وصف نجيب محفوظ (1911 - 2006)، أحد عظماء مصر والعالم فى القرن العشرين، مذبحة الأقصر عام 1997 بأنها «5 يونيو جديدة» فى إشارة إلى هزيمة 1967، ولو كان حياً بيننا، رحمه الله، لفرح بثورة 25 يناير لأنها ثورة شعبية مثل ثورة 1919، التى عبر عنها فى أدبه ودافع عنها طوال حياته، ولوصف جريمة طالبان مصر فى قنا يوم الاثنين 21 مارس، التى تم فيها قطع أذن أيمن مترى، المدرس فى مدرسة قنا الثانوية الزخرفية، بدعوى تطبيق الحدود الإسلامية، بأنها «5 يونيو جديدة» أيضاً، وذروة أخرى من ذروات الثورة المضادة.
كان العنوان الرئيسى للصفحة الأولى فى الطبعة الأولى من «الأهرام» يوم الجمعة 25 مارس «جريمة نكراء فى صعيد مصر»، ثم أصبح فى الطبعة الثانية الخبر الثانى، وعن المصالحة التى تمت بـ«إجبار» أيمن مترى على التنازل، كما جاء فى حواره مع مندوب «الأهرام» فى الصفحة الثالثة من الطبعة نفسها، وقال مترى فى هذا الحوار الذى أجراه الزميل أسامة الهوارى: «سوف أسافر لإجراء عملية تجميل لأنه كما ترى أذنى شوهت بعد قطعها، وكذلك رقبتى وباقى أجزاء من جسمى لأن الضرب كان مبرحاً».
وفى الاختلاف بين الصفحة الأولى فى الطبعة الأولى والطبعة الثانية الفرق بين مواجهة الثورة المضادة وبين العمل على انتصارها، لو كان إرسال الراديو والتليفزيون قد قطع عند جريمة قرية الكشح مثلاً، وكانت موضوعاً للعناوين الرئيسية فى الصفحات الأولى من كل الصحف، وشاهد الشعب المصرى حقيقة ما حدث، لما تكررت هذه الجرائم ضد مصر، ولا أقول ضد المصريين المسيحيين، فهى جرائم ضد الوطن وضد الدولة وضد الشعب بجميع طوائفه وأعراقه، والنيابة العامة لا يجب أن تقبل تنازل أيمن مترى، ليس فقط لأنه قال علناً إنه أجبر عليه، وإنما حتى يحاكم الجناة فرداً فرداً أمام المحاكم العسكرية باعتبارهم من البلطجية، وألا يطلق عليهم أنهم من السلفيين، احتراماً للسلف الصالح، ودفاعاً عن الإسلام ونبيه الكريم.
بعد الاحتفال فى الصحف والتليفزيون برموز العنف باسم الإسلام من القتلة والمجرمين، الذى يدل على عمى البصيرة ونفاق العوام المضللين على حساب كل القيم الأخلاقية، وكل شىء للبيع، وبعد أن أفسد الطالبانيون الاستفتاء على التعديلات الدستورية، وبعد أن طالبوا علناً بهجرة من يختلف معهم، أى طردهم من مصر، لأن البلد أصبحت لهم وحدهم، وهذا ما قالوه بالنص، تأتى جريمة قطع أذن أيمن مترى، وليس من المهم على الإطلاق ماذا فعل، وهل أخطأ أم لم يخطئ، لتؤكد أن مصر فى مفترق الطرق فعلا، إما أن تتحول إلى نسخة من أفغانستان طالبان، وإما أن تصبح دولة مدنية ديمقراطية كما كانت منذ مائة عام.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات