تحت شعار "ارفع رأسك فوق أنت بلطجي"
خفة الدم التي اشتهر بها المصريين أبداً لن تنتهي؛ فبعد ظهور الصفحة الرسمية للقوات المسلحة والصفحة الرسمية لمجلس الوزراء والصفحة الرسمية لوزارة الداخلية، قرر شباب الفيس بوك أن ينشئوا صفحة رسمية للبلطجة في مصر والتي وصل أعضاءها إلى 28 ألف عضو حتى الآن وهم في ازدياد مع الوقت.
الصفحة لها ما أسماه الأعضاء بـ"مجلس العميان" كنموذج للمجلس الأعلى للقوات المسلحة، وتسعى لتكوين حزب سياسي في مصر بعد انهيار الحزب الوطني الذي كان مصدرا للبلطجة، وتضع العديد من الشعارات الساخرة من رئيس الجمهورية المصرية السابق ووزير داخليته وأعضاء الحزب المخضرمين والذي اتُهم الكثير منهم بجرائم متعددة.
وعلى مساحة المعلومات الخاصة بالتعريف بالصفحة تجد هذه الكلمات "لو عوزتنا في تثبيت عيال ماشي، قتل ودبح ده شغلنا وأكل عيشنا، تحرش واغتصاب دي الحاجة الحلوة الي في حياتنا، إنما فتنة طائفية، حد الله ما بينا وما بين الحرام".
القذافي نموذجا
وبدأت السخرية على الصفحة بالرئيس المصري المخلوع "محمد حسني مبارك"، فجاء تعليق: "فيه بلطجي صاحب الضربة الجوية الأولى"، وظهرت أغنيه جديدة يذكر منها "ﺷﻔﺘﻮﺍ ﺍﻟﻮﺍﺩ ﺍﻟﻠﻲ ﺍﺳﻤﻪ ﺣﺴﻨﻲ ﺟﻪ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﻭﻋﻤﻞ ﻟﻪ ﺍﻳﻪ؟، ﺭﺍﺣﻮﺍ ﻋﻤﻠﻮﺍ ﺛﻮﺭﺓ ﻛﺒﻴﺮﺓ، ﻋﺎﺭﻑ ﻋﻤﻠﻮﺍ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﻟﻴﻪ؟، ﻣﺎ ﺑﻴﺴﻤﻌش ﻛﻼﻡ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﻭﻛﻞ ﺍﻟﻮﺯﺭﺍﺀ ﺿﺤﻜﻮا عليه، ﻭﺍﻫﻮ ﻣﻦ ﻳﻮﻣﻬﺎ أﺧﺪ ﻓﻠﻮسه ﻭﻛﻞ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺑﻴﺪﻋﻰ ﻋﻠﻴﻪ".
ولم يسلم الرئيس الليبي "القذافي" الذي كان له نصيب أيضا من السخرية، فاستهزاءا بتعليقاته من أن "المرأة لا بد أن تحصل على كافة حقوقها سواء كانت ذكرا أو أنثى"، وأن "بر الوالدين أهم من طاعة أبوك وأمك".. ظهر هذا التعليق "انتبهوا أيها البلطجية، هناك قلة مندسة علينا لتحويل البلطجة إلى هزار وضحك وهذه مهانة واستهانة، لا يمكن السكوت عليها، انتفضوا أيها البلطجية في كل شارع وحارة وعاطفة وزنقة زنقة وبيت بيت لإعادة البلطجة إلي هيبتها"، واقتباسا من القذافي أيضا كُتب تعليق "يجب أن نجمع إخواننا البلطجية من كل شبر، وبيت بيت، وغرزة غرزة، إلى الأمام لا رجوع.. بلطجة بلطجة بلطجة".
البلطجة المضادة
"الثورة المضادة" مصطلح انتشر في الفترة الأخيرة للدلالة على الطرق المختلفة التي تسعى للقضاء على ثورة 25 يناير بمصر، فظهر في الصفحة ما يعرف بـ"البلطجة المضادة"؛ حيث كتب أحدهم تعليق "نداء لكل البلطجية الشجعان، خدوا بالكم فيه بلطجية بيحاولوا يبوظوا كل الحاجات الجميلة اللي احنا عملناها، ودول من فلول البلطجية السابقين، وعندهم أجندات خارجية"، ويدافعوا عن أنفسهم بأنهم لم يحاولوا بأي شكل من الأشكال إشعال الفتنة الطائفية في مصر قائلين: "إحنا عمرنا ما كنا بنفرق بين مسلم ومسيحي، اللي كان بيجي تحت ايدينا كنا بنقلبه وناخد كل اللي معاه".
ولأن الحزب الوطني الذي استمر لسنوات عديدة في مصر كان يعتبر المصدر الأساسي للبلطجة من وجهة نظر القائمين على الصفحة؛ لذلك قرروا أن ينشئوا حزبا بديل لاستكمال المسيرة "البلطجية"، وعمل نقابة خاصة بهم أيضا، وأن يبحثوا لهم عن مقر آخر بعدما احترق مقر الحزب المقام على كورنيش النيل.
وبالطبع لم يسلم أمن الدولة من تعليقاتهم؛ ففي أحد التعليقات يقول أحدهم: "إيمانا منا نحن معشر البلطجية بأننا جزء لا ينفصل من نسيج هذا الشعب العظيم، وإيمانا منا بمبدأ الاكتفاء الذاتي قررنا إقامة لجان تعذيب لتحل محل مباحث أمن الدولة، والله الموفق والمستعان"، أما بالنسبة للشرطة فظهرت العديد من التعليقات منها: "البلطجي اللي على حق.. يقول للشرطة لا"، و"العيال لما بيلعبوا عسكر وحراميه.. العسكر هما اللي بيستخبوا" في إشارة إلى الاختفاء المريب للشرطة المصرية بعد مساء يوم جمعة الغضب لأيام عديدة، وظهور البلطجة والرعب في كل المناطق.
وعلى وزن شبكة رصد التي كانت ومازالت تتابع أول بأول الثورة في مصر وفي تونس وليبيا، ظهرت شبكة "التعميرة" أو شبكة "رعد" لمتابعة أخبار البلطجية في دولة مصر العربية.
للبلطجة شعارا
وكما كان للثورة المصرية شعاراتها المميزة؛ فاختار البلطجية الفيس بوكيون شاعاراتهم كذلك: "ارفع رأسك فوق أنت بلطجي"، و"الشعب والبلطجي.. يد واحدة" و"إذا البلطجي يوما أراد الحياة.. فلابد للكلبش أن ينكسر" على وزن الشعر للشاعر "أبي القاسم الشابي": إذا الشعب يوما أراد الحياة.. فلابد أن يستجيب القدر.
و"عيش.. حرية.. بلطجة اجتماعية"، "الله.. حنفي.. الوطن"، "مصر محتاجة لسنجتك،ثبت مصر على طريق المستقبل"، "لو لم أكن بلطجيا، لوددت أن أكون"، و"بلطجي وأفتخر" وغيرها من الشعارات التي استوحت ثورة 25 يناير.
كما ستجد سخرية من إحدى إعلانات خدمات الهواتف المحمولة الشهيرة في مصر؛ كهذا التعليق: "غريبة حكاية البلطجي مننا، كل حنفي فينا أهم واحد، بمطواته وسنجته أقوى من أى واحد، بإصراره يقدر يوصل التحرير ويضرب أى واحد، وفى سجنه بيعيش عالم تاني مشفوش أى واحد، ممكن بمطوته يغز أي واحد، يركب الجمل ويضرب ملايين، وهي دي قوة 10 مليون بلطجي، قوتنا مش في قوة 10 مليون بلطجي.. قوتنا إن كلنا على قلب حنفي واحد".
ستجد مثل هذه التعليقات وأكثر على الصفحة التي يتزايد عدد المشتركين بها يوما بعد يوم، إلا أنها لاقت اعتراض من بعض المنضمين للصفحة الذين اعتبروا أن هذه الصفحة تسيء لصورة شباب مصر بعد أن اشتهروا بشهامتهم في لجان الحماية الشعبية التي ظهرت أثناء غياب الأمن، وأنها لا تعبر بالتأكيد عن حق الشهداء الذين ماتوا دفاعا عن الوطن، مطالبين بأن يتخلى أصحاب الصفحة عنها وأن يكرسوا وقتهم للتفكير في كيفية النهوض بالبلاد، بينما يبر أصحاب الصفحة بسخرية قائلين: بأن الفيس بوك مساحة حرة تسمح لنا أن نخرج البلطجي الكامن بداخلنا فهي فرصة جيدة للتعبير عن النفس.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات