الأقسام الرئيسية

میكافیلیة الإخوان: من الإسلام هو الحل إلى الإسلام هو الوسيلة

. . ليست هناك تعليقات:


الإخوان يشكلون خطراً على كل ما هو عربي في المنطقة نظراً إلى أن الدين بالنسبة إليهم ليس سوى وسيلة لبلوغ السلطة لا أكثر.

ميدل ايست أونلاين


بقلم: أحمد عبدالله


برز اسم حركة الإخوان المسلمين ثانية على ركام الأزمات السياسية الكثيرة التي عصفت بالمنطقة.

فمع انهيار عدد من أنظمة الحكم العربية وترنح أنظمة أخرى، يحاول الإخوان أن يقدموا جماعتهم على أنها "أبو الحلول وأمها" من خلال التركيز الدعائي على مقولة "الإسلام هو الحل".

لكن أية قراءة موضوعية لتاريخ هذه الحركة تكشف أن الإخوان ما هم إلا تجسيد ديني لفكرة ميكافيلية نمطية شهدنا مثلها مراراً وتكراراً: الغاية تبرر الوسيلة.

الغاية هي السلطة بالطبع والوسيلة هي الإسلام، وتحديداً الإسلام السياسي.

كل ما سعى إليه الإخوان، منذ نشأتهم عام 1928 بإسماعيلية مصر، وفروعهم المنتشرة في بقية البلدان، مِن فعل الخير عبر الجمعيات الخيرية هو وسيلة للوصول إلى الغاية، وهي السلطة. فهم يرفضون تسميتهم بالحزب أو المنظمة، لكن كل جمعية خيرية كانت عملياً فرعاً لذلك الحزب. بل أساءوا بتكريس العمل الخيري كواجهة للعمل السِّياسي إلى الخير نفسه.

ركب الإخوان موجة الدِّيمقراطية مرات عدة، لا مِن أجل إشاعة العمل الديمقراطي، وإنما كوسيلة للسلطة، بعد أن جربوا الطريق إليها عبر التنظيمات العسكرية، وكهوف جبل المقطم بمصر ربما تشهد على ذلك.

هادنوا أعتى الدكتاتوريات وأفسد الملوك مِن أجل المال، ومِن أجل الوصول إلى المبتغى، فكان شعارهم "الإسلام هو الحل"، وهم يعلمون أنه شعار سياسي لا شأن للدين فيه، فالسلطة يدبرها الرِّجال، وهم يدعون مدبرها هو الله تعالى عما يدبرون. فالله صار لديهم وسيلة لنشر مبادئهم، وصار تديُّن المجتمع يعني الخضوع لمرشدهم.

الأدلة على انتهازية الإخوان أكثر من أن تروى. ولكن أشدها بروزاً هو ما يتعلق بالقضية الفلسطينية التي استخدموها دائماً.

اتخذ الإخوان مِن قضية فلسطين واجهة لجذب الجماهير، وما أن حصلوا على قطعة أرض (غزة) انقلبوا فيها على منظمة التحرير ثانية وحل البطش بالغرماء محل الممارسات الديمقراطية التي أوصلتهم إلى السلطة.

ومن القضية نفسها تجد نسخة ثانية من انتهازية الإخوان وتوقن بأن لا دين لهم.

فهم بلا مبدأ حين ترى كيف انتقل قادة حماس إلى سوريا حليفة إيران وأقاموا فيها لأسباب مرتبطة بالسلطة والمال. إذ قبل "الإخوان الفلسطينيون" أن يجلسوا في حضن دمشق، رغم القانون السوري الصادر عام 1980، في عهد الرئيس الأسد الأب، والذي يعتبر الانتماء إلى الإخوان جريمة عقوبتها الإعدام!

من اجل السلطة، تسهل عليهم خيانة الإخوان السوريين وطعنهم في الظهر.

تسهل أيضاً على الإخوان السوريين مهادنة النظام استرضاء لإيران من جهة وبحجة المواجهة مع إسرائيل من جهة أخرى.

حصل ذلك عام 2008، في حين أن إسرائيل تحتل الجولان منذ 1967!

لم ير الإخوان في حماس عيباً في الاستفادة من إيران والحصول على أسلحة منها وتدريب عناصر تابعة لها لدى حزب الله في لبنان من أجل الاستيلاء على غزة.

هذه إيران هي نفسها التي تحتل أراضي عربية من بينها الجزر الإماراتية الثلاث.

الانتهازية الإخوانية بعين تكل عن رؤية الاحتلال الإيراني حتى وإن كانت طبول الإخوان تقرع على وقع الاحتلال الإسرائيلي.

بعد الاستيلاء على غزة وتحويلها إلى "إمارة إسلامية"، توقفت العمليات الانتحارية وتوقف إطلاق الصواريخ من القطاع في اتجاه الأراضي الإسرائيلية.

قبل استيلاء حماس على القطاع في مثل هذه الأيام من العام 2007، كانت الصواريخ التي تطلق من غزة "سلاح ردع" كفيلاً في مرحلة لاحقة بتحرير كل فلسطين بصفة كونها "وقفاً إسلامياً"؛ وبعد الانقلاب الذي نفّذته حماس في غزة، صار إطلاق الصواريخ "خيانة وطنية".

موقف حماس في غزة هو أول بشائر التنصل أيضاً من الإسلام هو الحل في جوانب عملية كثيرة وها هي قياداتهم في مصر تركب موجة الدولة المدنية على حساب الدولة الثيوقراطية التي طالما بشروا بها.

بالنسبة إلى الإخوان الفلسطينيين والإخوان الآخرين، يبدو كل شيء جائزاً ما دام يصب في مشروع السلطة ولا شيء آخر غير السلطة.

على سبيل المثال وليس الحصر، كان ممنوعاً، إيرانياً، على حماس توقيع اتفاق المصالحة مع فتح لأنه كان صياغة مصرية ولأنه كان مطلوبا توقيعه في القاهرة.

بعد سقوط نظام حسني مبارك، وقعت حماس الاتفاق نفسه من دون اعتراض وفي القاهرة نفسها وبإشراف المخابرات المصرية بمجرد أن إيران أعطتها ضوءاً اخضر. هل من انتهازية تفوق هذه الانتهازية؟

من انقلابهم على عبدالناصر بعد مساندته في الإطاحة بفاروق، إلى انقلابهم على السادات بعد أن هادنهم وأطلق سراح قياداتهم، وصولاً إلى انقلابهم على مبارك وهم الذين نافقوه ودخلوا انتخاباته "الحرام"، يتكرر المشهد.

الانتهازية صفة لصيقة بهم، حتى لو جاء الإعلان عن مفرداتها السياسية والإيرانية والتعبوية بلسان "القيادة العالمية للإخوان" ومن المقر الذي لا يبعد إلا خطوات (بالصدفة!) عن أكبر قاعدة عسكرية أميركية في بلاد الإسلام.

الإخوان يشكلون خطراً على كل ما هو عربي في المنطقة نظراً إلى أن الدين بالنسبة إليهم ليس سوى وسيلة لبلوغ السلطة لا أكثر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات

اخر الاخبار - الأرشيف

المشاركات الشائعة

التسميات

full

footer