الآن ظهر شعار جديد مخيف.. إذا اعتبرنا أن كل الشعارات السابقة تبعث على الأمل.. هذا الشعار هو «الوطنى والإخوان إيد واحدة».. لم يرفعه الوطنى ولا الإخوان بالطبع.. إنما كأنه يعلن عن نفسه فى صمت، بما يوحى بانتهازية شديدة.. وتحت عنوان «الوطنى والإخوان يقتسمان الميدان»، تلقيت تعليقاً من المهندس محمد عيد، من بين تعليقات عديدة على مقال « رجب.. حوش حزبك عنى»!
يقول فى رسالته: فجأة ودون مفاوضات أو اجتماعات، بين الوطنى والإخوان، أعلن كلاهما مساندة التعديلات الدستورية المقترحة للتصويت عليها، يوم السبت المقبل، ودعوتهما المصريين للتصويت عليها بنعم تمهيداً لإقرارها... فما الذى حدث ليتفق أعداء الأمس فجأة؟.. الإجابة التى أراها منطقية هى أن كليهما رأى فى التعديلات المقترحة، فرصة لاقتسام الميدان، وإخلائه ممن زرع وروى الميدان بدمائه!
فالمنتفعون بالحزب الوطنى، الذى أغرق مصر فى حزن وطنى لسنوات طويلة، يرون فى التعديلات المقترحة فرصة لاكتساح انتخابات مجلسى الشعب والشورى (الذى لا تحتاجه مصر)، فمنتفعو الوطنى الطلقاء يملكون المقار، والمال المسروق، والأعوان البلطجية، وخبرة الانتخابات وتربيطاتها، التى ستمكنهم من حصد الأصوات (فى غياب أى حزب آخر)، ومن ثم السيطرة على الحياة فى مصر، بغطاء دستورى سيكتمل بانتخاب رئيس، يملك من السلطات نفس سلطات الرئيس المخلوع!
والإخوان يرون فى التعديلات فرصة لعودتهم لمجلسى الشعب والشورى، وسيرفعون بوضوح وحرية تامة، فى كل الانتخابات شعاراتهم الإسلامية، التى تشد الناخب المصرى البسيط.. وقد يستطيعون بطرقهم أن يقنعوا الكثير من البسطاء، بأن عدم انتخاب أعضاء الإخوان، هو إحدى الكبائر التى يعاقب عليها المسلم، ومن ثم يحصدون أعداداً كبيرة من مقاعد المجلسين، قد تتجاوز 50٪، مما يعنى أن يُسمح لهم للمرة الأولى فى تاريخهم، أن يرشحوا المرشد العام لرئاسة مصر!
ويستطيع الرئيس الإخوانى فى ضوء سلطات الرئيس المطلقة، فى الدستور المعدل أن يدعو الناخبين إلى التصويت على دستور يكرس السلطة الدينية باسم الشريعة، والقوانين التى يصفونها بالإسلامية.. وسيكون النظام الانتخابى الحالى، ونسبة 50% للعمال والفلاحين، وعدم تغيير القوانين الانتخابية لتسمح بانتخاب القوائم، داعمة لنجاح الوطنى والإخوان، فى حصد المقاعد التشريعية، ولن يكون فى المجالس الجديدة ممثلون للأقباط، أو لشباب الثورة أو لمفكرى مصر!
والكثيرون ممن لم يكونوا يوماً فى الوطنى، أو تحت عباءة الإخوان، يرون يوم الاستفتاء على التعديلات، لحظة فارقة فى تاريخ مصر.. فالإجابة بـ«نعم» للتعديلات، ستعنى أننا تنازلنا بالديمقراطية عن أحلامنا فى مصر جديدة، تقوم على أسس من المساواة والعدل والعلم والإنتاج والكفاية، لكل المصريين.. وسلمنا مصر للوطنى والإخوان. وإن قلنا «لا» للتعديلات الدستورية، فسيتسع الوقت للمطالبة بدستور جديد، يحمى غالبية المصريين من سرقة ثورتهم النبيلة!
هذه رسالة من رسائل كثيرة جداً خائفة وربما مرعوبة، فيما لو تم إقرار التعديلات الدستورية.. قد نتفق مع بعضها، ونختلف مع بعضها الآخر.. لكنها تعكس مخاوف كبرى لدى الرأى العام.. فى المقابل هناك أصوات من الحزب الوطنى تقول «خايفين ليه».. إذا كنتم تقولون إن الحزب الوطنى قد انتهى وربما مااات!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات