الأقسام الرئيسية

نهاية أمير الإرهاب

. . ليست هناك تعليقات:

بقلم: سلامة أحمد سلامة

salama ahmad salama okkk

4 مايو 2011 08:01:12 ص بتوقيت القاهرة

بعد عشر سنوات من المطاردة العنيفة المستمرة، سقط أسامة «بن لادن» فى أيدى قوة خاصة من المخابرات الأمريكية أثناء اختبائه فى قصره بمنطقة سكنية تبعد ثمانين كيلومترا عن العاصمة الباكستانية إسلام أباد.. قتلته القوات الأمريكية التى شنت هجومها بطائرات الهليكوبتر على المجمع السكنى وأصابته برصاصة واحدة فى رأسه. وقتلت معه ثلاثة من مرافقيه بينهم امرأة. ثم حملت جثته وألقت بها فى مياه بحر العرب فى بقعة غير معلومة. لتضع نهاية لأطول عملية قنص بشرى فى التاريخ، ولأول وآخر شخصية إرهابية دوخت جيوش أمريكا ومخابراتها فى أوروبا وأنحاء العالم. وأنفقت عليها مليارات الدولارات التى ذهبت هباء لعدة سنوات.. قضى خلالها على ألوف الأبرياء فى جبال تورا بورا وسهول باكستان وأزقة قندهار!!

لقد استقبل الشعب الأمريكى والأوروبيون نبأ مقتل «بن لادن»، الذى زفه إليهم الرئيس أوباما عبر شاشات التليفزيون، بالغبطة والفرح والشعور بالنصر على عدو أذلهم فى عقر دارهم، حين دبر عملية التفجير فى سبتمبر 2001 فى نيويورك وواشنطن.. التى راح ضحيتها آلاف من الأمريكيين. ثم اختفى هو وأعوانه فى ظلمات المجهول. وخلفوا وراءهم ذيول تنظيم «القاعدة» الذى عشش وترعرع فى أنحاء عديدة من العالم. وبالأخص فى الأماكن التى يوجد فيها النفوذ الأمريكى والأوروبى. وقد آلى «بن لادن» على نفسه أن يجند تنظيم القاعدة فى حرب العدو البعيد الذى يعادى الإسلام. وقطعت أمريكا والغرب على نفسها عهدا بأن تحارب «بن لادن» والإرهاب حتى تقضى عليه!

تبدو مأساة «بن لادن» ــ التى أضحت مأساة القرن ــ مدعاة للتأمل. ودرسا لا ينسى لأكبر دولة فى العالم. وعبرة لمن لا يعتبر من ملوك ورؤساء دول عربية وإسلامية تورطت واحترقت أصابعها بنيران حروب لا ناقة لها فيها ولا جمل.. وذلك ما حدث مع «بن لادن» البلاى بوى السعودى الذى ورث عن أبيه قرابة الـ300 مليون دولار. ولكنه ضاق بحياة الرفاهية وانضم إلى المتطوعين الذين جندتهم أمريكا للحرب ضد الاحتلال السوفييتى فى أفغانستان. وشاركت السعودية ومصر واليمن ودول عربية أخرى فى تدريب وتسليح هذه القوات. فلما انسحب السوفييت من أفغانستان أوائل الثمانينيات، بقى «بن لادن» على رأس تنظيم «القاعدة» الذى تحالف مع «طالبان» بقيادة الملا بن عمر فى مقاومة الاحتلال الأمريكى، وليصبح أقوى تنظيم إرهابى فى العالم.

تحول «بن لادن» من صنيعة للمخابرات الأمريكية والسعودية إلى العدو رقم واحد. بعد أن دبرت القاعدة عددا من التفجيرات فى السفارات الأمريكية فى أفريقيا. ثم جاء الحدث الأكبر بتفجير مبنى التجارة العالمى فى نيويورك. وأعقبته تفجيرات فى لندن وباريس وبرلين.

ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل انتشر للقاعدة فروع ومكامن وخلايا نائمة ومراكز للتدريب فى عدد من الدول العربية: فى السعودية واليمن باسم القاعدة فى شبه الجزيرة العربية. وفى المغرب باسم القاعدة فى المغرب العربى. وظهرت نظريات عديدة حول مدى سيطرة «بن لادن» على هذه المراكز.. وهل تعمل مستقلة أم ثمة تعاون وتنسيق بين قياداتها؟وتعرضت مصر لآثارها، حين بدأت ظاهرة ما يعرف بعودة الأفغان العرب الذين نفذوا بعض عمليات فى القاهرة والصعيد.

وتحولت مصر إلى نقطة ارتكاز لأجهزة المخابرات الأمريكية، التى عكفت على ملاحقة الهاربين من القاعدة والقبض عليهم ونقلهم إلى قواعدها للتحقيق معهم فى جوانتانامو. وكانت هذه هى المرحلة التى قويت فيها شوكة جهاز أمن الدولة فى مصر.

لا يمكن الحديث عن «بن لادن» وهروبه بين باكستان وأفغانستان، بغير الحديث عن الوجود العسكرى الكثيف الذى ترتب عليه احتلال أفغانستان. وقد ظنت أمريكا أنها تستطيع أن تبسط نفوذها على هذه البلاد الجبلية الوعرة، طبيعة و«سكانا»، وأن تقدم للشعب الأفغانى المساعدات وترتقى بأهله وتمكنه من استغلال ثرواته الطبيعية الهائلة. ولكنها واجهت مقاومة عنيدة من شعب وقف فى وجه الاستعمار البريطانى وقاوم الاحتلال السوفييتى. ولم تنجح أمريكا مع تحالف دول الأطلنطى أن تزحزح الأفغان عن مطالبهم. حتى بعد أن احتلت باكستان جزئيا وأحدثت ما أحدثته من خلل واضطراب وصراع فى جنوب شرقى آسيا.

وتحت ذريعة القضاء على «بن لادن» وتنظيم القاعدة، شن الرئيس المأفون بوش حربه ضد العراق، وقتل مئات الألوف من العراقيين انتقاما من العالم الإسلامى كله. وأوقع أمريكا فى أسوأ أزمة مالية واقتصادية وسياسية عرفها الأمريكيون. ومازالت القوات الأمريكية مغروسة فى العراق. وتائهة فى جبال أفغانستان. ولم يستطع أوباما رغم كل الوعود أن يخرج من أوحال أفغانستان، ولا أن يضمن القضاء نهائيا على القاعدة.. فمازال نائبه أيمن الظواهرى حيا يرزق!

ولكن ربما يفك مقتل «بن لادن» عقدة أوباما وعقدة الأمريكان. فيسارع بالانسحاب من العراق وأفغانستان. وإن كان الأمر المؤكد حتى الآن أنه حصل بذلك على وعد بالفوز فى الانتخابات القادمة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات

اخر الاخبار - الأرشيف

المشاركات الشائعة

التسميات

full

footer