الأقسام الرئيسية

فى المناظرات العلنية

. . ليست هناك تعليقات:

بقلم: عمرو حمزاوي

amr hamzawy new

28 ابريل 2011 09:37:26 ص بتوقيت القاهرة


جيد أن يعتاد الرأى العام فى مصر على مناظرات علنية بين ممثلى القوى الوطنية والتيارات الفكرية المختلفة، وجيد أيضا أن نعتاد على طرح القضايا الشائكة والخلافية فى المناظرات دون مواربة أو خوف.

فنحن اليوم فى خضم أجندة سياسية حافلة بالأحداث الكبرى، انتخابات برلمانية ورئاسية ودستور جديد وعمليات إصلاح يراد لها أن تطول الدولة ومؤسساتها. وأمامنا تحديات اقتصادية واجتماعية تستدعى مواجهتها طاقات كل القوى الوطنية المصرية واجتهاداتها. والمؤكد أن المناظرات العلنية، شأنها فى ذلك شأن البرامج الحوارية الجيدة والإسهامات الصحفية الرصينة، تؤدى دورا مهما فى عرض وإيصال الرؤى والمواقف للرأى العام بصورة مكثفة تسمح للمواطنة المهتمة والمواطن المهتم بالمقارنة. كما أنها تنقل لممثلى القوى الوطنية والتيارات الفكرية هموم المواطنين وهواجسهم.

إلا أن للمناظرات المفيدة شروطا ينبغى الحرص على توافرها. الشرط الأول هو ألا تتحول المناظرة إلى مواجهة لفظية حادة بين ممثلى القوى والتيارات المختلفة دون بحث جاد عما يجمعهم بجانب تبيان ما يفرقهم.

يختلف الليبراليون واليسار وممثلو التيارات المستلهمة للمرجعية الدينية حول أولويات العمل السياسى والمجتمعى وتتفاوت نقاط الانطلاق بين مبادئ الحرية والعدالة وتطبيق الشريعة، إلا أنهم جميعا يعلنون اليوم التزامهم بالديمقراطية معرفة بالدولة المدنية وبسيادة القانون وبتداول السلطة. وفى هذا، شريطة أن تعنى كل القوى (وليس فقط الإخوان) ما تعلن، الكثير من القواسم المشتركة الكفيلة بصناعة توافق وطنى عام ينبغى أن يعبر عنه فى المناظرات كما يعبر عن الاختلافات.

الشرط الثانى للمناظرة المفيدة هو أن توظف لتشجيع الحوار الحقيقى بين المشاركين. والمقصود بالحوار هنا ليس فقط احترام وجهات النظر الأخرى والتعبير عن قبول التعددية السياسية والفكرية، بل أيضا ممارسة المشاركين لفضيلة التفكير الحر خارج الأطر المعدة سلفا والإنصات بعقل مفتوح للرؤى والمواقف التى سبق لهم الاختلاف معها.

على الليبراليين، على سبيل المثال، واجب الإنصات لطرح جماعة الإخوان حول المرجعية الإسلامية ومضامينها. وعلى الجماعة التفكير فى معانى وحدود مفهوم الحرية لدى الليبراليين وارتباطهم الوثيق بمفهومى الصالح العام وخير المجتمع.

الشرط الثالث لنجاح المناظرات العلنية هو إدارتها بحيادية تحمى حق كل مشارك فى التعبير الحر عن الرأى والفكرة دون قيود ودون انتقاص. والأمر هنا لا يتعلق فقط بتوزيع الوقت بالعدل بين ممثلى القوى والتيارات المختلفة، فذلك يسهل الالتزام به. بل ترتبط الحيادية بالأساس بامتناع إدارة المناظرة وبغض النظر عن تفضيلاتها الذاتية عن التدخل فى سيرها على نحو يحابى باللفظ أو المضمون رأيا أو فكرة أو اجتهادا دون غيرهم.

وأسوق من باب التدليل على أهمية إدارة المناظرة بحيادية، المناظرة حول الأفكار الإسلامية والليبرالية ومستقبل مصر التى جمعتنى مع الصديق العزيز عصام سلطان. نظمت المناظرة من قبل مؤسسة جسور العاملة على التعريف بالإسلام وأدارها المهندس فاضل سليمان وهو داعية إسلامى متخصص فى دراسات الأديان المقارنة. وقد بهرت بالحيادية الحقة للمهندس سليمان الذى امتنع تماما عن التأثير على سير النقاش بتفضيل رؤية على أخرى وشجع الحوار المفتوح بين عصام وبينى وسمح لنا أكثر من مرة بتوضيح أفكار رئيسية شعر أنها لم تصل جيدا للحضور. أحيى المهندس سليمان من هنا مجددا، وأشكره على نموذج الإدارة الرائع الذى قدمه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات

اخر الاخبار - الأرشيف

المشاركات الشائعة

التسميات

full

footer