تثير مشاهد الخراب والدمار القادمة من اليابان جراء الهزة الأرضية التي حصلت هناك مؤخرا، حالة من الرعب والهلع في أوساط المسؤولين الإسرائيليين، وقالت صحيفة "يديعوت أحرنوت" إن نتانياهو أمر بإقامة نظام يستطيع تنبيه السكان من قرب حصول هزة أرضية في إسرائيل.
أصدر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو تعليماته بإقامة نظام يستطيع تنبيه السكان من قرب حصول هزة أرضية في إسرائيل، وذلك بعد الكارثة التي ضربت اليابان مؤخرا، وفق ما أفادته صحيفة "يديعوت احرنوت". مذكرة أن إسرائيل تملك قدرة تقنية على التنبؤ بحدوث هزات أرضية قبل ما بين خمس ثوان و 34 ثانية، والذي من شانه أن يفيد بتوجيه تحذيرات للسكان عبر وسائل الإعلام والرسائل القصيرة "أس. أم. أس".
فيما ذكرت صحيفة "هآرتس" أن الدوائر الحكومية الإسرائيلية بدأت مؤخرا ببلورة خطة لتحسين جاهزية الجبهة الداخلية في أوقات الطوارئ والكوارث الطبيعية، مبينه أن الجيش الإسرائيلي بدأ يستعد لسيناريو وقوع آلاف القتلى ومئات الجرحى في حالة حدوث زلزال كبير يتسبب بقتل 16 ألف شخص، وانه يتم العمل هذه الأيام على إعداد الخطط لاستخدام جميع الوحدات المتاحة، وليس فقط قيادة الجبهة الداخلية.
هلع إسرائيلي
في أواخر العام الماضي كشفت تقديرات إسرائيلية تم استعراضها أمام الكنيست حول سيناريو لزلزال قد يضرب المنطقة سيؤدي إلى سقوط 16 ألف مواطن في حال حدوث هزة أرضية قوية محتملة في القريب، فيما أشارت صحيفة "معاريف" حينها أن الكنيست ناقشت الموضوع، لعدم وجود أي ميزانية لمثل هذه الكوارث في الميزانية المزدوجة لعامي 2011 - 2012م، وان المعطيات المتوفرة بهذا الشأن، فإن هزة أرضية عنيفة ستقع في إسرائيل بقوة 7.5 درجة حسب سلم "ريختر" على الأقل، وسيكون مركزها في منطقة "بيسان" على الحدود الإسرائيلية-الأردنية.
وقدرت الجهات ذات الصلة أن هزة أرضية من هذا القبيل ستؤدي إلى سقوط 16 ألف قتيل و6 آلاف جريح في حالة حرجة، فيما سيتم إخلاء 377 ألف من أماكن سكناهم، فضلاً عن هدم عشرات الآلاف من المباني وسيتضرر 20 ألف مبنى بشكلٍ جزئي، على غرار الهزة الأرضية المدمرة التي ضرب فلسطين في العام 1927 وكان مركزها مدينة طبريا.
ويشار إلى انه في شهر تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، ضربت هزة أرضية بقوة 3.6 على مقياس "ريختر" منطقة شمال إسرائيل في مستوطنة "يارون"، شعر بها سكان مدينة طبريا ومستوطنة "هشحار"، دون أن تسبب في خسائر في الأرواح.
الزلزال في اسرائيل مسالة وقت
كثيرا ما تحدثت وسائل الإعلام الإسرائيلية عن إمكانية تعرض اسرائيل لمثل هذه الهزة، مشيرة إلى أن وزارة الصحة الإسرائيلية وضعت خطة لمواجهة هزة أرضية قوية تضرب شمال اسرائيل، وأصدرت تعليماتها بتحسين مدى الجاهزية لكارثة واسعة النطاق.
ففي شهر كانون الثاني/يناير 2010 وعقب الزلزال الذي ضرب هاييتي، حذر رئيس لجنة التوجيه في وزارة البنى التحتية الإسرائيلية افي شبيرا، من مغبة تعرض اسرائيل لزلزال قوي مشابه لزلزال هايتي أو حتى أشد قوة منه موضحا أن زلزالا قويا كهذا ليس إلا مسألة وقت، حيث لا يمكن التكهن بموعد وقوعه لكنه سيأتي حتما. ومن شأنها أن تلحق خسائر جسيمة بالأرواح.
وكشف شبيرا حينها النقاب عن أن 20 بالمائة فقط من المباني السكنية في اسرائيل لن تصمد بوجه هزة أرضية قوية لعدم مطابقتها لمتطلبات المواصفات القياسية في مجال البناء وذلك خلافا للتقديرات السابقة التي تحدثت عن عدم مطابقة ما بين 40 و-50 بالمائة من المباني لهذه المواصفات. وأكد شبيرا وعلى الرغم من ذلك أن اسرائيل ليست جاهزة حاليا للتعامل مع زلازل وانه بحسب تقديراته فان كل مبنى شيّد قبل عام 1980 لن يبقى.
غنايم: الزلزال الأخطر هو عدم التصدي لهزة أرضية
يوم الأربعاء الماضي بحثت الهيئة العامة الهزة الأرضية والكوارث الطبيعية التي اجتاحت اليابان، وخطر حدوث هزة أرضية في المنطقة، وعدم جاهزية إسرائيل لمثل هذه الكوارث، بمبادرة من النائب العربي مسعود غنايم(العربية الموحدة- العربية للتغيير).
وطالب النائب غنايم الحكومة الإسرائيلية بالعمل على تقوية البيوت والمباني العامة المهددة بالخطر، خاصة تلك المبنية قبل عام 1980، وعلى وجه الخصوص المباني والبيوت في المجتمع العربي، لأن الكثير منها قديم وضعيف.
وأضاف: " الكارثة في اليابان هي كارثة رهيبة، والأنباء تؤكد أن المباني في اليابان صمدت بشكل عام أمام الهزة الأرضية لكنها تضررت جدا بسبب التسونامي، ومعروف أن اليابان دولة متقدمة تكنولوجيا وعلميا، ووفقا للكثير من الخبراء في إسرائيل فإن حدوث هزة أرضية في المنطقة بقوة أقل مما حدثت في اليابان بكثير ستؤدي إلى تهدم حوالي 300 ألف مبنى في إسرائيل ومقتل حوالي 20 ألف إنسان. نتمنى أن لا يحدث ذلك، ولكن من واجبنا التحذير والاستعداد، لأنه من المعروف أن إسرائيل تقع ضمن منطقة فعالة وحساسة من الناحية الجيولوجية، خاصة منطقة الغور حيث الشق السوري -الأفريقي. والزلزال الأخطر هو في عدم الجاهزية لمواجهتها".
ونوه إلى أن كافة المؤشرات تدل على أن إسرائيل غير جاهزة للكوارث الطبيعية، ويكفي دليلا على ذلك حريق الكرمل قبل عدة أشهر، محذرا من حدوث هزة أرضية في المنطقة في أية لحظة، وعامل الوقت حاسم، وعلى الحكومة الإسراع في تنفيذ خطة طوارئ قبل فوات الأوان".
أبو راس : التقاء صفيحتين تكتونيتين أدى إلى الهزة الأرضية في المحيط الهادئ
د. ثابت أبو راس الخبير في علم طبقات الأرض قال لـ"إيلاف": "الهزة الأرضية التي ضربت اليابان، هي نتيجة للالتقاء صفيحتين "تكتونيتين" من قشرة الكرة الأرضية، حيث يؤدي تصادم هذه الصفائح واحتكاكها ببعضها إلى هذه الهزة، إذ أن قشرة الكرة الأرضية مركبة من 12 صفيحة تكتونية رئيسية، و25 أخرى ثانوية، وتعد صفيحة المحيط الهادي وصفيحة قارة أسيا اليابسة والتي تقع اليابان على نقطة الالتقاء بيتهما اكبر الصفائح في قشرة الكرة الأرضية.
وأضاف أبو راس :"الآن الهزة الارضية التي ضربت اليابان بين هاتين الصفيحتين الرئيسيتين على شواطئ اليابان وهي من اعنف الهزات الأرضية التي حدث في التاريخ، حيث بلغت قوتها 8.9 حسب سلم "ريختر".
ويوضح أبو راس أن قوة التدمير للهزات الأرضية تعتمد على 5 عوامل:
1- قوة الهزة حسب سلم "ديختر".
2- عمق ومكان الهزة الأرضية، فكلما كانت اقرب إلى سطح البحر كانت اعنف كما جرى في هاييتي قبل عام، حيث كان عمق الهزة 2 كم متر فقط.. وفي اليابان 9 كم.
3- العامل الثالث هو قرب موقع الهزة من مناطق مأهولة بالسكان، فالهزة الأرضية في اليابان لم تكن قريبة من المدن الرئيسية نسبيا في الوقت أن هزة هاييتي ضربت العاصمة.
4- مدة الهزة، فهناك هزات لـ10 ثواني وأخرى تمد على مدار دقيقة كاملة وواضح انه كلما كانت الهزة اكبر كان دمارها اكبر.
5- حدوث هزات ارتدادية بعد الهزة الأولى التي تزيد من الدمار بشكل عام.
الهزة في اليابان كارثة حقيقة
ويؤكد أبو راس أن ما حدث في اليابان هو مأساة حقيقة بكل المعاني، لان الضربة تكونت من 3 مراحل:
المرحلة الأولى كانت الهزة الأرضية نفسها أما المرحلة الثانية التسونامي الذي حصل في أعقاب الهزة التي حصلت في أعماق المحيط، الذي اغرق ودمر قرى ومدن واسعة من اليابان، وأدى إلى ضرب للمنشات ومحطات توليد الكهرباء التي تعمل حسب الطاقة النووية عن طريق استعمال مواد مشعة مثل البلتونيوم واليورانيوم، فالإشعاع الذي نتج عن تدمير 4 منشات نووية أحدث أشاعا على مساحة مئات الكيلومترات، حتى أنة وصل إلى العاصمة طوكيو والتي تبعد 400 كم عن فيكوشياما والتي حدثت فيها دمار محطات توليد الكهرباء كذلك فان الإشعاع النووي قد أنتج غيوم إشعاعية، وصلت بعض المدن الأمريكية على الشاطئ الشرقي للمحيط الهادي. وذلك من منطلق انه كلما كانت الصفيحة أعمق، كلما كان ضررها أقل.
وهذا يعود لعدة عوامل اهمها عمق الهزة، فالهزة الأرضية في اليابان كانت على عمق نحو 9 كيلومتر، بينما الهزة الأرضية في هايتي قبل عام كانت على عمق 2 كيلومتر فقط. لكن الفرق في الأضرار بين الهزتين هو قرب الهزة في هايتي من مناطق مأهولة في السكان حيث ضربت الهزة الأرضية العاصمة، أما في اليابان، فكانت الهزة بعيدة عن المناطق السكنية.
أما العامل الثاني الذي لعب دورا بحجم الأضرار الناجمة عن زلزال اليابان وإسقاطاته، كان مدتها الزمنية الطويلة. فأحيانا تكون الهزة لـ10 ثوان، وأحيانا تصل لدقيقة كاملة. أما العامل الثالث فهي الهزات الارتدادية التي تسبب أضرارا فيما بعد".
وأضاف: "الهزة الأرضية في اليابان لم تحدث أضرارا حقيقية إذا ما قارناها مع قوتها الكبيرة، (أي 8.9 في سلم "ريختر"، ويعود ذلك إلى جاهزية هذه الدولة للهزات الأرضية، والتي أصبحت جزءا من حياتهم. لكن ما حصل في اليابان وأدى إلى هذه الخسائر الفادحة في الأرواح والممتلكات كانت ظاهرة "التسونامي- أمواج المد البحري"، من حيث حجم الموج وسرعته، فالمحيط الهادئ هو محيط واسع، وفي حال حدوث هزة أرضية بداخله فان مساحة الموج وارتفاعه يكونان كبيرين جدا، حيث وصل ارتفاع الموج إلى 10 أمتار.
الهزة الأرضية واقع لا بد منه
وحول فرضية حصول هزة أرضية في اسرائيل وفلسطين قال أبو راس: "من المؤسف أننا قد نتعرض في فلسطين وإسرائيل لهزة مشابهة، وذلك بسبب قربنا من الشق الأسيوي -الإفريقي، والذي يمتد من جبال طوروس في تركيا مرورا بالبحر الميت والبحر الأحمر حتى القرن الإفريقي، علما أن هذه المنطقة نشطة بالزلازل كونها منطقة لقاء لصفيحتين ثانويتين من قشرة الكرة الأرضية، والسبب الثاني أن مفاعل ديمونا النووي يبعد 15 كم خط جوي عن الشق السوري الإفريقي.
عدم جاهزية الحكومة سيؤدي إلى ضرر كبير
ويضيف أبو راس :"أنا لا أتوقع حدوث هزات أرضية بقوة الهزة في اليابان في بلادنا، لكن يكفي هزة بقوة 6 أو 7 وفق مقياس "ريختر" لتحدث دمار كبير بسبب عدم جهوزيته الحكومة والدولة في اسرائيل مقارنة باليابان. أما بالنسبة لتسو نامي فإمكانية حدوثه واردة لكنها لن تكون بقوة وارتفاع تسو نامي اليابان الأخير.
وتسونامي في منطقتنا قد يحدث في حال ضربت هزة أرضية شواطئ اليونان أو تركيا، إذ أن هناك إمكانية وصول أمواج بارتفاع 3 أمتار إلى سواحل اسرائيل، الأمر الذي من شانه إغراق مساحات واسعة على طوال السواحل الإسرائيلية، ويشمل مدن مثل عكا ونهاريا وأجزاء من حيفا، وفي هذه الحالة ممكن أن تصل مياه البحر عن الأودية المختلفة مثل مرج ابن عامر.
وحول الخسائر المترتبة جراء الهزة والتسونامي في اليابان، أشار أبو راس أن الخسائر تقدر بـ300 مليار دولار، وذلك كون كل نواحي الاقتصاد الياباني ضربت، واليوم جل اهتمام الحكومة اليابانية هو ترميم الإضرار الناجمة عن الزلزال، كما أن السمعة الطيبة لليابان قد تضرر والضرر بعيد المدى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات