إن بعض ما نطالعه الآن يدفعك للإحساس بالخوف على من يحكمون البلاد الآن، ممن يكتب، إذ يبدو أن البعض لا يستطيع أن يحيا دون أن يكون له «كبير» يتغزل فى مفاتنه وخصاله الحميدة آناء الليل وأطراف النهار، على الرغم من يقينى من أنها فى معظمها اجتهادات لأصحابها، أو رغبة حارة فى العودة إلى ممارسة رياضة الطبل والزمر لمن بيده الأمر، حتى لو لم يكن طالبا للمديح والإطراء أو راغبا فيه.
بالتوازى مع ذلك بدأت أصوات قصف الدكتور عصام شرف رئيس حكومة الثورة تسمع بوضوح على صفحات مطبوعات حكومية، بما يوحى بأن شيئا لم يتغير، وكأننا عدنا إلى خطوط 24 يناير 2011، استئساد وجسارة مصطنعة فى الهجوم والمعارضة الشديدة لكل المسئولين، حتى إذا اقترب أحدهم من سور القصر الرئاسى تحول إلى بلبل مغرد، أو مطرب شعبى يتغنى فى جمال وعظمة السيد الرئيس والعائلة، بل ويبكى أحيانا على أن عظمته محاط بمجموعة من المحيطين يسيئون إليه ويشوشون على حب الشعب له.
وقريبا من ذلك لا يزال البعض يتصرف بالطريقة القديمة ذاتها، كل شىء جميل ورائع، دون أن يكلف نفسه عناء الاقتراب والمشاهدة الفعلية لهذه الروعة التى ينقلها إلى القراء، وعلى سبيل المثال خرجت صحيفة حكومية فى اليوم التالى للاحتفالية الموءودة بعيد العمال لتقول إن الجو كان بديعا وربيعا فى ميدان التحرير، وذهبت إلى أبعد من ذلك بقولها إن الفنان على الحجار غنى للثورة والعمال، وكذلك ألقى الشاعر سيد حجاب قصائده، كما غنت مطربة دانماركية لعمال مصر، فى جو يلفه السرور والحبور، رغم أن الحقيقة التى يعلمها الجميع هى أن السادة البلطجية قرروا إفساد الحفل، وكان لهم ما أرادوا وسط صمت غريب من الجهات المسئولة عن تأمين المناسبة، بل إن المسرح تم هدمه وإزالته من الميدان، وخرج الناس منه والأسى يعتصرهم لأن أحدا لم يحاول حماية هذا العرس الذى كان من الممكن أن يكون جميلا.
وأزعم أن النشر على ذلك النحو يعد امتدادا لتلك الأساليب الصحفية القديمة التى كانت تهلل وتكبر بالريموت كونترول، لكن المثير فى الأمر أن الصحيفة المحترمة لم تعتذر لقرائها فى اليوم التالى عن هذا الكذب الصريح، أو التزييف المكشوف للوقائع، وكأنها تخاطب مجموعة من الموتى، أو الغائبين عن الوعى.
إن أحدا لا ينكر دور الجيش المصرى فى حماية الثورة واحتضانها، غير أن الإفراط فى التصفيق والتطبيل بهذا الشكل ليس فى صالح الثورة، ولا فى صالح المجلس العسكرى.. ومن أسف أن البعض مازال غير قادر على الحياة بدون قيم فاسدة كنا نظن أن الثورة أسقطتها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات