بالأمس حذرت من أن خطبة الجمعة ربما تحمل أخطار فتنة إذا استغلها أولئك «النعميون» فى إطار امتطاء المشاعر الدينية، وطالبت بتعليمات مشددة على الأئمة بالاكتفاء بحث الجماهير على الذهاب للاقتراع فقط، دونما توجيه للأصوات أو تأثير عليه.
غير أن الأمور مضت على نحو مغاير فى الأقاليم تحديدا حيث جرى ما حذرنا منه، ففى مدينة أشمون بالمنوفية، كاد خطيب مسجد الأنصار يصنع مشكلة ويثير اشتباكا بين المصلين أمس، حين خرج عن النص الذى حددته تعليمات وزارة الأوقاف، ودخل فى منطقة الهجوم والتكفير لرافضى التعديلات.
ووفقا لشهود على الواقعة أثق فى صدقهم وأمانتهم فقد ذهب الخطيب وهو بالمناسبة عضو فى الحزب الوطنى إلى ترويع الناخبين بأن الذين يقولون «لا» هم المطالبون بإلغاء المادة الثانية من الدستور الخاصة بالشريعة الإسلامية، وإذا وضعنا فى الاعتبار أن غالبية المصلين فى العادة من الأميين وأنصاف المتعلمين فإن الترجمة السريعة لكلام الإمام أن من يصوتون بـ «لا» ضد الشريعة الإسلامية، وبالتالى ضد الإسلام، إذا امتد الخيط على آخره.
وحين احتج عدد من المصلين على توظيف الشيخ للخطبة لخدمة آرائه الشخصية وتوجهه السياسى، كان أن اشتبك معهم فى نقاش حاد انتهى بأن جمعتهم باطلة.
وأزعم أن هذه الواقعة تكررت فى أكثر من مكان فى مختلف محافظات مصر، خصوصا فى ظل الحشد غير العادى، الذى ينفذه «النعميون» منذ أكثر من أسبوع، سواء باستيقاف المارة فى الشوارع ووسائل المواصلات، والدخول معهم فى مناقشات مزعجة تنتهى إلى أن الطريق إلى الجنة يمر بكلمة «نعم»، بينما طريق النار مفروش باللاءات أو بتوزيع كميات هائلة من المنشورات والملصقات.
وعليه فإن خروجا واضحا على قواعد المنافسة العادلة يكون قد وقع قبل التوجه إلى صناديق الاقتراع اليوم، وهو ما يتطلب أولا محاسبة لمن خرقوا التعليمات، ويستلزم ثانيا ألا يتكرر الأمر بصور أخرى أمام اللجان اليوم.
لقد توافقت جميع الكتل السياسية على أن اليوم عيد للممارسة السياسية الحقيقية بعد عقود من التزوير والتزييف واللعب بالأصوات، ومن ثم فإن أى خروج أو محاولة للعودة إلى زمن الانتخابات «الفطيس» يجب أن يواجه بمنتهى الحسم والحزم.. هكذا تقول أبسط مبادئ الموضوعية والشفافية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات