الأقسام الرئيسية

تحقيق: المصريون يريدون الحياة، فماذا يريد الإسلاميون؟(2)

. . ليست هناك تعليقات:


مثقفون مصريون يقيمون فرص التيار الإسلامي في الوصول إلى السلطة ويرسمون تصوراتهم لملامح مستقبل البلاد تحت حكم الإسلاميين.

ميدل ايست أونلاين


القاهرة ـ محمد الحمامصي


التعصب يحل تدريجياً محل الاعتدال

هل يستولي السلفيون والإخوان وغيرها من جماعات التيار الديني على السلطة رئاسة ومجلسي الشعب والشوري وتشكيل الحكومة؟ وماذا سيكون شكل مصر في حال حكمهم؟ ماذا لو حكموا؟ الأمر حقاً مقلق في ظل تراجع صوت الاعتدال ليحل محله صوت الغوغائية والتعصب والعنف.

إن الأجواء على الرغم من ضبابيتها لكن علامات ما تحمله تتكشف يوما بعد الآخر مؤكدة سيطرة ووجوداً كبيرين لهذه الجماعات داخل قطاعات وشرائح عرضة في المجتمع المصري المتدين بطبعه ويسهل قياده من هذا الجانب ـ الديني، مما ينبئ بإمكانية وصولها للحكم، وهو الأمر الذي ينتظر معه غلق آفاق الحرية والدخول في عصر من الظلام تسيطر فيه عصا اللحى والتحريم لكل الفنون والآداب والعلوم وقطع الأيدي والجلد.

إلى وقت قريب كانت تلك الجماعات تلعب بسرية، والآن تلعب على المكشوف بعد أن قسمت نفسها إلى فريق يعلنها صريحة "إسلامية..إسلامية، لا مدنية ولا علمانية"، وفريق يتبنى استتاراً وإيحاء وتلميحاً، وفريق يهاجم مدافعاً، وفريق يهدئ الأمور ويقلل من شأن رد الفعل ويطمئن الخائفين والمهجوسين، وفريق يدين ويستنكر، وفريق يصالح ويروض و"يطبطب ويأخذ الخاطر"، لكن الجميع يلعبون تحت سقف واحد.

على أية حال نواصل التعرف على تصور الكتاب والمثقفين بشأن سؤالنا، ولكن قبل أن نستعرض لآرائهم وأفكارهم، نلفت إلى تلك التعليقات التي جاءت على الجزء الأول ترى أن الهجوم على الجماعات الدينية سواء إخوان أو سلفيين أو غيرهم هجوماً على الإسلام، وهذا رأس المصيبة والكارثة، فالإسلام ليس تفسير هؤلاء ولا أولئك ولا فقههم وسنتهم وأفكارهم وآراءهم، والمسلمون ليسوا هؤلاء ولا أولئك، الإسلام والمسلون أكبر من ذلك، ورسالته ورجاله وتاريخه أنجزوا للإنسانية كل جميل من العلم والتقدم والتطور والتسامح والعدل والحرية.

مصر مسخاً سعودياً

الدكتورة عزة عزت أستاذ الإعلام أكدت أن هناك تخوفاً عاماً من أن تستولي التيارات السلفية والأخوان المسلمون وغيرهم من أصحاب التوجهات الدينية على نسبة غالبة في الانتخابات البرلمانية القادمة.





عزة عزت

لكنها رأت "أنهم وبفضل ما صدر عنهم من تصرفات وممارسات في الآونة الأخيرة ربما لن يستطيعوا تحقيق ما سبق وأن حققوه من أصوات؛ بسبب تعاطف البعض معهم في المرات السابقة نتيجة لاضطهاد الدولة لهم، وتعقبهم واعتقال عناصر منهم، وحظر ومحاصرة أنشطتهم، التي كانوا يمارسونها سرا أو بالتنسيق مع أمن الدولة ومع الدولة نفسها في شكل صفقات ترامت أخبارها للعامة والخاصة، الأمر الذي كان يشكل بالنسبة لهم ضارة نافعة، إذ تعاطف البعض معهم وحصلوا على كثير من الأصوات في انتخابات عام 2000 وأكثر منها عام 2005 نكاية في الحزب الوطني، إلى أن لقنهم الحزب الذي كان ينسق معهم درسا قاسيا في الانتخابات الأخيرة 2010".

لكن ما يدور على الساحة الآن من تحالفات بين الأخوان والسلفيين وشتى التيارات الإسلامية، في رأي د.عزة "أصبح يصدم رجل الشارع العادي والصفوة المثقفة والطبقة المتوسطة، وجموع المسيحيين المصريين، إذ كشف عن الوجه القبيح لهذه التيارات ونواياها حيال مصر لو وصلوا إلى سدة الحكم لا قدر الله. وكما كانت ممارسات الدولة ضد الأخوان ضارة نافعة لهم، أكاد أجزم أن ممارساتهم الأخيرة التي هزت المجتمع المصري كله، وأساءت للإسلام وقيمه وأضرته أكثر مما أضرت المسيحيين، بل صورتهم ضحايا للإرهاب الإسلامي، مما يجعلني أتصور أنه حتى نسبة الـ22% التي كانوا يحصلون عليها سلفاً لن تتحقق لهم في الانتخابات القادمة، وربما لا يحصلون إلا على أصواتهم فقط".

وتخشى د.عزة من دخول عنصر المال في الانتخابات الذي بدأت بوادره تظهر بشكل ملموس في نشاط السلفيين الذين تمولهم المملكة العربية السعودية، "كما مولت من قبل عناصر الثورة في اليمن 1962 فامتدت حرب اليمن لسنوات".

وقالت "السلفيون الذين لم يكن لهم من قبل أي ظهور ملموس في مجال السياسة، ولم يُسمع أنهم شاركوا في تظاهرات أو أي أنشطة في الشارع المصري، لا بشكل سلمي ولا بمثل هذا العنف الضاري بحرق الكنائس واستخدام الأسلحة والبلطجية، والرضوخ لما تمليه عليهم فلول الحزب الوطني، وجهاز أمن الدولة، ورجال الأعمال المتضررين من الثورة كقوى ثلاث داخلية تريد تقويض الثورة، وتناصرها قوى خارجية متعددة لعل أغربها ما قامت به دولة الإمارات العربية المتحدة من تجميد منح تأشيرات دخول المصريين، وتوكيل 12 محامٍ دولي للدفاع عن الرئيس مبارك، حتى لو كان ذلك بدافع من تخوف من أن يصل المد الثوري إلى دول الخليج والمملكة السعودية..ولعل موقفهم الواضح المساند للرئيس اليمني ضد شعبه خير دليل على ما أدعي أنهم يحاولون ممارسته في مصر أيضاً دعماً للثورة المضادة".

وكشفت د.عزة أن حال مصر في حال وصولهم للحكم فالصورة واضحة للعيان وكلنا يدركها "صورة مسخ من النموذج السعودي، قهر لأصحاب الديانات والمذاهب السمحة التي تناقض ما يذهب إليه السلفيون والوهابيون، وحياة جافة لا فن ولا أدب ولا ثقافة ولا حرية على أي مستوى اجتماعي أو إبداعي أو سياسي، اللهم إلا على المستوى الاقتصادي الذي سيعمق الهوة أكثر بين الأثرياء والفقراء بحجة أن الله خلقنا طبقات، فيصبح أكثر من نصف الشعب المصري متسولين على أبواب الأثرياء، وأسارى لعطائهم وما يتفضلون به عليهم بشكل خيري، دون التزام من الدولة تجاههم تعليميا أو صحيا، ناهيك عن انتشار كل الدعوات المتخلفة والتي ستعيد مصر إلى الخلف مئات السنين، من نوعية عودة المرأة للبيت وارتداء النقاب وسحب كل مكتسباتها على مستوى العلاقات الأسرية والأحوال الشخصية..المختصر المفيد أن مصر لن تعد مصر أم الدنيا ومنارتها، وستصبح السياحة حرام والفن حرام وكل شيء سيدخلونه في إطار البدعة، وكل بدعة ضلالة وهي في النهاية في النار".

وتخلص د.عزة إلى أن "الحياة في مصر ستصير جحيماً حيث أن هذا النمط من الحياة لا يناسب طبيعة الإنسان المصري الميالة للوسطية والمحبة للحياة والمرح والتي سيُفرض عليها جو من الجهامة لا يتسق مع حياة الأفراد أو المجتمع، وبذلك لن تكن لها الريادة ولا الزعامة التي بدأت تعود إليها مع بوادر ثورة 25 يناير المجيدة، ولن تصبح المصدر الأول للفكر والفن والثقافة والإعلام والأخطر هو تحجيم المد الثوري المصري من أن يؤثر في المحيط العربي..ولن تصبح الملهمة للشعوب".

لن تكون مصر وطني

قال الكاتب والشاعر جمال القصاص "حين يصل الإخوان المسلمون أو التيارات السلفية إلى سدة الحكم في مصر، لا تسألني: هل هذه مصر، وهل هذا أنا، وهل هذا أنت..ففي المهزلة كل شيء قابل للصدق بمعيار الكذب، والعكس صحيح أيضاً. ومن ثم لا تندهش إن قلت لك أن ما سأفعله لمواجهة هذا الكابوس، إنني سأضع النظرية والحلم خلف الحائط، بل ربما ادفنهما في بئر سحيقة، واحزم متاعي أنا وأسرتي ونرحل إلى بلد أخرى، حينئذ سأصدق الحكمة العربية التي تقول: اغترب تتجدد".





جمال القصاص

وأضاف القصاص "صدقني لو تم ذلك، لن أذرف دمعة واحدة على هذا الوطن، لن أرثيه، أو أعلق صورته على الحائط، بل سأحتقره، ليس لأنه مكن هؤلاء المتاجرين باسم الدين، من أن يجلسوا فوق عرشه، وأن يحددوا شكل الخطى والطريق، وملامح البدايات والنهايات، وربما طعم الهواء والماء، ولون الشهيق الزفير، وإنما لأنه منحهم الفرصة كي يصعدوا ويصعدوا عن طيب خاطر، وباسم الديمقراطية 'طظ في الديمقراطية' إن أتت بالطغاة والمتخلفين، وأصحاب العاهات الدينية والسياسية والثقافية..وغيرها".

وتابع "نعم أنا مسلم، ولي إيماني الراسخ، لكن من الصعب، بل من المستحيل أن أكون شاعرا على الطريقة الإسلامية، فأنا أرى أن الإسلام ليس هو الحل، كما يروج الإخوان المسلمون وأشياعهم، بل أرى أنه أحد مصادر الحل، ثم أنني أتعامل مع القرآن، ومع التراث الإسلامي برمته كنص أو كنصوص متنوعة، قابلة للأخذ والعطاء، ومفتوحة على امتداد الزمان والمكان.كما أنني أرى أنه ليس ثمة معيار صلد محدد لقداسة هذه النصوص، بل أنا الذي امنحها ذلك، وأفيض عليها به، لأشعر بمدى عظمتها وعمقها وإنسانيتها، ومتى تبدأ حريتها فيَّ، ومتى تنتهي حريتي فيها".

وعلى ذلك، لا أتصور، أن أعيش في زمن يطل عليّ فيه كل صباح رئيس وزراء أو رئيس دولة يرخي العنان للحيته فوق صدره، بشكل مقيت، يلوث الجمال ويصيبه في مقتل، بل يحوله إلى فزاعة تقمع خيال الأطفال وتنفرهم من فعل الأبوة والأمومة المنتقبة".

أتمنى أن يحكموا

يعترف الكاتب الروائي حمدي أبوجليل أنه في البداية، "بداية خروجهم من الجحور بعد الثورة، خوفت، ولكني نفضت الخوف وقررت مواجهتهم بكل ضراوة، قررت أخوض المعركة معهم حتى النهاية، لن أتردد أبدا في التعبير عن أفكاري ونشر كتاباتي".





حمدي أبوجليل

وأضاف "أنا أتمنى أن يحكموا، حتى يرفع الناس عليهم الأحذية ونخلص، صدقني أنا أتمنى أن يحكموا، الناس سوف ينتخبونهم على أشياء لا يمكن تحقيقها، لا يمكن الخلاص مكنهم وكشف وهمهم وكذبهم سوى بالوصول للحكم، وعلينا أن ندفع ثمن وصولهم للحكم مثلنا مثل الشعب الذي سيختارهم، فدون الوصول للحكم سيظلون هكذا حلما مشتهى للبسطاء، علينا أن نرضخ لقواعد اللعبة الديمقراطية، وهي كفيلة بكشف زيفهم وكذبهم وتخلفهم".

وأكد في حال وصولهم للحكم يمكن إزاحتهم بالديمقراطية التي أتت بهم، وقال "حتى لو تمكنوا من البقاء في ظل أغلبية ساحقة من الأميين 40 % و40 % تحت خط الفقر وأمية ثقافية، فإن عموم المصريين ضد التطرف بالفطرة والتكوين والثقافة، ولكنهم الآن على رأي نجيب محفوظ عايزين يجربوهم وأنا متأكد إنهم سينفرون من تطرفهم ما إن يصلوا للحكم".

كارثة بكل المقاييس

تعتقد الشاعرة والناقدة نجاة علي أن أنه ستكون كارثة بكل المقاييس أن تصل الجماعات الإسلامية للحكم في مصر، "هذا معناه أن تتحول مصر دولة دينية وهو ما نرفض قطعاً".

ولا ترى أن الجماعات الإسلامية لديها أفكار أو برامج واضحة، "بالعكس رغم خطورة هذه الجماعات، واعترافي أنها أكثر الجماعات تنظيما بسبب غياب النخب المستنيرة، لكنها أيضا مفلسة سياسياً وليس لديها أية برامج إصلاحية ذات قيمة، ومعظم خطابها لم يتغير منذ أكثر من ثلاثين عاما، حتى لو حاول بعضهم أن يرتدي رداء الشخص المتدين المستنير".





نجاة علي

الثورة فاجأت الجميع في مصر، بل فاجأت العالم كله، وعلى ضوء ذلك ترى نجاة علي أن التخبط الذي يعيشه المصريون أمر طبيعي، سواء أكانوا مثقفين، انحصرت خطابهم في دائرة النخبة، أو جماعات دينية محظورة كانت تعيش في الظل ومحرومة من أي سلطة سياسية معلنة، سلطة كانت تحلم بها في الخفاء وتخطط لها في الخفاء، مستغلة غياب الساحة من أي منافسين حقيقيين في الشارع.

وأضافت أن هذه الجماعات اعتمدت في نجاحها عددا من الآليات منها: ضعف أحزاب المعارضة التي استطاع النظام السابق تحويلها إلى معارضة كارتونية، هذا إلى جانب الجهل الذي يجعل البسطاء يبحثون عن ملاذ أخير لمحنتهم فلا يجدون سوى فكرة الهروب إلى الدين والدروشة، هنا نجد أحضان الجماعات الإسلامية سواء كانوا أخوان مسلمين أو سلفيين هي الاختيار الوحيد أمامهم.

وتلفت نجاة علي إلى أن هناك فئة من المصريين ليسوا من هؤلاء ولا هؤلاء، كانوا هم المحركين الأساسيين للثورة، وأعني بهم مجموعات كبيرة من الشباب المستنير الذي دعا لثورة 25 يناير واستطاع أن يوقظ بقية الشعب المصري، "الكثير من هؤلاء الشباب دفعوا أروحهم ثمنا للحرية والعدالة التي يحلم بها كل المصريين، وفي نظري أن الأمل معقود بشكل كبير على هؤلاء الشباب في تحقيق المطالب التي قامت من أجلها الثورة وتخطي المرحلة الانتقالية الصعبة التي تمر بها مصر".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات

اخر الاخبار - الأرشيف

المشاركات الشائعة

التسميات

full

footer