أليس من حقنا أن نتخوف من السماح لعدد لا يستهان به من المستشارين والقضاة بالعمل لدى جهات حكومية، بل ووصل الأمر بهم أن يعملوا لدى بعض الجهات بعقود عمل موثقة وليس فقط بالانتداب. ولم يجد بعضهم أى غضاضة فى أن يكونوا على منصة القضاء للنظر فى بعض القضايا المتعلقة بالجهة الإدارية التى يعملون لديها، ويتقاضون منها رواتب ومكافآت نظير القيام بأعمال استشارية. إلى 2008 فقط.
أى خط أحمر هذا الذى يجعلنا لا نفتح ملف القضاة الذين يعرضون هيبة القضاء نفسها للخطر فى ظل حالات الفساد التى تتكشف فى معظم عمليات بيع أراضى الدولة، وشركاتها، ومحالها، والتى ربما دون أن ندرى يكون أحد قضاتنا هو الذى شارك فى بعض من هذه العمليات التى تمت بالفعل داخل عدد من الجهات التى عملوا بها؟.
أقول هذا فقط لأذكر رافعى شعارات الخطوط الحمراء أن المستشار محمد النجار نائب رئيس مجلس الدولة الذى يعمل مستشارا للشركة القابضة للتجارة، قبل أن تتحول إلى الشركة القابضة للتشييد، كان أحد أعضاء لجنة صياغة عقد عمر أفندى الذى حكمت المحكمة أمس الأول ببطلانه، وفضحت الحيثيات فساد الصفقة. بل وطالبت المحكمة بمحاسبة كل من شارك فيها من أولها لآخرها فماذا سيكون موقف السيد المستشار فى هذه الحالة؟.
ومادام الشىء بالشىء يذكر. أليس من حقنا أن نعرف ما مصير التقرير الذى طلب رئيس مجلس الدولة المستشار نبيل ميرهم من جهاز المحاسبات إعداده منذ عامين حول اثنين من نواب مجلس الدولة بخصوص أداء أعمالهما لدى بعض الجهات الحكومية. وتبين فيه أن المستشار أحمد أمين حسان نائب رئيس مجلس الدولة يعمل لدى كل من هيئة التنمية السياحية، وشركة مصر للفنادق، وشركة المعمورة للتعمير، وشركة النصر للإسكان، والشركة القابضة لمياة الشرب، والشركة القابضة للتأمين، وشركة الشرقية للدخان، وشركة الصوت والضوء، وبنك ناصر الاجتماعى، ووزارة المالية، والشركة القابضة للسياحة والفنادق. والأخيرة يعمل لديها بمقتضى (عقد خبرة استشارية). وربما يكون من المهم الإشارة إلى بنود العقد بين الشركة القابضة والسيد المستشار حيث ينص على «أنه تطبيق لبرنامج الدولة فى الخصخصة، ونظرا لما لمسته الشركة فى السيد المستشار أحمد حسان من خبرة متميزة.
حيث تمت الاستعانة به منذ عام 1996 فى جميع عمليات الخصخصة فقد رأت الشركة الاستمرار فى التعاقد مع سيادته». وهذه الخبرة قدرتها الشركة بـ7000 جنيه فى الشهر. ومن بنود العقد أن السيد المستشار يحافظ على أسرار الأعمال التى يكلف بها لدى الشركة. أى أن السيد المستشار حتى لم شم رائحة غير ذكية فى أى عمليات خصخصة (وما أكثرها فى قضايا الخصخصة) عليه أن يتكتم السر.
ووصل إجمالى ما تقاضاه السيد المستشار من جميع الجهات التى عمل لديها خلال الأعوام من 2006 إلى عام 2008 ما يقارب ثلاثة أرباع المليون جنيه طبقا لتقرير جهاز المحاسبات.
أليس من حقنا بعد ذلك ان نسأل ماذا سيكون عليه الوضع لو أن أحدا رفع دعوى بطلان أمام مجلس الدولة لأحد عقود الخصخصة التى تمت داخل شركة من الشركات التابعة للشركة القابضة للسياحة والفنادق التى يكون السيد المستشار قد شارك فيها؟.
والسيد المستشار حسان ليس استثناء ولكن هناك حالة أخرى استوجبت السؤال من رئيس مجلس الدولة وأعد جهاز المحاسبات تقريرا تبين منه أن السيد المستشار عصام عبدالعزيز جاد الحق نائب رئيس مجلس الدولة عمل لدى وزارة السياحة، والجهاز المركزى للتعمير، وديوان وزارة الإسكان، والجهاز التنفيذى لمياه الشرب والصرف الصحى ووزارة الطيران المدنى، وشركة مصر للفنادق. ووصل ما تقاضاه السيد المستشار من هذه الجهات إلى 660 ألف جنيه خلال الأعوام من 2006.
أليس من حقنا الآن أن يخرج علينا أحد من رافعى هذا الشعار اللعين، ويدافع عن وجود هؤلاء المستشارين وغيرهم كثيرون على منصات القضاء حتى الآن دون أن نعرف هل هذه التقارير التى كتبها جهاز رقابى بحجم جهاز المحاسبات دخلت الأدراج وتم نسيانها وكأن شيئا لم يكن. باعتبار أن جهاز المحاسبات ينتهى دوره عند تقديم تقارير «للعلم فقط» ولا يتابع بعدها ماذا فعلت الجهات بتقاريره. أم أنه تم سؤال المستشارين وثبت أنهما استطاعا بكل ما أوتيا من قوة الفصل بين مصالحهم الشخصية جدا فى الحفاظ على دخل يؤمنون به مستقبل أولادهم العمر كله، وبين مصالحنا نحن أبناء هذا البلد الذين ائتمناهم عليه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات