بقلم بلال فضل ٢٧/ ٣/ ٢٠١١
■ كيف يمكن أن يعبر عن حكومة ننتظر منها الصدق والإنجاز نفس الوجه الذى كان يعبر عن حكومة اعتادت الأكاذيب والفشل؟ هل راودك هذا السؤال وأنت ترى كيف احتفظ السيد مجدى راضى بمنصب المتحدث الإعلامى لمجلس الوزراء فى وقت تغير فيه المجلس بقضه وقضيضه وحاله ومحتاليه؟! قبل أن يتهمنى أحد بأننى من هواة التغيير عمال على بطال الذين لا يحبون منح فرص جديدة للوجوه القديمة، دعونى أضرب لكم مثلا بالغضب الذى أثاره مشروع قرار حظر التجمهر الذى أصدره مجلس الوزراء وأرسل به إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة، والذى جاء بسبب سوء تقديم القرار للناس إعلامياً، وقد علمت أن رئيس الوزراء الدكتور عصام شرف غضب من الطريقة التى تم تقديم المشروع بها لوسائل الإعلام، وأنه طلب من سيادة وزير العدل أن يظهر فى أكثر من وسيلة إعلامية ليؤكد أن القانون لا يمنع حق التظاهر السلمى، وأنه مختص فقط بالمظاهرات التى تقوم بتخريب المنشآت وتعطيل الإنتاج عمدا. لا يا سيدى، أنا لست مع المظاهرات الفئوية، لعلك تذكر أننى كتبت ضدها أكثر من مرة كان آخرها خلال حديثى عن (الخطط الإجهادية)، لكننى أيضا قلت أكثر من مرة إن ملفها المزعج يمكن ضبطه بسهولة من خلال وضع آلية لتلقى الشكاوى العادلة للنظر فيها، وهو ما كان سيصعب مهمة من يريد التخريب تحت غطاء التظاهر، وقد اقترح الدكتور علاء الأسوانى صيغة (اللجان القضائية) لتلقى هذه الشكاوى ووضع جدول زمنى للنظر فيها، بينما اقترحت على المجلس الأعلى قبل شهر ونصف إنشاء لجنة مشتركة من هيئة الرقابة الإدارية والنيابة الإدارية لتلقى هذه الشكاوى وفحصها ورفع تقارير عنها لاتخاذ القرار فيها طبقا للأولوية والجدية، وتحدث كتاب آخرون عن ضرورة تفعيل دور ديوان المظالم الملحق بمجلس الوزراء لكى يكون له حضور ملموس يزيل ما ران عليه من سمعة سلبية، وأعتقد أنه لو كان قد تم تفعيل أى صيغة من هذه الصيغ قبل إصدار القرار لاختلفت طريقة استقباله بشدة، ولأدرك الناس أن من يستمر فى التظاهر بعد وجود آلية لبحث مظلمته، هو إما سيئ النية أو سيئ التدبير، ولما تعاطفوا مع أى قرار يُتخذ ضده ولو كان صارما. أعتقد أن صياغة القرار لاتزال فضفاضة أكثر من اللازم رغم كل ما قيل من تطمينات، لأنه يمكن أن يُستخدم حسب نوايا بعض المسؤولين الفاسدين لقمع من يحتجون على فسادهم ويفضحونه، ومع ذلك فقد كان تأثيره السلبى سيخف لو كان هناك متحدث إعلامى كفء يطرحه للناس بشكل أفضل، موضحا آليات محددة لتحقيق نواياه الطيبة، ومشددا على فصله عن حق التظاهر السلمى الذى لا يقوم بالتخريب أو تعطيل العمل. طيب، بما أن الدولة ألغت مشكورة منصب وزير الإعلام الكريه، وبما أنها أيضا لا تريد إصلاح حال الإعلام التابع لها بجميع فروعه، لذلك على الدكتور شرف أن يتخذ قرارا بتعيين متحدث إعلامى صاحب كفاءة وخبرة فى التعامل مع الشائعات والآراء المتضاربة، تكون لديه صلاحيات واسعة من المجلس الأعلى ومجلس الوزراء للتعامل الفورى مع أى شائعة تنتشر فى الشارع حتى ولو كانت عن أمر يخص القوات المسلحة لدحض تلك الشائعات التى تروج بكثافة على الإنترنت ويمكن دحضها بسهولة لو توفرت النية، وفى مصر كفاءات صاحبة خبرة أكثر من أن يحصيها مقال واحد، إلا إذا كان الدكتور شرف يعشق أن يجيب لحكومته وجع القلب، ولا أظنه كذلك. ما سمعته عن اتخاذ قرار بنقل ملف التغييرات الصحفية والإعلامية بعيدا عن عهدة الدكتور يحيى الجمل. أعتقد أن مشكلة أستاذنا الكبير مع هذا الملف الشائك تكمن فى كونه مرتبطا بعلاقات وطيدة وممتدة مع أجيال مختلفة من الصحفيين والإعلاميين، ولذلك فقد كان حذرا جدا ومتحسبا لأى مشاكل يمكن أن تحدث بسبب قراراته، مع أن الأمر لم يكن يتطلب سوى إقرار مبدأ الانتخابات فى المؤسسات الصحفية والإعلامية، ليتحمل الجميع فى كل مؤسسة مسؤولية اختيارهم، خصوصا أن جميع المؤسسات عامرة بالكفاءات المبدعة التى تعرضت للتطفيش والتهميش والتهشيم على أيدى موالسى الحزب الوطنى المبارك. للأسف، لا يبدو أولو الأمر حتى الآن مقتنعين بأن الإعلاميين والصحفيين أهل للديمقراطية، ولذلك فهم مصرون على الاستمرار فى سياسة التعيينات الفوقية القديمة. يُقال والله أعلم إن الملف انتقل إلى مسؤولية الدكتور عصام شرف، رئيس الوزراء، على أن يتفرغ الدكتور يحيى لملف الحوار الوطنى الذى سيبدأ متأخرا للأسف، فى وقت كرهت الناس فيه كلمة الحوار من فرط ما رأوه من حوارات على شاشات الفضائيات، يخرج الناس منها أقل رضا وأكثر قلقا، بينما هم فى حاجة إلى قرارات ملموسة تنتشلهم من حالة الغموض السلبى الذى تعيشه البلاد فى ملفات كثيرة. الناس يا سادة يريدون إجابات قاطعة تجعلهم لا يجرون وراء الشائعات التى احتلت دور السحابة السوداء فى سماء مصر. يعلم الدكتور يحيى الجمل تقديرى لشخصه الكريم، ولكن إيمانى بديمقراطيته يجعلنى أرجوه أن يسمح لى بمصارحته بأن هناك كثيرين، خصوصا بين أوساط الشباب الذين تابعوا حواراته الأخيرة فى الصحف والفضائيات المختلفة، يعتقدون أن مستقبل الحوار الوطنى لن يكون مشرقا على يديه، لذلك أتمنى أن يتنحى عنه بترفع سيحسب له، ثم يأخذ المجلس الأعلى للقوات المسلحة ورئيس الوزراء قرارا بإسناد ملف الحوار إلى شخصية مرنة ذات فكر غير تقليدى تستطيع توجيه الحوار نحو مسارات جديدة وخلاقة تحتاجها مصر الآن، على أن يتم تكليف الدكتور يحيى بملف مهم جدا، هو ملف الحوار مع الشيخ محمد حسين يعقوب. ■ شكرا لكل الزملاء والأصدقاء الذين أشاروا فى صحفهم ووسائلهم الإعلامية إلى ما نشرته يومى الأربعاء والخميس الماضيين عن وثيقة الخطط الإجهادية (بالدال وليس بالضاد والله العظيم.. هى مكتوبة كده يا كل أصدقائى الذين ظنوا أن العبد النحيل لا يعرف الفرق بين الإجهاد والإجهاض)، شكرا أيضا لكل القراء الكرام الذين تفاعلوا معها إيجابيا وبدأوا بالإبلاغ عن تحركات مريبة شعروا أنها مرتبطة بهذه الخطط إما بشكل مباشر أو غير مباشر، جاءتنى رسالة من قارئ كريم قام بإبلاغ القوات المسلحة بقيام بعض التجار بتهريب الأرز بكميات كبيرة إلى ليبيا وبأسعار خرافية، جاءتنى رسائل أخرى لا أحبذ الإشارة إليها، وقد نصحت أصحابها بالاتصال بأرقام الشكاوى التابعة للقوات المسلحة، وقمت بإبلاغ بعضها بنفسى لمن يهمه الأمر لإدراكى خطورتها، وأتمنى أن يتفاعل جميع القراء إيجابيا مع كل الشكوك التى تراودهم حول وجود تحركات مريبة لفلول النظام السابق، خصوصا ما يسعى منها لمحاولة خلق أزمات اقتصادية تمس المواطن البسيط، وأن يتذكروا أن من يفكر بعقلية موقعة الجحش يمكن أن تنتظر منه أى رفسة غبية. وأتمنى على وزير الداخلية اللواء منصور العيسوى أن يقوم بتفعيل خطوط النجدة والشكاوى التابعة لوزارته للمساعدة فى التفاعل مع شكاوى المواطنين من أى محاولة لإجهاد الثورة طمعاً فى إجهاضها، وأن يختار لهذه المهمة شخصية مشهودا لها بالوطنية والكفاءة، لأن تصحيح صورة الشرطة لدى الناس لن يكون بالإعلانات، بل سيكون بشعور الناس بسرعتها لنجدتهم. الشكر واجب أيضا لبعض القراء الذين سخروا مما كتبته واعتبروه «مجرد خيال مريض»، ويبدو أنهم اعتمدوا فى ذلك الحكم على بعض أفلامى الهزلية التى يكرهونها، وكنت أتمنى أن يتذكروا أننى أجدت كتابة الحبكة على ما أظن فى بعض أعمالى، وبالتأكيد لو كنت سأقوم بتأليف حكاية كهذه فلن ألجأ إلى حكاية اللاب توب الذى تم اكتشافه بالصدفة، سأتعب قليلا فى الحبكة، ليست صعبة يعنى. سخريتهم على رأسى من فوق، وأعذرهم والله، خصوصاً فى هذا المناخ الملىء بالشكوك والذى يظن البعض فيه أن أى تحذير للناس هو سعى لإفزاعهم، بدلا من أن يتعاملوا معه بوصفه وسيلة لتنبيه الكل إلى أننا مطالبون بالتكاتف لمواجهة التحديات الخطيرة التى تهدد وطننا وثورتنا. على أى حال أريد أن أنبه إلى أنه لحسن الحظ يكون الواقع أحيانا أقل اهتماما بالحبكة، ولذلك تسقط شبكات تجسس فى العالم كله بسبب أخطاء فردية، بعضها شديد البلاهة، وأعتقد أن مبدع أدب الجاسوسية الدكتور نبيل فاروق يمكن أن يفيدنا كثيرا فى هذه النقطة. من المفيد التنبيه أيضا إلى أن (المصرى اليوم) ليست صحيفة تصدر تحت بير السلم، ولم يكن رئيس تحريرها سيسمح لى بنشر موضوع بهذه الخطورة إلا بعد أن يسألنى على الأقل عن مصدرى من باب الاطمئنان إلى مصداقية صحيفته، أنبه أخيرا إلى أن الذين شاهدوا حلقة برنامج (آخر كلام) التى خصصها المذيع اللامع الصديق يسرى فودة لمناقشة ما كتبته بحضورى وحضور الدكتور علاء الأسوانى كانت قد شهدت مداخلة طويلة على الهواء مع أحد قادة القوات المسلحة الذى اكتفى فقط بتكذيب ما قاله العقيد عمر عفيفى فى الجزء الأول من الحلقة حول دخول كميات كبيرة من الأسلحة إلى مصر، ورغم أنه ناقشنى أنا والدكتور علاء بصدر رحب فى قضايا مهمة كثيرة لا يتسع المقام لسردها، فإنه لم ينف كلمة واحدة مما نشرته على مدى يومين، لأن سيادته بالتأكيد يعرف أن تلك الوثيقة موجودة تحت تصرف الجهات السيادية، وأنه يجرى التعامل مع كل ما نشرته بجدية شديدة، وقد أسعدنى أن أعلم أن هناك تحركات تمت لبحث مسألة حماية المرشحين الرئاسيين فور بدء جولاتهم الانتخابية رسميا، فضلا عن استمرار التحركات التى قادها وزير الداخلية للسيطرة على عدد من العناصر التخريبية التى أساءت إلى جهاز الأمن، وأعتقد أن الأيام المقبلة ستشهد إعلان تطورات عديدة فى هذا الصدد. أحب هنا أن أختم بتحية الروح الإيجابية التى أبداها بعض ضباط الشرطة الذين لم يكتفوا بالوقوف فى خانة المتفرجين أو الساخطين، بل بدأوا فى أخذ مبادرات لتنقية ساحة الوزارة من كل ما يوجه إليها من اتهامات، وأعدهم بأن أنشر بعض ما أرسلوه إلىّ من اتهامات بخصوص بعض الضباط الذين يهاجمون أداء الوزارة، ولكن بعد أن يستكملوا إرسال الوثائق التى تثبت صحة كلامهم لكى يتضح الأمر للرأى العام، وأتمنى عليهم جميعا أيا كانت ملاحظاتهم على اللواء منصور العيسوى خصوصا ما يتعلق ببعده عن الخدمة وتواضعه مع الناس، أن يدركوا أن هذا الرجل بروحه المصرية الأصيلة، وبسبب تلك الملاحظات تحديدا، يمكن أن يكون فرصة تاريخية لتحقيق مصالحة حقيقية بين الشرطة والشعب، تبدأ فيها مرحلة تكون فيها الهيبة لروح القانون وليس لشخطة الضابط وتكشيرته. والله من وراء القصد، أو هكذا أزعم. |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات