الأقسام الرئيسية

إجماع في إسرائيل: بقاء الأسد ثروة ثمينة لأمن تل أبيب

. . ليست هناك تعليقات:
إعتبرته الأكثرية أفضل من نظام راديكالي يقود سوريا لواقع فوضوي

محمد نعيم من القاهرة

GMT 6:00:00 2011 الجمعة 29 أبريل

أعربت أكثرية الدوائر السياسية في إسرائيل عن قناعتها بأن بقاء النظام السوري، ينعكس ايجاباً على استقرار الامن القومي للدولة العبرية، فيما إعتبرت الاقلية ان حالة الهدوء على الجبهة السورية سمحت للأسد ببناء برنامج نووي، الا ان الفريقين استبعدا احتمالات وصول الاخوان المسلمين للحكم بعد بشار الاسد.


Syrian protestor burn a poster of Syrian president ...
متظاهرون غاضبون يحرقون صور الاسد

تراقب الدوائر السياسية الاسرائيلية ما يجري في سوريا بحذر بالغ، إذ يسود الاعتقاد لدى الأكثرية ان بقاء نظام بشار الاسد يصب في صالح الامن القومي الاسرائيلي، وان الاطاحة به قد تشكل تهديداً غير مسبوق على استقرار جبهة اسرائيل الشمالية، التي تعتبرها حكومات تل ابيب المتعاقبة من اكثر الجبهات المأمونة منذ حرب (يوم الغفران) تشرين الاول/ اكتوبر عام 1973، بينما يرى فريق آخر من الأكاديميين الاسرائيليين، ان التعويل على بقاء الاسد الابن للحفاظ على هدوء جبهة اسرائيل الشمالية ليس مضموناً، لاسيما ان بشار الاسد يستغل هذا الهدوء غطاء لتمرير برنامجه النووي، الذي سبق وقصفته اسرائيل في منطقة دير الزور بحسب تقارير غربية. وان فرص سيطرة الاخوان المسلمين على سوريا ما بعد الاسد ضئيلة للغاية.

نظرية "من تعرفه افضل من غيره"

وبحسب صحيفة يديعوت احرونوت يرى المستشرق الاسرائيلي، خبير الشؤون السورية "موشي ماعوز": "ان الحلبة السياسية في اسرائيل باتت على قناعة بنظرية "من تعرفه افضل من غيره"، لاسيما ان هناك فرصة للتوصل الى تسوية مع بشار الاسد، على خلفية ميوله العلمانية، فضلاً عن انه سبق وعرض على اسرائيل امكانية التوصل الى اتفاق سلام، ولعل ذلك هو ما يجعلنا في اسرائيل نقف امام علامة استفهام كبيرة وهي، ما الذي يمكن ان يشهده الواقع السياسي الجديد في سوريا اذا سقط نظام بشار الاسد".

واضاف ماعوز استاذ العلوم السياسية في الجامعة العبرية ان السيناريو الاكثر سوءاً، الذي قد تؤول اليه الامور بعد سقوط نظام الاسد، هو بزوغ نجم جماعة الاخوان المسلمين السورية، واحتلالها المقاعد الامامية في النظام الجديد، الامر الذي يحول دون التوصل الى تسوية سلمية بين دمشق وتل ابيب. والمح الخبير الاسرائيلي الى انه من غير المضمون ان يخلف نظام الاسد الابن نظاماً علمانياً، يدعم وجود الدولة العبرية في منطقة الشرق الاوسط، ولهذا السبب يرى ماعوز ضرورة بقاء بشار الاسد، للحيلولة دون زعزعة استقرار امن الدولة العبرية.

ووفقاً لما نقلته الصحيفة العبرية عن الخبير الاسرائيلي، اكد الاسد الابن منذ بداية حكمه، اعتزامه مواصلة الطريق الذي بدأه والده مع اسرائيل، وعلى حد رأي ماعوز: "من الممكن التوصل الى تسوية مع الاسد الابن، خاصة ان جهاز الامن القومي الاسرائيلي ادرك ذلك خلال الاونة الاخيرة، وتطلع الى عزل النظام السوري عن الحلف الايراني". كما ان وزير الدفاع الاسرائيلي ايهود باراك فطن الى تلك الحقيقة، وتمكن خلال رئاسته للحكومة الاسرائيلية من التوصل الى تفاهمات مع سوريا بخصوص التسوية، الا انها فشلت في نهاية المطاف، ولذلك فإن رأس النظام السوري الحالي افضل لاسرائيل بكثير عن الحالة الضبابية التي قد يؤول اليها الوضع حال سقوطه.

ثروة ثمينة لاسرائيل

اما البروفيسور "غوشوع لنديس" الخبير العالمي في الشأن السوري، ورئيس تحرير مدونة syriacomment.com، فيقول في سياق حديثه للصحيفة العبرية: "انه من خلال وجهة النظر الاسرائيلية، يعتبر بشار الاسد ثروة ثمينة لاسرائيل". واوضح لنديس الذي اقام لسنوات طويلة في سوريا، ويعلم جيداً واقع المشهد السياسي في دمشق، ان سقوط نظام بشار يعد خسارة فادحة للدولة العبرية. ويعتقد لنديس رئيس مركز دراسات الشرق الاوسط في جامعة اوكلاهوما: " ان غالبية الخبراء السياسيين يدركون ان اندلاع حرب اهلية في سوريا سيفتح الباب امام نمو ميليشيا راديكالية او تنظيم اسلامي مقابل نظام ديمقراطي ضعيف، الامر الذي يحفز الولايات المتحدة على العمل لاعادة هضبة الجولان الى سوريا، في مسعى لحصول واشنطن على الشرعية، وفي اي حال من تلك الاحوال ستصبح اسرائيل هي الخاسر الاول، لذلك تفضل اسرائيل نظام الاسد "عديم الانياب" على اي تحول مفصلي في خارطة السياسة السورية".

على صعيد ذي صلة اعرب البروفيسور غوشوع لنديس في حديثه ليديعوت احرونوت عن توقعه، عن أن طبيعة المشهد السياسي في سوريا بالغة التعقيد، إذ تعتقد الأغلبية في الخارج والداخل السوري، ان الاسد الابن هو احدى اسوأ الاقليات في سوريا. وعلى خلفية حمامات الدم التي يشهدها العراق، يبدو انه حال سقوط بشار الاسد، ستخوض العشائر والطوائف السورية حربا اهلية ضارية، الامر الذي يقود الى حالة من الفوضى لن تقتصر على سوريا، وانما سيطول مداها منطقة الشرق الاوسط، بما في ذلك المنطقة الحدودية "الهادئة" حتى الان بين اسرائيل وسوريا. وعلى اية حال – كما يقول الخبير العالمي لنديس – فإن بشار الاسد هو افضل النماذج التي يمكن التعويل عليها عند الحديث عن استقرار الامن القومي الاسرائيلي، لما يمتلكه من قوة وما يحافظ عليه من مناخ مستقر، فإذا زال نظام الاسد فستجد اسرائيل نفسها امام عراق جديد، ولن يكون ذلك افضل من الوضع الراهن بالنسبة إلى الدولة العبرية.

من جانبه يحاول "إيال زيسر" خبير الشؤون السورية، عميد كلية الاداب في جامعة تل ابيب الإجابة على سؤال محدد، وهو: ما الانعكاسات التي ستعود على اسرائيل في ما يخص التطورات الحاصلة في سوريا؟، فيقول زيسر: "إذا كنت اعتقد في الماضي ان نظام بشار الاسد يعني الاستقرار بالنسبة إلى الجبهة الشمالية لاسرائيل، فإنه ينبغي في الوقت الراهن خلق نوع من التوازن في طبيعة المشهد، في ظل اصرار النظام السوري على البقاء في كنف الحلف الايراني، ودعم علاقاته بحماس وحزب الله".

واقع هادئ وآخر مشتعل

ويعتقد زيسر انه انطلاقاً من تلك الازدواجية، باتت اسرائيل امام واقعين في سوريا، احدهما هادئ ويخص الجبهة السورية، والاخر مشتعل ويخص العلاقات السورية بحزب الله وحماس". غير انه المح الى ان حالة الهدوء التي تخيم على المشهد السوري منذ حرب الغفران، تمكن الاسد من استغلالها في تطوير برنامجه النووي، ومن هذا المنطلق يجزم الخبير الاسرائيلي: "ان نظام الاسد لم يعد ثروة بالنسبة لاسرائيل كما كان الحال عليه في الماضي".

وفي ما يتعلق بامكانية سيطرة الاخوان المسلمين على نظام ما بعد بشار الاسد، لم يبد الخبير الاسرائيلي زيسر وجود مؤشرات تؤكد تلك الامكانية، مشيراً في حديثه مع صحيفة يديعوت احرونوت الى ان تركيبة المجتمع السوري تنطوي على عدة طوائف: "لا اعتقد ان هناك فرصة جادة امام سيطرة الاخوان المسلمين في سوريا على النظام حال سقوط بشار الاسد، فعلى الرغم من ان تلك الجماعة قائمة ومنظمة، الا ان 40% من الشعب السوري ينتمون الى اقليات متباينة".

لم يكن الخبير إيال زيسر وحده صاحب هذه القناعة، وانما شاركه فيها المعارض السوري "فريد غادري"، رئيس حزب الاصلاح السوري، الذي يتخذ من الولايات المتحدة مقراً له، ففي حديثه مع يديعوت احرونوت، أوضح: "ان السوريين يعلمون جيداً ان ايران باتت تفرض نفسها على سوريا وسياستها، وان حكومة طهران مسؤولة مثل الاسد عن عمليات القتل، التي تُرتكب اليوم تلو الاخر ضد الثوار في مختلف المدن السورية"، فالخيار الذي لا يزال باقياً امام الاسد هو "ديمقراطية الغليان"، التي لن يتم التوصل اليها الا اذا رفض الغرب التنازل للاخوان المسلمين، ودافع عن حق كل سوري في ان يكون صوته مسموعاً.

الى ذلك ترى عناصر المعارضة السورية، بحسب ما نقلته عنهم الصحيفة العبرية، ان القوات الايرانية وغيرها التابعة لحزب الله، يدعمون الاسد في قمع التظاهرات، خاصة ان الولايات المتحدة اتهمت بشار الاسد بذلك مباشرة، ولعل ذلك كان واضحاً لدى الثوار السوريين انفسهم، عندما رددوا هتافات مناهضة لحزب الله وايران. وتعتقد المعارضة السورية ان بقاء نظام بشار الاسد يخدم اسرائيل قبل اية جهة اخرى، غير ان فصيل آخر من المعارضة يعتقد ان سقوط الاسد سيؤدي الى حالة من الفراغ السياسي، الذي قد يسمح بدخول عناصر راديكالية الى المشهد السوري، ويقود حتماً الى حرب اهلية سيكون لها بالغ الخطورة على سوريا والمنطقة بما في ذلك اسرائيل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات

اخر الاخبار - الأرشيف

المشاركات الشائعة

التسميات

full

footer