الأقسام الرئيسية

استمرار التظاهر واجب الوقت

. . ليست هناك تعليقات:

بقلم: فهمي هويدي

fahmy howaidy

2 مارس 2011 09:19:58 ص بتوقيت القاهرة

تدعونا كتابات عدة هذه الأيام إلى ضرورة التحلى بالمسئولية والكف عن النظر إلى الماضى. وعدم المبالغة فى اتهام المسئولين ورجال الأعمال، لتخلص إلى المطالبة بأن ينصرف كل واحد إلى عمله وأن تنفض المظاهرات والاعتصامات، حتى يعود الهدوء والاستقرار إلى ربوع مصر، ويتم تشغيل حالها الواقف. ويبدى أصحاب تلك الكتابات قلقا شديدا على السياحة والاستثمار الأجنبى، كما يبدون تحذيرا مما وصفه أحدهم بالوقوع فى مستنقع الفوضى.

لأول وهلة. لا يستطيع أحد أن يعترض على شىء من هذا الكلام الذى يبدو بريئا فى ظاهره، لكنك إذا دققت فى مقاصده، ولاحظت أسماء كاتبيه فستكتشف أنه من قبيل الحق الذى يراد به باطل. حيث الدفاع عن الذات فيه مقدم على الدفاع عن الوطن أو المستقبل، كما أن رائحة النفاق فيه تفوح بوضوح.

لا أريد أن أسمى حتى لا أحرج أحدا، فضلا أننى واثق من أن أى قارئ بات يعرف جيدا من الذى يدافع حقا عن الوطن وحلمه، ومن الذى يدافع عن ثروته وأسياده. لكننى أريد أن أقول إنه كما أن بعض الشرفاء رفعوا فى العهد السابق شعار «كفاية» لحكم الطغيان، فإن أصحابنا هؤلاء باتوا يرفعون فى طيات كلامهم الشعار ذاته لهدف آخر تماما هو «كفاية» للثورة ونداءاتها.

التركيز المستمر على وقف التظاهرات لا يراد به وقف الفوضى، وإنما يستهدف إسكات صوت الجماهير، الذى يخوف هؤلاء ويثير فزعهم استحضار الصوت وترديده فى الفضاء المصرى. ولهذا السبب بالذات فإننى أدعو إلى استمرار التظاهرات وعدم إيقافها تحت أى ذريعة. وللدقة فإننى لست معنيا بإزعاج فلول النظام السابق بقدر عنايتى باستمرار ارتفاع ذلك الصوت لكى يصل إلى كل الأطراف. فإلى جانب أنه يبعث بتحذير إلى تلك الفلول لكى تلزم حدودها. أو جحورها، فإنه يوجه رسالة أخرى إلى القابضين على الزمام الآن تنبهم إلى أن جماهير الثورة ستظل مستنفرة ومفتوحة الأعين، حتى يتحقق مطلبها الأساسى المتمثل فى إسقاط نظام مبارك وطى صفحته.

الرسالة الثانية هى الأهم، لأننى أزعم أنه لا تتوفر فى مصر وسيلة لإعلان التمسك بالمطالب والضغط لتحقيقها سوى التظاهرات التى تخرج إلى الشارع، الذى أصبح المنبر الوحيد للجهر بالرأى وتوجيه المطالب إلى قادة الجيش. إذ بعد تجفيف الحياة السياسية عبر سد قنواتها وإماتة خلاياها صار الشارع هو الحل. وما حدث فى ميدان التحرير وغيره من ميادين مصر فى طول البلاد وعرضها يؤكد هذه الحقيقة. إذ لولا ذلك الخروج الكبير لما تحرك شىء فى مصر ولما تزلزلت أركان دولة الفساد والظلم.

فى ضوء هذه الخلفية فإن السؤال الذى ينبغى أن يطرح ليس ما إذا كانت التظاهرات تستمر أم لا، وإنما هو كيف يمكن لها أن تستمر بما يخدم أهداف الثورة ولا يثير الفوضى ولا يصيب الحركة فى البلد بالشلل. أتحدث هنا عن مطالب الثورة وليس عن التظاهرات الفئوية، التى أحسب أنها ينبغى أن تعالج فى إطار كل قطاع، إما برفع المظالم الواقعة على العاملين، أو الوعد بتحقيق المطالب الاجتماعية فى آجال معلومة. علما بأنه لو كانت لدينا نقابات عمالية محترمة، مختلفة عن تلك التى أدارتها أجهزة أمن الدولة فى السابق، لصار التعامل مع تلك المطالب أيسر ولكانت خسائر الإضرابات أقل بكثير.

إننى إذ أدعو إلى استمرار التظاهرات التى تتعامل مع الشأن السياسى العام، فإننى اشترط لذلك ثلاثة شروط. أولها أن يتم التوافق حول مطالب أساسية محددة تتعلق بأهداف الثورة.

وثانيها أن يتم التظاهر يوم الجمعة فقط من كل أسبوع، الذى تتعطل فيه المصالح الحكومية وتتوافر فيه الحشود الجماهيرية بشكل طبيعى. وهو ما يعنى الامتناع عن خروج أى تظاهرات خلال الأسبوع.

الأمر الثالث أن تشرف المجموعات التى تمثل القطاع الأكبر من جماهير الثورة على تنظيم التظاهرات والتدقيق فى هويات المشاركين فيها كما كان يحدث من قبل، للحفاظ على سلميتها واستبعاد العناصر، التى تحاول استغلالها لأى أهداف غير مشروعة.

أذكر أخيرا أن عمر الثورة لا يتجاوز خمسة أسابيع، أن اقتلاعها لنظام جمد الحياة فى مصر طيلة ثلاثين عاما ليس بالأمر الهين، كما أنه لا يمكن أن يتم بالمجان.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات

اخر الاخبار - الأرشيف

المشاركات الشائعة

التسميات

full

footer