بقلم د.حسن نافعة ٥/ ٥/ ٢٠١١
كلنا نذكر قضية المصريين العاملين فى الكويت، الذين كانت السلطات الكويتية قد قامت باعتقالهم ثم ترحيلهم إلى مصر عقب محاولتهم إنشاء فرع للجمعية الوطنية للتغيير فى الخارج. وكنت قد كتبت فى حينه العديد من المقالات عن هذا الموضوع، مؤكداً أن قرار الحكومة الكويتية جاء متجاوباً مع ضغوط مارستها وزارة الخارجية المصرية فى عهد الرئيس المخلوع، فى محاولة يائسة من النظام لمنع انتقال الحركة المطالبة بالتغيير إلى الجاليات المصرية المقيمة بالخارج. وقد ترتب على هذه الإجراءات التعسفية، التى لها سند من القانون المحلى أو الدولى، قطع أرزاق هؤلاء المواطنين المصريين الشجعان وحرمانهم من مستحقاتهم المالية. فقد شكّلت هذه الإجراءات، من ناحية، خرقاً للالتزامات الواقعة على عاتق الحكومة الكويتية بموجب المواثيق الدولية لحقوق الإنسان والمصدق عليها من دولة الكويت، كما شكلت، من ناحية أخرى، خرقاً للدستور الكويتى نفسه، الذى كفلت المادة ٣٦ منه حق الاجتماع والتعبير عن الرأى لكل المقيمين على أرض الكويت الشقيق وليس فقط للمواطنين الحاملين للجنسية الكويتية. والواقع أننى لم أكتف بالكتابة المتكررة حول هذا الموضوع مطالباً الحكومة الكويتية بإعادة النظر فى قرارها التعسفى والظالم فى حق هؤلاء المواطنين المصريين الشرفاء، وملتمساً تصحيح أوضاعهم، وإنما قمت، بصفتى منسقاً عاماً للجمعية الوطنية للتغيير، بزيارة للسفير الكويتى بالقاهرة، الذى وعد ببذل كل ما يستطيع من جهد لحل هذا الموضوع، كما قمت - على صعيد آخر - بالاتصال بشخصيات مصرية مرموقة تقيم بالكويت ولها علاقات طيبة مع المسؤولين هناك، كان من بينها المستشار هشام البسطويسى والمستشار إمام شفيق وآخرون، لبحث السبل القانونية الكفيلة بتمكين هؤلاء من الحصول على حقوقهم، غير أن الأمور ظلت على حالها رغم الجهد الذى بذله الجميع بسبب استمرار الضغوط المصرية الرسمية على الحكومة الكويتية التى فضّلت مجاملة النظام البائد على حساب كرامة وحقوق المصريين العاملين فى الكويت. وبعد تفجُّر ثورة ٢٥ يناير، التى أكدت بما لا يدع مجالاً للشك أن الرغبة فى تغيير النظام كانت مطلباً جارفاً لجموع الشعب المصرى فى الداخل والخارج وليست مقصورة على حفنة من الناشطين السياسيين، كما ادعى البعض فى ذلك الوقت - اعتقدت أن تسوية أوضاع هؤلاء المظلومين وتمكينهم من استعادة حقوقهم الضائعة باتا مسألة وقت، غير أنه تبيّن لى من اتصالات بعض المتضررين أن قضيتهم لم تتقدم خطوة واحدة للأمام، فلا الحكومة الكويتية تحركت من تلقاء نفسها للعدول عن إجراءاتها التعسفية، ولا الحكومة المصرية فى النظام الجديد بادرت بالاتصال بالحكومة الكويتية لحثها على إنصاف هؤلاء وتصحيح ما ارتكب فى حقهم من أخطاء، بتمكينهم من العودة إلى أعمالهم واسترداد حقوقهم وتعويضهم عن الأضرار التى لحقت بهم. ولأننا فى عصر جديد يُفترض أن تحرص فيه الحكومة المصرية على كرامة أبنائها العاملين فى الخارج، وأن تدافع عن حقوقهم، فقد كنت أتمنى أن يتدارك الدكتور عصام شرف الأمر ويفاتح الحكومة الكويتية فى أمر هؤلاء المبعدين خلال زيارته للكويت فى جولته الخليجية الأخيرة، وأن يطلب منها رسمياً إعادة فتح ملف الموضوع ومعالجته بالحكمة الواجبة وبروح الإنصاف. وفى غياب أى مؤشرات تدل على أن ذلك قد حدث لا يسعنى إلا أن أعيد تذكير السفير الكويتى فى القاهرة بوعوده، ومناشدة كل من الدكتور عصام شرف، رئيس الوزراء، والدكتور نبيل العربى، وزير الخارجية، اللذين أكن لهما كل التقدير والاحترام، معاودة الاتصال بحكومة الكويت وإبلاغها رسمياً بأنها لم تعد تمانع فى عودة من يرغب من هؤلاء إلى أعمالهم وتمكينهم من الحصول على مستحقاتهم كافة. قضية المبعدين من الكويت تعيد تذكيرنا بأن على وزارة الخارجية المصرية فى العهد الجديد إحداث تغيير جذرى فى شكل ومضمون علاقتها بالمصريين العاملين فى الخارح، وتمكينهم من المشاركة الجادة، التى يتوقون إليها فى عملية بناء مصر الجديدة، التى يفترض أن تكون قد بدأت الآن.
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات