نخشى أن يأتى يوم يجد المجلس الأعلى للقوات المسلحة فيه، أنه مضطر لقبول رجاء الناس بأن يبقى ليحكم أطول، بدلاً من أن ينصرف خلال ستة أشهر من تاريخ تخلى الرئيس السابق عن منصبه، كما وعد تطوعاً فى البداية!
لا نتكلم بالطبع عن السيناريو الجزائرى فى منتصف التسعينيات، عندما جرت انتخابات برلمانية، فاز فيها التيار الدينى فألغاها الجيش، وقرر هو أن يحكم، لا نتكلم عن هذا السيناريو، ولا حتى عن سيناريو شبيه، وإنما عن أوضاع نراها الآن ويمكن أن تؤدى بطبيعتها إلى أن نجد أنفسنا أمام نتيجة السيناريو الجزائرى، وليس أمام السيناريو نفسه!
والمعنى أن كثيرين كان رأيهم، ولايزال، أن التسلسل الطبيعى للخطوات الثلاث، التى علينا أن نقطعها، ابتداء من اليوم ولمدة عام تقريباً، هى أن يكون هناك دستور محترم، أولاً، ومن بعده تأتى انتخابات رئاسية، ثانياً، ثم تكون انتخابات البرلمان، هى خطوة الختام، وساعتها سوف تكون الأمور قد مضت فى سياقها الطبيعى، وسوف تؤدى كل خطوة فى هذا السياق، إلى الخطوة التى تليها، دون مشاكل كبيرة، ولا حتى صغيرة، يمكن أن تواجهنا، كمجتمع، عموماً، وتواجه المجلس الأعلى خصوصاً.
فإذا حدث العكس، وهو ما يبدو حتى الآن، أنه سوف يحدث، بمعنى أن تأتى انتخابات مجلس الشعب، أولاً، فى سبتمبر المقبل، وتأتى بعدها خطوة وضع دستور جديد أو انتخاب رئيس، أيهما أولاً، لا أحد يعرف إلى هذه اللحظة، فسوف تكون هناك مشاكل نحن فى غنى عنها، كما أن المجلس الأعلى فى غنى عنها أيضاً، وبالدرجة نفسها.
وإلا.. فماذا نتوقع حين تجرى انتخابات برلمان فى موعدها الذى نتحدث عنه الآن، ثم نجد أنفسنا وقتها، أمام مجلس شعب، الغالبية فيه، أو ما يقترب من الغالبية، للتيار الدينى عموماً، سواء كان هذا التيار متمثلاً وقتها، فى جماعة إسلامية، أو فى جهاد، أو سلفية، أو إخوان، أو... أو... فكلهم موجودون فى لحظتنا هذه على الساحة، وكلهم يتحركون علناً، لا سراً، وكلهم يقولون إنهم سوف يخوضون الانتخابات، ويراهنون على تحقيق نتائج معينة فى الانتخابات!
حين يحدث هذا، وهو متوقع، فسوف تكون المحصلة الطبيعية أن الناس فى أرجاء المجتمع، سوف يشعرون بالهلع، لا لأنهم ضد وجود هؤلاء جميعاً فى مجلس الشعب، وإنما لأن وضعاً من هذا النوع سوف يكون جديداً على الناس، وسوف يكون بحكم أنه جديد، مُخيفاً لهم، لا لشىء إلا لأنهم سمعوا وقرأوا عن عواقب وجود الدولة الدينية فى أى بلد.
جميعاً بالطبع يجب ألا نكون ضد أى حصيلة تؤدى إليها أى انتخابات، فهذا هو اختيار الناس، الذى يتعين علينا أن نحترمه، ولكننا نتحدث عن وضع جديد تماماً، سوف يكون على آحاد الناس، فى أركان البلد، أن يواجهوه للمرة الأولى، وفى الوقت نفسه فإن علينا أن نتذكر أن «هتلر»، الذى دمر بلده والبلاد المجاورة، كان قد جاء إلى الحكم عام 1933 فى انتخابات حرة ونزيهة، ومباشرة!
عندما يحدث هذا فى البرلمان، وعندما يستشعر الناس الخوف، سوف يلجأون إلى الركن الأقوى، وهو المجلس الأعلى، وسوف يكون الرجاء أن يبقى، وسوف لا يكون أمامه، والحال هكذا، إلا أن يقبل ويمتثل.. فهذه، وقتها، هى رغبة الناس، ولن يكون أمامه إلا أن يحققها!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات