لا هى الزيارة الأولى، ولا الأخيرة لميدان التحرير.. فربما لا يتذكر «ماكين» ولا «سكوبى» ميدان الحرية فى واشنطن.. ولا يقفان أمام تمثال الحرية هناك.. لكنهما يحرصان على زيارة ميدان التحرير.. يتأملان معالمه من المجمع الشهير، حتى المتحف العظيم.. أصبح التحرير قِبلة الوفود الرسمية والسياحية، قبل الأهرامات.. ولكن زاهى حواس لا يحس هذا الإحساس بالدرجة نفسها!
كنت أتصور أن زاهى حواس أول من يدفع فى سكة تسليط الضوء على ميدان التحرير.. وكنت أتصوره فى مقدمة الوفود الرسمية والسياحية، وهو يشرح لهم، كما يحب أن يشرح للزوار، فى منطقتى الأهرامات وأبوالهول.. لكنه لم يفعل لأسباب قد تخصه وحده.. ولا أعرف لماذا أصبح «حواس» فى مرمى النيران.. يدافع عن نفسه كثيراً، ويدفع الاتهامات والشائعات!
لا جدال فى أن التحرير قيمة كبرى بعد الثورة.. فالميدان هو أشهر الميادين فى العالم الآن.. ولا جدال أيضاً فى أن «حواس» لم يعد هو أشهر مرشد فى العالم.. ولا أشهر دليل للزعماء، خاصة فى منطقة الثورة وميدان التحرير.. السبب عند الدكتور زاهى حواس نفسه بالطبع.. لكن ميدان التحرير لم يعد فى حاجة إلى سوبر ستار.. المرشد فيه هو المواطن الثائر.. المواطن العادى!
وكما أن الثورة لم يكن لها رأس ولا قائد.. فإن الميدان أيضاً ليس له دليل بعينه، ولا مرشد سوبر ستار.. ولذلك تراجع دور «حواس».. حين يزور الميدان ديفيد كاميرون، أو هيلارى كلينتون، أو جون ماكين أو سكوبى.. لم تعد هناك حاجة إلى «حواس».. ولم تعد هناك حاجة إلى مسؤول رفيع.. حيث لم يكن فى الميدان مسؤول رفيع المستوى.. كان هناك مواطن مصرى ثائر!
إنهم يزورون الميدان فى كل مرة.. يشمون فيه رائحة الحرية.. يتأملون ما جرى.. يحاولون فك شيفرة المكان.. عبقرية التحرير.. ليس فيه تمثال الحرية الشاهق.. وليس فيه غير المجمع الشهير، الذى شهد الثورة.. كما أنه احتضن الثوار.. إنه ميدان يشبه كل الميادين فى مصر.. كما أن الثوار يشبهون بعضهم.. ليس فيهم شىء مختلف.. وهذه هى عبقرية المكان، وعبقرية المصريين!
وأظن أن زيارة ماكين وكلينتون وغيرهما قد وضعت أيديهم على هذه الحقيقة.. عبقرية المكان وعبقرية المصريين.. لذلك فى كل مرة يحرصون على زيارة الميدان.. ويحرصون على تحية الناس.. يتأملون فى وجوههم.. لا يعرفون السر.. ولا يطمئنون إلى النظريات والكتب والدراسات.. المصرى هيفضل مصرى النيل رواه، والثورة جواه.. لذلك يشعرون بالدهشة ويشعرون بالقلق أيضاً!
الدهشة لها أسبابها بالطبع.. والقلق أيضاً له أسبابه.. هم يخافون من انتفاضة المصريين، على ربيبتهم المدللة إسرائيل.. من هنا يأتى القلق.. وأتصور أن دراسات مستفيضة سوف تكون عن الميدان.. الميدان الذى حطم النظريات وكسر التابوهات.. ولفت أنظار العالم.. دون حاجة إلى تمويل ودون حاجة إلى حروب.. فقد كان هناك عمر مكرم، شاهداً على نجاح الثورة الرائعة!
زمان كان البند الأول فى الزيارات الرسمية هو الأهرامات.. والآن أصبح ميدان التحرير.. وكانت الوفود تقابل الرئيس أو رئيس الوزراء.. الآن تقابل المواطن فى التحرير.. وتلتقط معه الصور التذكارية.. تعترف بعبقرية المكان والزمان والبشر.. فهل كان «حواس» على الموجة نفسها؟..
للأسف كان يدافع عن نفسه.. مرة حول شائعة هروبه، وأخرى عن تجارته فى آثار مصر!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات