الأقسام الرئيسية

فلنحرق البرنامج الانتخابى للرئيس فى ميدان التحرير

. . ليست هناك تعليقات:

بقلم: أميمة كمال

omayma kamal

11 ابريل 2011 09:36:25 ص بتوقيت القاهرة

يبدو أن القوانين الفاسدة التى تم سنها فى ظل النظام الخرب السابق لن تسعفنا كثيرا فى معاقبة الفاسدين، والمفسدين، بل ربما بفضل هذه القوانين وبالاحتكام لها سوف يفلت كثيرون من العقاب.

فالحقيقة أن كثيرا من الجرائم التى يحاكم عليها الوزراء تبقى حتى الآن هى الأقل قيمة مما لا يحاسبون عليه. فوزير التجارة رشيد محمد رشيد يحاسب أمام النيابة على أنه جامل أحمد عز واستثناه من دفع 660 مليون جنيه قيمة رخصة الحديد التى حصل عليها. أو يحاسب على أنه حصل بدون وجه حق على 9 ملايين جنيه من صندوق دعم الصادرات. وكذلك تتم محاسبة وزير المالية يوسف بطرس غالى وزير المالية على أنه أعطى أحد أقاربه بالأمر المباشر حق توريد اللوحات المعدنية للسيارات.

ولكن الحقيقة ان الاثنين قد قاما بما هو أخطر كثيرا من ذلك. ولولا لطف الله بنا، ونجاح الثورة لكان مخططهما لتبوير الأرض الزراعية فى مصر، تحت شعار زائف هو تحقيق البرنامج الانتخابى لفخامة الرئيس، كان قد حقق نجاحا تتقزم معه كل الجرائم الأخرى.

ولا أعرف أى برنامج انتخابى جهنمى هذا الذى يجعل الوزيرين بالتعاون مع كل من أمين أباظة وزير الزراعة وعبدالحميد الشناوى محافظ الغربية يقومون بالتعاون على تبوير 100 فدان من أجود الأراضى الزراعية فى قرية سبرباى مركز طنطا، والمزروعة بالقمح وبمحاصيل أخرى من أجل بناء مولات تجارية، ومشروعات استثمارية. وطبعا الغربية كانت باكورة الفكرة الشيطانية وكانت المحافظات الأخرى فى الطريق.

بالذمة عمركم شفتوا برنامج انتخابى لفخامة رئيس فى العالم كله يكون هدفه بناء مول تجارى على أرض مزروعة فعلا، والمصيبة ليست فى إهدار الأرض وإتلاف المحاصيل، ولكن الأخطر هو إغواء الفلاحين بمثل هذه القيم والقبول بها. قيم تنسى الفلاح سنوات عاش فيها على أرض يعشق رائحة طينها، وتميز هى رائحة عرقه. تربى عمره فيها، أحبها وأحبته. يستطيع طوعا الاستغناء عنها بفعل إغواء المال.

الجريمة أن هؤلاء الوزراء ورئيسهم لم يعرفوا أنه فى بلد لا تجد قمحها حتى تصنع رغيفا لشعبها يحرم عليها المول والهايبر. وتصبح جريمتهم مخلة بالشرف. وما يظهر فظاعة جريمتهم أن بعض صغار الفلاحين الذين يملكون فدانين ونصف الفدان فى نفس المساحة لم تهن عليهم أرضهم، فرفضوا الإغراء، وأصروا على عدم البيع. بالرغم من أن الإغراء لم يكن من السهل رفضه. حيث عرضت وزارة المالية شراء الفدان بـ750 ألف جنيه. وهو ما يزيد كثيرا عن الأسعار السائدة فى كل المحافظة والتى تتراوح ما بين 300 و350 ألف جنيه.

وطبعا لولا أن الوقت لم يسعفهم، لأنهم كانوا فى عجلة لتنفيذ برنامج الرئيس قبل الانتخابات الرئاسية، لكانوا قد أجروا استطلاعا أظهر أن 99% من الفلاحين فى مركز طنطا لن يستطيعوا تحمل الحياة بدون مول. وإن أطفال قرية سبرباى يعانون من حالات هياج تجعلهم يصابون بكوابيس أثناء النوم ويستيقظون وسط الليل صارخين «نريد هايبر، الهايبر، الهايبر».

والتخريجة الجهنمية التى ابتدعها الوزراء الثلاثة ورابعهم المحافظ اقتضت من وزارة المالية، من خلال شركة الصالحية، دفع 78 مليون جنيه لشراء الأرض من المزارعين، و15 مليون أخرى لزوم مصاريف لتغطية الترع والمصارف، وصرف التعويضات للأهالى التى أتلفت مزروعاتهم. واقتضى المشروع الجهنمى قرارا من وزير الزراعة باستثناء المشروع من قانون حظر البناء على الأرض الزراعية. مع أن الاستثناء من القانون مشروط بأن يكون المشروع يحقق منفعة عامة. والقانون ذاته نص على أن المنافع العامة هى الطرق والكبارى، والمزلقانات، والصرف الصحى، ولم يكن يدور بخلد أحد من واضعى من المنافع العامة.

والحمد لله أن القضية مازالت متداولة فى المحاكم، ومعنى ذلك أن الأمر يمكن تداركه. فبعد الثورة يجب أن تحسم أمورا كثيرة بدون انتظار لأحكام من القضاء. فهل فى زمن الثورة يمكن أن نغرى الفلاح ببيع أرضه من أجل قضاء الويك إند له ولأسرته فى المولات، والكافيهات، أو السيبرات، وبعدها بالعشاء فى واحد من «الفوود كورت» التى ستنتشر فى أنحاء طنطا بالتأكيد بعد تحول الأراضى إلى مدينة تجارية متكاملة الأوصاف.

هذا نوع من الجرائم التى تفوق فى خطورتها ضياع موارد على الدولة لأن الأموال يمكن استردادها، ولكن لا الأراضى يمكن أن تعود بعد البناء عليها، ولا القيم الانتاجية يمكن أن نستردها لو تغير إيمان الناس بها.

والحقيقة أنه هناك نوعا آخر من الممارسات التى لا أعرف ما حكم القانون فيها، مثل إصدار الفتاوى التى تفتح باب جهنم. ومنها ما لم يتسن لنا معرفته إلا بفضل المحاكم التى تجرى الآن لرموز النظام. فهل أحد عرف من قبل أن المستشار ممدوح مرعى وزير العدل قد أصدر فتوى قانونية لأحمد المغربى وزير الإسكان يفيده فيها بأنه ليس هناك قانون ينص على حظر تعامل شركة بالم هيلز التى يساهم فيها الوزير مع وزارة الإسكان التى يساهم فيها المغربى. وذلك بعد أن طلب منه المغربى أن يعرف رأى المحكمة الدستورية العليا فى هذا الأمر. يعنى وزير العدل السابق شخصيا أراح قلب الوزير بأنه لا يخالف الدستور الدى ينص صراحة على حظر تعامل أعضاء مجلس الشعب والوزراء مع الحكومة لا بيعا ولا شراء. وبالتالى أطلق له العنان فى كل ما فعل.

ويبدو انه سيكون علينا بعد الثورة أن نفعل أمرين أولهما أن نحرق البرنامج الانتخابى لفخامة الرئيس، بكل ما أتى به من موبقات، وسط ميدان التحرير حتى يكون عبرة لكل رئيس قادم. والأمر الثانى أن نحاسب المسئولين عن الخطايا التى فعلوها والتى ربما لا يعاقب عليها القانون، ولكن لا تحتملها ضمائر الثوار لأنها الأخطر من سرقة الأموال.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات

اخر الاخبار - الأرشيف

المشاركات الشائعة

التسميات

full

footer