الأقسام الرئيسية

باحث إسلامي: لم يبق من صراع السنة والشيعة إلا القشور

. . ليست هناك تعليقات:


احمد الكاتب يرى ان الخشية من تصدير الثورة الإيرانية ليست قائمة حاليا بعد تعرضها لانتكاسات تمثلت بتقلص مساحة الحرية وضعف التوجه الإسلامي.

ميدل ايست أونلاين


لندن - من عادل الحامدي


'لا مشروع طائفي لدى المواطنين الشيعة في العراق'

أكد الكاتب والباحث في شؤون الفكر الإسلامي، أحمد الكاتب أن الصراع التاريخي بين السنة والشيعة لم يبق منه الا بقايا نفسية ومخلفات قشرية، قائلا انه يمكن التخلص منها نهائيا بالتوجه في التفكير نحو المستقبل وبناء الحاضر.

وأوضح الكاتب في مقابلة مطولة أن الخشية من تصدير الثورة الإيرانية لم تعد قائمة، لأن إيران التي حدثت فيها ثورة شعبية عظمى قبل حوالي ثلاثين سنة، وكانت ترفع لواء الديمقراطية والاسلام، تعرضت لانتكاسات عديدة فتقلصت مساحة الحرية والديمقراطية وضعف التوجه الاسلامي فيها، ولذلك فان التجربة الايرانية لا تشكل اليوم نموذجا يقتدى او قابلا للتصدير أو الاستلهام من قبل الشعوب الأخرى التي تبحث عن مزيد من الحرية والديمقراطية.

وأشار الكاتب إلى أن الصراع التاريخي بين السنة والشيعة يمكن حسمه من خلال الاحتكام إلى الديمقراطية، وأكد أن كل ما يجري في ما يسمى بمؤتمرات الوحدة هي علاقات عامة ومهرجانات.

وفيما يلي ابرز محاور المقابلة:

تراجع حدة الخطاب الطائفي في العراق

الصراع الطائفي كان مفتعلا في العراق من قبل قوى خارجية يقوم خطابها السياسي على اجترار المعارك التاريخية القديمة، وأخرى داخلية كانت ترفض التغير وتحاول الحفاظ على مصالحها القديمة التي بنتها في ظل النظام السابق على اسس طائفية.

وعندما بدأت الجماهير والقوى والاحزاب الشيعية تأخذ حصتها ومكانها الطبيعي في ادارة الدولة العراقية بدأ وكأنها تنافس السنة او تصارعهم على مواطن نفوذهم، ولكن العقلاء من أهل السنة يدركون ان النظام العراقي لن يكون لطائفة على حساب طائفة أخرى، ولا لقومية على حساب قومية أخرى، وآمنوا بالمشاركة والمحاصصة الايجابية والاعتراف بحقوق الجماهير العراقية من مختلف الطوائف والقوميات. واتفق الجميع سنة وشيعة على نظام سياسي واحد يوفر الحرية والعدالة والمساواة لكل العراقيين بعيدا عن الهوية الطائفية.

واذا عدنا الى جذر المشكلة الطائفية في العراق فاننا نجد انها تعود بشكل كبير الى عوامل سياسية والى النظام الاستبدادي العسكري الذي كان يحتكر السلطة باسم طائفة معينة بالرغم من انه كان يحتكر السلطة ضمن تلك الطائفة لنفسه وعشيرته وحزبه ويقمع السنة كما يقمع الشيعة.

وربما نجد ايضا ان المشكلة الطائفية تعود الى رفع بعض الأحزاب الدينية العراقية للشعارات الطائفية بما يصور الأمر وكأن الشيعة قد عادوا من التاريخ السحيق ليثأروا لأنفسهم، بينما الحقيقة ان الشيعة كمواطنين لم يكن لديهم مشروع طائفي وانما هم مواطنون يطالبون بالحرية والعدالة، وقد توفر ذلك في الاتفاق بينهم وبين اخوانهم السنة على نظام سياسي جديد هو النظام الديمقراطي، ولم يبق من الصراع التاريخي الا بقايا نفسية ومخلفات قشرية نأمل ان نتخلص منها نهائيا بالتوجه في التفكير نحو المستقبل وبناء الحاضر.

دينية الدولة في العراق وعلاقتها بإيران

ايران دولة جارة وكبيرة ولها مصالح ومطامح، وتدخل اية دولة جارة في شؤون جيرانها لا يقتصر على العراق وايران، وليس وليد الساعة، وعندما يكون العراق في موقع ضعيف أمنيا وعسكريا واقتصاديا فان أية دولة قوية تجد نفسها تتدخل في شؤونه بصورة اوتوماتيكية لكي تملأ الفراغ الأمني وتضمن مصالحها وأمنها القومي.

على العراق ان يكون قويا بما يكفي ليضع حدودا لتدخل ايران وتدخل اية دولة أخرى في شؤونه الداخلية، وبالطبع فان هذا لن يتحقق الا بتعزيز الوحدة الداخلية العراقية وبناء الدولة العراقية القوية.

النهوض الشيعي

منذ فترة وهناك حديث عن نهوض شيعي وعن هلال شيعي، والحديث ينطوي على قدر من الصحة في مقابل الجمود أو الخمود الذي كان يعتري ما يسمى بأهل السنة في العالم العربي، ولكن مع تفجر الثورات الشعبية في تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا والمغرب، فيمكننا الحديث عن نهضة عربية اسلامية شاملة ولو انها لم تكتمل بعد اذ لا يزال بعض الشعوب يعاني من التهميش والتخدير او القمع البالغ الذي يمنعه من الالتحاق بركب الثورة العربية.

والسؤال الآن كيف ندمج الثورات العربية والاسلامية الشيعية والسنية في بوتقة واحدة ونحول دون صدامها او تصارعها، وهو ما يخطط له بعض الطائفيين والمستبدين من هنا وهناك، واعتقد ان الديمقراطية هي افضل بوتقة للاعتراف بالآخر واحترام آرائه ومصالحه والتعايش معه والتعاون من اجل بناء البلدان المحطمة وتعزيز الوحدة العربية والاسلامية.

إيران وتصدير الثورة

لقد حدثت في ايران ثورة شعبية عظمى قبل حوالي ثلاثين سنة، وكانت ترفع لواء الديموقراطية والاسلام، ولكنها تعرضت لانتكاسات عديدة فتقلصت مساحة الحرية والديمقراطية وضعف التوجه الاسلامي فيها، ولذلك فان التجربة الايرانية لا تشكل اليوم نموذجا يقتدى او قابلا للتصدير أو الاستلهام من قبل الشعوب الأخرى التي تبحث عن مزيد من الحرية والديمقراطية.

ان ايران نفسها مستعدة اليوم لاستيراد الروح الثورية العربية الديموقراطية والعمل على اصلاح النظام الايراني وتطويره نحو الأفضل. وقد كاد هذا النظام قبل سنتين في اعقاب انتخابات الرئاسة الماضية ان يتعرض للاهتزاز والسقوط، واذا لم يلب مطالب الشعب في الديمقراطية فانه قد يتعرض للسقوط. وفي نظري ان النظام الايراني فوت فرصة تاريخية لاثبات مصداقيته في دعم الثورات الشعبية عندما اتخذ موقفا سلبيا من ثورة الشعب السوري الراهنة، نتيجة لتحالفه مع نظام الأسد.

تحالف غربي-شيعي ضد الإسلام السني المتشدد

لا يمكن الحديث بسهولة عن تحالف غربي ايراني أو شيعي، فالوقائع على الأرض توحي بعكس ذلك، ولكن ذلك لا ينفي وجود تنسيق في بعض المفاصل السياسية بين طهران وواشنطن، خاصة بعدما رأت طهران عزم الولايات المتحدة لاحتلال أفغانستان والعراق سواء رضيت طهران او لم ترض.

وهنا وجدت ايران ان الاحتلال الأميركي سوف يسدد ضربة لخصومها من حركة طالبان وصدام حسين، فتعاونت بشكل محدود لم يرق الى مستوى تعاون المملكة العربية السعودية ودول الخليج ومصر مع واشنطن، تلك الدول التي قدمت القواعد الجوية والبحرية والبرية والممرات والدعم اللوجيستي لغزو العراق.

ومع ان ايران استفادت من سقوط نظامين خصمين لها في كابول وبغداد الا انها لم ترتح كثيرا لوجود القوات الأميركية على حدودها الشرقية والغربية، فكان ذلك دافعا لها للتعاون مع حركات المقاومة في كلا البلدين وحتى مع حركة طالبان.

هذا هو منطق الدول. ومن الخطأ تضخيم التعاون الايراني الاميركي المحدود الى مستوى من التحالف ضد الاسلام السني المتطرف، بل على العكس يمكن القول ان تحالفا سعوديا خليجيا أميركيا يقوم ضد ايران والشيعة.

علاقات الغرب مع العالم الإسلامي

السياسة الغربية والأميركية بالخصوص كانت تقوم على مبدأ فرق تسد، واللعب على الوتر الطائفي، وقد اشتدت في الأعوام الأخيرة عندما صعدت الولايات المتحدة من لهجتها ضد ايران ومشروعها النووي وهددتها بالتدخل، فجيشت الأنظمة الخليجية لتعبئ شعوب العالم العربي ضد ايران طائفيا وتمهد لاحتلالها او ضربها، وتحول دون تعاطف تلك الشعوب مع ايران، او حتى مع المقاومة اللبنانية وحزب الله.

ويبدو انه قد حدث نوع من التغير في الآونة الأخيرة عندما توجه الغرب لدعم الحركات الديمقراطية العربية هنا وهناك، ومع ذلك فهناك مخاوف من استغلال الاختلافات الطائفية في بعض البلاد المختلطة لاثارة النزاعات الطائفية.

الحوار السني الشيعي

لا اعتقد بحدوث حوار جدي بين الشيعة والسنة، لا في الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي فشل في التعليق على تصريحات رئيسه الشيخ القرضاوي المثيرة والمفاجئة ضد الشيعة في السنوات الماضية، ولا في غير الاتحاد، وكل ما يجري في ما يسمى بمؤتمرات الوحدة هي علاقات عامة ومهرجانات، ولم أجد مؤتمرا جديا يحاول وضع اصابعه على عوامل الخلافات التاريخية وحلها.

وفي نظري ان أهم خطوة يقوم بها اي مؤتمر جاد تتمثل في وضع الخلافات الطائفية القديمة في خانة الصراع السياسي التاريخي البائد، واستبدالها بمشروع سياسي جديد ومعاصر، وهو ما تقوم به الشعوب العربية التي تجاوزت الخلافات الطائفية الميتة، وفجرت الصراع الحقيقي مع الأنظمة الديكتاتورية المستبدة الشيعية والسنية.

ان الشيعة والسنة يحتاجون الى تجاوز الماضي والاهتمام بمتطلبات الحياة في الحاضر والمستقبل، انهم يحتاجون الى تفهم طبيعة الصراع والتنافس بين المشاريع السياسية القديمة التي كانت تناصر هذا البيت العباسي او ذاك البيت العلوي حول حقه في السلطة والخلافة، وان ذلك الصراع قد انتهى وزال، ولم يبق منه الا قشوره ومخلفاته النفسية والطقسية والفقهية، والعمل المشترك من اجل بناء نظام سياسي جديد يوفر الحرية والعدالة. (قدس برس)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات

اخر الاخبار - الأرشيف

المشاركات الشائعة

التسميات

full

footer