الأقسام الرئيسية

شباب "البوليساريو" ينقلبون على الجبهة ويطالبون بمعالجة جديدة لقضية الصحراء

. . ليست هناك تعليقات:

محللون: عزوها إلى صراع أجيال داخل الجبهة

الخميس 07 رجب 1432هـ - 09 يونيو 2011م
الرباط - حسن الأشرف

عزا محللون سياسيون مغاربة إقدام شباب البوليساريو الذين يعيشون في أوروبا على تأسيس هيئة لمعارضي جبهة البوليساريو الانفصالية المعارضة أخيراً، إلى بروز وعي جديد لدى أجيال شابة تسعى للتحرر من القوالب الأيديولوجية والسياسية الجامدة منذ عقود لقيادة البوليساريو.

وأكد الخبراء على أن المبادرة الجديدة للشباب المعارض للبوليساريو لا يمكن مقارنتها بثورات الربيع العربي، نظراً لطبيعة القيادة السياسية للجبهة، غير أنها يمكن أن تحدث منازعة للبوليساريو في تمثيلها لسكان مخيمات تندوف.

وتجدر الإشارة إلى أنه أعلن قبل أيام عن تأسيس "التنسيقية العامة لمعارضي جبهة البوليساريو"، حيث أكدت في بلاغ لها أن البوليساريو "ليس الممثل الوحيد للصحراويين"، وأن القيادة "ترغب في الحفاظ على الوضع الراهن، والمتاجرة بآلام الصحراويين".

صراع الأجيال في البوليساريو

ويعتبر الدكتور سعيد الصديقي، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة فاس، أن مبادرة شباب البوليساريو في أوروبا تعكس المأزق الكبير الذي أصبحت تعيشه الأطروحة الانفصالية خلال السنوات الأخيرة، التي ظلت حبيسة لمبادئ وشعارات جامدة تجاوزتها الأحداث.

ولفت الصديقي في حديث مع "العربية.نت" أن هذا الشباب ولد في مخيمات تنعدم فيها الشروط الدنيا للعيش الكريم، كما أنه عانى دون شك من طفولة قاسية بسبب النظام الصارم المفروض على الأسر في هذه المخيمات من قبل البوليساريو.

وتابع المحلل السياسي أن هذا الشباب فتحت أمامه آفاق رحبة بفضل وسائل الإعلام الحديثة، وتعلمه في مختلف جامعات العالم، إضافة إلى تنقل بعضهم إلى دول أوروبية وأمريكية ليتعرفوا على ما يجري حولهم من أحداث، وليفهموا أكثر حقيقة قضية الصحراء.

وشدد الصديقي على أن "هذه العوامل كلها ساهمت في بروز وعي جديد لدى الأجيال الجديدة، تتعارض طموحاتها مع القيادة التقليدية للبوليساريو، التي لا تزال تكرر نفس الأهداف والشعارات والمطالب طيلة ثلاثة عقود".

وأفاد الخبير المغربي أن هناك صراعاً للأجيال داخل الجبهة، "بين جيل تقليدي مرتبط بالسياسات الجزائرية القائمة على أطروحة الانفصال، وجيل جديد في طور التشكل يريد أن يتحرر من القوالب الأيديولوجية والسياسية، التي حاولت جبهة البوليساريو إنشاء الأجيال عليها طلية العقود الثلاثة الماضية".

لكن الصديقي أضاف أن "التحول العميق الذي شهده العالم في مجال تنقل الأفكار والمعلومات جعل الأجيال الجديدة للشباب ينوعون من مصادر تكوينهم وتنشأتهم الثقافية والسياسية، مما أدى إلى تناقض في التصور والطموحات بين الجيلين".

جمود في المواقف

بدوره، يرى الدكتور حسان بوقنطار الخبير في العلاقات الدولية، "أن هذه الخطوة تجسد الأزمة التي تعيشها قيادة البوليساريو، كونها غير قادرة على مواجهة التطورات الحاصلة في قضية الصحراء".

ويشرح بوقنطار في تصريحات أدلى بها لـ"العربية.نت" أن قيادة البوليساريو كشفت عن عدم القدرة على اتخاذ قرارات مستقلة، وعن الاستمرار في مواقف جامدة ومناهضة لمصالح السكان الصحراويين.

واعتبر المحلل السياسي أن "هذا الموقف العاجز يتجلى من خلال تعامل البوليساريو مع المخطط المغربي المتعلق بالاستقلال الذاتي، الذي لقي ترحيباً كبيراً في مجلس الأمن الدولي".

وقال بوقنطار إن قيادة البوليساريو لم تتعامل بالحكمة اللازمة والاستقلالية التي تساهم في رفع المعاناة على السكان الصحراوي، خاصة على المستوى الاجتماعي والاقتصادي والسياسي أيضاً.

وخلص المتحدث إلى أن التململ الذي يحدث حالياً يترجم رفض قطاع عريض من شباب البوليساريو في الخارج لبعض الممارسات السياسية التي تقوم بها قيادة البوليساريو.

شباب البوليساريو وثورات الربيع العربي

وحول إمكانية نجاح هذه المبادرة لشباب البوليساريو على غرار الثورات العربية، أكد الدكتور سعيد الصديقي أنه لا يمكن المقارنة بين ثورات الربيع العربي وحالة البوليساريو، حيث إنه في الحالة الأولى لعب الإعلام الجديد والشبكات الاجتماعية على الإنترنيت دوراً كبيراً في إبراز حقيقة الأوضاع في هذه البلدان، وتحفيز الشباب للانخراط في هذه الثورات والحصول على الدعم الدولي.

أما في الحالة الثانية، بحسب الصديقي، فإن البوليساريو تمارس تعتيماً إعلامياً كاملاً على المخيمات التي تتحكم فيها، وتواجه أدنى حركة اجتماعية أو سياسية معارضة لها بقمع شديد، دون أن يعلم العالم بذلك.

وتابع قائلاً: "إن أهم ما يمكن أن تحققه هذه المبادرة هو منازعة البوليساريو في تمثيلها لسكان المخيمات، بحيث لن تبقى الممثل الوحيد لهم، بل ستظهر تمثيليات جديدة، وربما ستطالب الأمم المتحدة بإشراكها في المفاوضات التي بدأت جولاتها منذ سنتين دون أن تحقق أي تقدم يذكر".

ويضيف الصديقي "لعل أكبر دليل على ذلك تقرير الأمين العام للأمم المتحدة الأخير بشأن قضية الصحراء، الذي دعا إلى ضم ممثلين يحظون بالاحترام لقطاع عريض من السكان في الصحراء داخل الإقليم وخارجه، سواء بطريقة رسمية أو غير رسمية، بما يعني حرمان البوليساريو من احتكار هذه التمثيلية"؛ وهذا من شأنه أن يؤدي مستقبلاً إلى إشراك شخصيات صحراوية وحدوية في مسلسل المفاوضات، مما سيشكل ضربة قوية للبوليساريو، وفق تعبير المتحدث.

تأثيرات المبادرة داخلياً

من جهته، يطرح الدكتور بوقنطار سؤالاً محورياً يتعلق بقدرة هذه التحركات والمبادرات من طرف شباب البوليساريو لمعارضة قيادتهم في خلق تغيرات وتحولات ملموسة في مواقف القيادة.

ويجيب الخبير المغربي بأنه يجب في هذا السياق اتخاذ الحذر في التوقع، "بسبب التعامل الفظ الذي تعاملت به قيادة البوليساريو مثلاً تجاه الناشط ولد سيدي مولود الذي كان يشغل منصب قائد الشرطة في جبهة البوليساريو"، حيث كانت معاملتها له رافضة لمبدأ الحوار، ولكل ما طرحه من آراء تعارض التوجه الاستراتيجي للبوليساريو بخصوص قضية الصحراء.

وحول اختلاف الوضع بين هذا الناشط المعارض للبوليساريو، وبين الشباب الذي أسس هيئة للمعارضة في أوربا، أفاد بوقنطار أنه بالفعل هناك اختلاف على مستوى المكان؛ الشيء الذي يمنح لهؤلاء الشباب استقلالية وحرية معينة في الحركة.

ويستطرد بوقنطار موضحاً أنه ينبغي أن يكون لمبادرة الشباب المعارض للبوليساريو تأثير على الوضع الداخلي وعلى سياسات القيادة هناك، وهو أمر يطرح سؤالاً مركزياً حول مدى الصدى الذي ستجده هذه الحركات في داخل مخيمات تندوف، مضيفاً أن الأيام القادمة ستحمل إجابة لهذا السؤال الصعب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات

اخر الاخبار - الأرشيف

المشاركات الشائعة

التسميات

full

footer