اختير «أبوغازى» ليكون وزيرًا للثقافة والآثار، وقبل ساعات من حلف اليمين أصبح وزيرًا للثقافة فقط، وليس من الواضح هل أصبحت وزارة الدولة للآثار وزارة من دون وزير، أم ألغيت؟ أم ماذا؟.. كانت وزارة شفيق قد أنشأت وزارة الدولة للآثار أثناء الثورة، وقبل تخلى الرئيس السابق عن الحكم، وهذه الحيرة حول الثقافة والآثار، هى أحدث فصول الحيرة المستمرة تجاه الثقافة والمثقفين، منذ أن بدأ حكم الحزب الواحد فى مصر بعد ثورة الجيش عام 1952.
لم يعرف العالم وجود وزارة للثقافة أو وزارة للإعلام حتى بدأت الأنظمة «الشمولية» فى أوروبا، بعد نهاية الحرب العالمية الأولى 1918، وهى الشيوعية فى روسيا، والنازية فى ألمانيا، والفاشية فى إيطاليا وإسبانيا والبرتغال.. ولم تعرف مصر قبل ثورة 1952 مثل هاتين الوزارتين، وعندما طلب أحمد حسين، زعيم الحزب الفاشى فى مصر، إنشاء وزارة الثقافة عام 1936، كان العقاد عضوًا فى مجلس النواب واستطاع أن يقنع الأعضاء برفض هذا الاقتراح، ومما قاله إن التفكير لا يمكن أن تكون له وزارة، وإن المثقفين يجب ألا يتحولوا إلى موظفين يتنافسون على المناصب، ويهدرون طاقاتهم فى الصراعات الصغيرة.
وبعد ثورة 1952 تم إنشاء وزارة باسم الإرشاد القومى، وهى ترجمة حرفية لوزارة «جوبلز» أيام النازية، وكان شعار هيئة التحرير، وهى أول تسمية للحزب الواحد، الذى ظل يحكم مصر حتى ثورة 25 يناير، «الاتحاد والنظام والعمل»، وهى ترجمة حرفية لشعار حزب «سالازار» فى البرتغال، ثم أنشئت وزارة الثقافة عام 1958، وكانت التسمية ترجمة لاسم الوزارة المماثلة فى فرنسا، والتى أنشأت بعد الحرب العالمية الثانية عام 1945، و هى تسمية ملتبسة، حيث إن ثقافة المجتمع ليست مسؤولية وزارة واحدة، وإنما عدة وزارات.
وطوال نصف قرن ويزيد كانت وزارة الثقافة تدمج مع وزارة الإعلام، ثم تنفصل، ثم تدمج، بل ودمج فى إحدى المرات مع السياحة، باعتبار أن الآثار تتبع الثقافة، والسياح يأتون لمشاهدتها! ثم ألغيت وزارة الثقافة واستبدلت بالمجلس الأعلى للثقافة عام 1981، ثم عادت الوزارة وظل المجلس قائمًا! وكل هذا يدل على العجز عن تحديد المفاهيم، وماذا يقصد بهذا المسمى أو ذاك، ولاتزال الحيرة مستمرة!.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات