فى كل البلدان المحترمة فإن كل قرش أو بنس أو هللة أو هدية تقدم إلى الملك أو رئيس الدولة أو أى مسئول ينبغى أن تسلم إلى خزينة الدولة أو «الأمانات». ما لم تكن هدية تذكارية.
وبما أننا صرنا بلدا محترما بعد سقوط حكم العصابة التى كانت تحكمنا، فالواجب أن نطالب بمطلبين رئيسيين. الأول أن يتم التأكيد على تطبيق مبدأ عدم تسلم أى مسئول مالا من الخارج وأن يلتزم بتسليم كل ما يصله إلى الهيئة المختصة.
المطلب الثانى موجه إلى جميع أجهزة القضاء المصرى وإلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة الحاكم وهو ضرورة «النبش فى كل الملفات» واطلاع الشعب على كل المساعدات والمنح التى وصلت إلى مصر منذ السادس من أكتوبر عام 1981، عندما تولى حسنى مبارك حكم مصر. ليس سرا أن هناك حكايات وقصصا وروايات كثيرة عن تلقى بعض كبار المسئولين لمنح وهدايا ضخمة للغاية من بعض الحكام العرب خصوصا الخليجيين منهم.
لا نملك معلومات موثقة عن ذلك، لكننا نملك مؤشرات عديدة تقول إن هؤلاء المسئولين عندما كان يتم تخييرهم بين مصلحة حكام الخليج ومصلحة رعاياهم فى هذه البلدان كانوا يقفون بجوار الحكام فورا ومن دون نقاش.
لم يحدث ولو لمرة واحدة أن انحاز مبارك أو أى مسئول مصرى فى الحكم إلى مصلحة مواطن تعرض للجلد أو الاغتصاب فى السعودية، أو لسرقة مستحقاته فى معظم البلدان الخليجية، أو للطرد الجماعى من ليبيا.
فى المقابل شاهدنا مرارا وتكرارا قادة الهند والفلبين وسريلانكا وبلدان اخرى يهددون بعض بلدان الخليج باللجوء إلى المحاكم الدولية لمجرد مقتل ممرضة أو طرد عامل والسبب أن قادة هذه البلدان كانوا منتخبين من شعوبهم ولم يكونوا يتلقون رشاوى من أى بلد خارجى.
نريد أن نعرف من القضاء المصرى حجم المعونات التى دخلت مصر.. كم منها ذهب فعلا إلى الخزانة العامة، وكم منها ذهب إلى جيوب هؤلاء الحكام.
كنا أبرياء جدا حتى فوجئنا أن عائلة الرئيس مبارك لم تكن تفرق بين المعونات الخارجية الواردة لمكتبة الإسكندرية وبين ثروتها الخاصة، لكن بعد الذى بدأ يتكشف وجب علينا أن نشك فى كل شىء.
لا أستطيع إدانة مبارك، فتلك مهمة القضاء العادل. لكن حديث مليارات الدولارات المهربة بدأ يضغط على أعصاب الشعب.. مواطنون لم يكونوا يجدون رغيفا فى صندوق القمامة ومسئولون يفترض أنهم أمناء على ثروات تحولوا إلى لصوص لسرقة ونهب مال الشعب.
هل يمكن لحكومتنا الجديدة وأجهزتها المختلفة أن تسأل الحكومات الأجنبية عن حجم المنح والمساعدات التى قدمتها لنا؟!.
هل يمكن أن يستيقظ ضمير حكام العالم خصوصا العرب ليخبرونا كم دفعوا هدايا ورشاوى شخصية لمسئولينا؟!.
علينا ألا نيأس.. وأن نواصل مطاردة كل من سرق أموالنا أو ساعد فى إفساد مسئولينا، ليس فقط من أجل إعادة هذا المال، ولكن كى نردع كل مسئول قادم من التفكير فى السرقة مرة أخرى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات