بيروت، لبنان (CNN) -- توترت الأوضاع في مدينة طرابلس، كبرى مدن شمالي لبنان والمحاذية للحدود مع سوريا، على خلفية الأوضاع في الدولة المجاورة، فبعد مظاهرة انطلق بالمدينة لتأييد الحراك الشعبي المطالب بتغيير النظام في دمشق، وقعت اشتباكات بين أحياء سنيّة وعلوية، شهدت سقوط ثلاثة قتلى، بينهم طفل، و22 جريحاً.
ونقلت وكالة الأنباء اللبنانية أن المعارك بين سكان منطقتي جبل محسن ذات الغالبية العلوية (وهي نفس الطائفة التي ينتمي إليها الرئيس السوري بشار الأسد،) والتبانة ذات الغالبية السنيّة أدت لمقتل المسؤول الأمني في الحزب "الديمقراطي العربي،" علي فارس، ويعتبر هذا الحزب هو صاحب التمثيل الأكبر لدى سكان منطقة جبل محسن.
وبحسب الوكالة فإن المعارك شهدت استخدام الرصاص والقذائف، وقد اضطر الجيش اللبناني إلى استقدام تعزيزات إلى الشارع الفاصل بين المنطقتين المتجاورتين.
وقد اتصل الرئيس اللبناني، ميشال سليمان، مع كل من وزيري الدفاع فايز غصن والداخلية والبلديات مروان شربل وقائد الجيش العماد جان قهوجي، وذلك لبحث "الوضع المضطرب في الشمال ووجوب العمل على إعادته إلى طبيعته."
وقد سبق اندلاع المواجهات بين الجانبين خروج نحو ألف شخص في مظاهرة بعد صلاة الجمعة، من أمام مسجد حمزة في منطقة القبة في طرابلس في اتجاه ساحة عبد الحميد كرامي بدعوة من رابطة الطلاب المسلمين والطلاب السوريين في الجامعة اللبنانية في طرابلس وهم يطلقون هتافات مؤيدة للشعب السوري، وانضم إليهم المئات في الساحة.
وسرعان ما تحولت المواجهات إلى مادة للسجال السياسي بين القوى اللبنانية، فقد اتهم "لقاء الأحزاب والقوى والشخصيات الوطنية اللبنانية" المقرب من النظام في سوريا من وصفهم بأنهم "مجموعة من المتواطئين على أمن لبنان وسوريا" بالتسبب في "تسيّب أمني."
جئنا اليوم إلى طرابلس لنحتفل بالحكومة وبالتمثيل الوازن للمدينة فيها، فوجئنا بأيدي الفتنة تعبث بأهلها، وما جرى في طرابلس مريب، لكن نؤكد أن السلم الاهلي خط أحمر ولا مساومة على الأمن ولا تراجع عن الانماء.
أما رئيس الوزراء اللبناني، نجيب ميقاتي، الذي كان قد أعلن تشكيل حكومته قبل أيام بعد خمسة أشهر من المراوحة، فقد عقد مؤتمراً صحفياً قال فيه إنه أعطى "تعليمات صارمة" للضرب "بيد من حديد" في المدينة التي ينحدر شخصياً منها، وقد اضطر أنصاره إلى تأجيل احتفالات كانوا يعتزمون القيام بها احتفالاً بالحكومة التي يقودها.
يشار إلى أن مدينة طرابلس، التي تعتبر معقلاً أساسياً للسنّة في لبنان، قد شهدت عدة مواجهات خلال السنوات الخمس الماضية بين جبل محسن والمناطق السنية المحاذية لها. وإلى جانب دعمهم لحزب الله، تتهم الأطراف السنيّة في طرابلس العلويين بتأييد دمشق التي يناصبونها العداء من جهتهم، وذلك بسبب الصلات التي تجمعهم مع علويي سوريا الذين يمسكون بمفاصل النظام في ذلك البلد.
وكانت المدينة قد شهدت أحداثاً مماثلة في منتصف العقد الثامن من القرن الماضي خلال تمركز قيادة منظمة التحرير الوطنية الفلسطينية في طرابلس، بالتحالف مع بعض القوى فيها ورغبة الجيش السوري بإنهاء هذا الوجود عندما اشتعلت مواجهات عنيفة، سقط خلالها مئات الضحايا، وشهدت انقسامات مذهبية.
وتتقاسم مجموعة أحزاب وتيارات النفوذ في منطقة جبل محسن،وفي مقدمتها الحزب الديمقراطي العربي بزعامة النائب السابق، علي عيد، بينما يتواجد في منطقة باب التبانة، وهي واحدة من أفقر مناطق لبنان، مؤيدون لتيار المستقبل، بزعامة رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، إلى جانب حضور كثيف لمناصري التيارات السلفية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات