياسية وأن يعتذر للشعب، وهي تجربة عرفتها جنوب إفريقيا والمغرب وساهمت في إرساء ثقافة جديدة تقطع مع الاستبداد والإلغاء والاحتراب.

العلاقة مع حزب العمال الشيوعي التونسي

هي علاقة جيدة، فيها إلتقاءات وتفرقات، وأساسها الاحترام والحوار، ونسعى إلى تطوير هذه العلاقة بتنمية وتوسيع المشترك والتغلب على نقاط الإختلاف خاصة وأن ما يجمعنا كثير تعززه علاقات صداقة متينة بين مناضلي الطرفين.

حضور عميق واتساع في القاعدة الشعبية

للوقوف على حقيقة الأمر وجب تغطية اجتماعاتنا الشعبية التي نظمناها في العديد من ولايات البلاد ومدنها (قفصة، جندوبة، باجة، سوسة صفاقس، جرجيس، القيروان، سليانة، الرديف) للتأكد من حجم ومستوى التفاعل مع خطاب الحركة، ولعل انتشار الحركة لتغطي كل معتمديات البلاد وولاياتها وفي وقت قياسي وبدون مال سياسي لخير دليل على عمق حضورنا واتساع قاعدتنا.

برنامج انتخابي في طور الإعداد

بصدد البلورة النهائية من طرف مجموعة من مناضلي الحركة المتخصصين في شتى المجالات.وسيصدر في كراس قريبا.

الرهان على صندوق الاقتراع

بالنسبة إلينا الديمقراطية ليست آلية للوصول للحكم بل هي منظومة قيم ومحتوى والانتخابات هي أداة الديمقراطية في تجديد الشرعية، وكل شرعية لا تستند للانتخابات الحرة الشفافة هي شرعية زائفة تؤسس للاستبداد مهما كانت دوافعها وخلفياتها، لذلك تمسكنا بانتخابات المجلس التأسيسي، ولذلك تمسكنا بالتمثيل النسبي حتى لا يحتكر حزب أو تحالف حزبي المؤسسات الدستورية، ولذلك أيضا أكدنا على ضرورة التوافق حول عقد جمهوري تأسيسي يشكل إطارا جامعا ومشتركا تلتزم به كل أطراف المشهد السياسي التونسي وإحدى أسسه المفصلية هو التداول السلمي على السلطة عبر انتخابات حرة شفافة وتعددية.

نحن سنحترم نتائج صندوق الانتخاب كيفما كانت وندعو غيرنا لأن يحترمها أيضا.

الرقم الصعب في عملية الانتقال الديمقراطي

في تقديري الرقم الصعب في المسار الديمقراطي هو نفسه الرقم الصعب في معادلة الثورة واقصد طبعا الاتحاد العام التونسي للشغل، هذه المنظمة التي لعبت دورا أساسيا في تاريخ البلاد الحديث عامة وفي مسار الثورة خاصة، وكانت الحاضنة والحاملة لها جهويا وقطاعيا، نفسها المنظمة التي لا يمكن أن نتصور تونس الجديدة بدستورها الديمقراطي الجديد بدون حقوق اقتصادية واجتماعية للأجراء.

ولا يمكن أن يتم ذلك إلا إذا كان الاتحاد العام التونسي للشغل في قلب المعادلة القادمة، فالاتحاد لم يكن يوما من الأيام مجرد منظمة مهنية فقط بل كان له دوره الوطني دائما وأبدا.

راديكاليون في مجتمع أساسه طبقة وسطى

الراديكالية لا تعني التطرف وما تسميها الطبقة الوسطى ونسميها البرجوازية الصغيرة هي مكون أساسي في مشروعنا السياسي وفي بدائلنا الاقتصادية والاجتماعية.

والمجتمع التونسي يميل إلى البدائل والبرامج العقلانية والمتدرجة التي تمس طيفا واسعا من طبقات الشعب وهو ما نهدف إليه، لذلك فالقول بأننا على هامش الثقافة المجتمعية قول لا أساس له من الصحة، بل نحن قوة دفع وتنوير وتجذير للعناصر الأساسية في هذه الثقافة القائمة على الاعتدال والتضامن وأن العمل قيمة مركزية وهو أساس إنتاج الثروة وأن العدالة الاجتماعية قاعدة الاندماج الاجتماعي وأن إعادة توزيع الثروة يتم حسب الجهد وان للمبادرة الفردية والمشروع الفردي مكانة مركزية في البناء المجتمعي الذي نسعى إليه، وأن تونس متعددة، متنوعة، ومنفتحة لا يمكن أن يختزلها حزب أو جبهة أو تحالف وأنها بيتنا جميعا ندير اختلافنا فيه بأسلوب وآليات وقيم ديمقراطية.

إذن، نحن في القلب من الثقافة المجتمعية لشعب تونس.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات

اخر الاخبار - الأرشيف

المشاركات الشائعة

التسميات

full

footer