حوار نجلاء أبوالنجا ١٦/ ٣/ ٢٠١١
لم تنفصل «بسمة» يوما عن الحياة الاجتماعية والسياسية وعرفت دائما بأن لديها رؤية ووجهة نظر فى كل الأوضاع وليست الفنية فقط، وكم أعلنت مواقفها وآراءها السياسية دون خوف حتى فى وجود النظام السابق، وترتب على ذلك إثارة العديد من المشكلات لها، أهمها استغلال اسم جدها المناضل السياسى الكبير يوسف درويش، والتذكير بأنه كان فى الأصل يهودياً رغم أنه أشهر إسلامه فى بداية شبابه، لكن التلويح بتلك المعلومة كان دائماً له أهداف انتقامية من بسمة التى كانت من أبرز الوجوه النسائية التى شاركت فى ثورة ٢٥ يناير. ■ صرحت من قبل بأن الثورة بالنسبة لك كانت «طوق نجاة» انتظرته كثيرا.. فما الضغوط التى جعلتك تؤمنين بالثورة وتتوقعين حدوثها؟ - كل من له وجهة نظر فى الحياة مهما كانت ضآلتها كان يشعر بالضغط والظلم والفساد من حوله، ويتمنى تغيير هذا الواقع سياسيا واقتصاديا واجتماعيا.. وأنا كأى مصرية كنت أرى بوضوح ما يحدث على أرض مصر، وأشعر بضغط شديد من سوء الأوضاع وتدهورها بشكل مؤسف كل يوم أكثر من اليوم السابق.. والحقيقة التى يجب توضيحها أن الثورة لم تقم من أجل لقمة العيش فقط وليست ثورة جياع قهرهم الفساد والفقر بل هى ثورة مجتمع كامل بكل أطيافه من أجل التغيير فى كل شىء حتى يتغير كل شىء نعانى منه بكل طوائفنا كمثقفين وبسطاء وأميين وأغنياء وفقراء.. وفعلاً كدنا جميعا نختنق لولا الثورة التى أعادت لنا الأكسجين بعد أن وصلت نسبة تلوث الحياة من الفساد للدرجة التى تبيد أى شىء. ■ ألم تخافى من أن ينكل بك فى حالة فشل الثورة وبقاء النظام؟ - طبعاً خطر على بالى كل أنواع المخاوف وما يمكن أن يحدث فى حال استمرار النظام استطاعته قهر الثورة.. لكنى لست أفضل من كل المصريين الذين نزلوا للميدان.. كنت أستمد الشجاعة منهم وأعمل بمبدأ «يا روح ما بعدك روح». وخلال الاعتصام فى ميدان التحرير حدثت مواقف جعلتنى أصرّ على الاستمرار فى التظاهر وكل يوم أزداد إصراراً، أولها حين شاهدت بعينى جثة أحد الشهداء الذى أطلق عليه القناصة رصاصة قتلته أمام وزارة الداخلية.. كم كان هذا مشهداً مهيباً.. فلأول مرة فى حياتى أرى مشهدا كهذا، ولم يكن ببالى أنه سيأتى يوم أرى فيه جثة شاب مصرى شهيد.. هذا جعلنى أبكى وأرتجف وأصر على الاستمرار فليست حياتى أغلى من دماء هذا الشاب وتحول الأمر إلى ثأر لدم الشهداء، بالإضافة للهدف الأكبر وهو التغيير.. وزاد حنقى وسخطى بعد «موقعة الجمل» وهجوم البلطجية علينا والمذبحة التى رأيتها تحدث أمام عينى.. وقتها شعرت بأننا لا يمكن أن نتراجع فنحن نواجه نظاماً وأشخاصاً عتاة فى الإجرام، ومن العته أن نترك هؤلاء يحكموننا بعد اليوم. ■ انقسم أهل الفن حول مبارك ومنهم من أيده وتعاطف معه بسبب مرضه، وبعد الثورة تم وضعهم ضمن القوائم السوداء ما رأيك فى هذا الانشقاق؟ - أنا مؤمنة بمبدأ الحرية لذلك لا أرحب بأن أقيم الآخرين وآراءهم وأصنفهم فى قوائم.. لكننى طبعا لم أكن راضية عما يحدث، فمحاولات التفريق فى الآراء كانت مهمة النظام الأولى بكل أسف وهذا اتضح بين الفنانين، لأن هناك تركيزاً معهم ومتابعة لآرائهم، لكن أنا شخصياً لم أشعر بأى تعاطف تجاه الرئيس مبارك، بسبب ما يقولون عنه من أنه بطل حرب وسلام وصاحب الضربة الجوية، ومع احترامى لكل هذا لم تتغير نظرتى لنظامه الفاسد أبدا، وحتى محاولات استدرار تعاطف المصريين بمرضه وكبر سنه لم تحركنى على الإطلاق، لأننى شاهدت بعينى أجمل شباب مصر يموتون أمام عينى، شاهدت فساداً ورشاوى ومحسوبية وظلماً وأمراضاً، لذلك لم أتعاطف معه لحظة ولن أتعاطف مع من ظلمنا فى عهده وقتل شبابنا بقناصته ورفض التنحى من أجل التمسك بالكرسى ولتحقيق مشروع التوريث. ■ كيف تتعاملين مع النجوم الذين تضمهم القوائم السوداء وكيف ترين شكل التعامل مع الذين اتهموا بالنفاق بعد تغيير آرائهم بعد نجاح الثورة؟ - رغم أنى لم أهاجم أيا من المعارضين والتمست العذر لبعضهم، بسبب التضليل الذى فرضه التليفزيون المصرى ليلا ونهاراً فإننى أسفت كثيرا، بسبب الذين حاولوا التطاول على المتظاهرين والذين تحدثوا عن وجود مخدرات وعلاقات جنسية فى ميدان التحرير، وأيضا من الذين طالبوا بحرق المتظاهرين واتهموهم بأنهم أصحاب أجندات هدامة وعملاء وغيرها من اتهامات غير صحيحة، رمى بها الفنانون الذين للأسف يعتبرون زملاء لى فى نفس المهنة.. والأدهى من ذلك كمية النفاق التى طفحت بعد نجاح الثورة منهم أيضا وحاولوا تغيير آرائهم بعد سقوط النظام الفاسد الذى أيدوه و هذا النفاق غير مقبول، ففى النهاية المعارضون والمؤيدون أحرار فى آرائهم طالما عبروا عنها بشكل محترم. ■ بعد تنحى مبارك لماذا شاركت أيضا فى الثورة لإقالة حكومة شفيق رغم وجهة نظر البعض بأنه من حقه أن يحصل على فرصة ليثبت نفسه؟ - أهم وأول مبدأ للثورة كان تنحى الرئيس ومحاكمة كل رموز النظام السابق، لذلك كنت ضد شفيق، لعدم ثقتى فى أى شخص كان مرتبطاً بالنظام السابق وبالحزب عموماً حتى إن كان شفيق شخصاً جيداً. ■ ما رأيك فى تولى عصام شرف رئاسة الوزراء بعد خلع شفيق؟ - هذا نتاج واستكمال لانتصار الإرادة الشعبية الحرة.. وأتفاءل كثيراً بحكومة شرف، رغم أنى أعرف كم الضغوط والمسؤوليات الملقاة على عاتقه، لكنه رجل وطنى ومحترم وهو أول رئيس وزراء يأتى برغبة الشعب ومن قلب الميدان وهذا انتصار فى حد ذاته. ■ هناك أكثر من مرشح للرئاسة والبرادعى الذى أيدته من قبل من أبرز المرشحين فلمن سيكون صوتك؟ - حتى الآن لم يُفتح باب الترشّح لمنصب الرئاسة، ورغم إعجابى بالبرادعى وتوقيعى على بيان التغيير فإننى حتى الآن لا أعرف من سأمنحه صوتى، خاصة أننى لست عضوة فى حزب أو منتمية لأى حركة، لذلك سأكون مثل أى مصرية بسيطة وسأمنح صوتى لصاحب البرنامج الانتخابى الأفضل، ففى النهاية أنا لا أنحاز لأشخاص بل أنحاز لإصلاح وأتمنى أن يشارك الشعب بكل فئاته فى الانتخابات والاستفتاءات. ■ بعد الثورة توقفت تقريبا الحياة الفنية فهل هذه مرحلة مؤقتة؟ وما توقعاتك للتغيرات التى ستحدث فى الفترة المقبلة؟ - لا أنكر أن هناك حالة من الارتباك ومازالت الأمور تحتاج بعض الوقت، وهذا طبيعى، لأننا نعيش مرحلة انتقالية فى كل شىء.. لكن بعد استقرار الأمور أعتقد أنه سيحدث انتعاش سواء فى المواضيع المقدّمة أو المستوى الفنى، وأتوقع أن تزيد مساحة الحرية وتقل ضغوط الرقابة، وسينتعش الإنتاج وتختلف خريطته بحيث توجه معظم الميزانيات لخدمة العمل السينمائى وخروجه بصورة جيدة، وأتوقع أن نشاهد إقبالا من مخرجين مبدعين بعد تغير الإنتاج مثل داوود عبدالسيد ويسرى نصر الله ومحمد خان. |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات