أسعى إلى أن يكون لمصر دستور جديد يضعه المصريون جمعا وجميعا وإجماعا فورا أو فى أقرب وقت بدلا من هذا الدستور المرقع لكن ليس لى إلا أن أحترم إرادة الشعب لو أخطأ ووافق على الاستفتاء
التعديلات تمت فى غرفة مظلمة وجرت على أيدى مجموعة من القانونيين ليس بينهم شخص واحد يمثل القوى السياسية والوطنية وقطاعات الشعب وطوائفه وأطيافه وخرجت مبهمة ومرتبكة ومربكة لكننا الآن أمام حماس غير عادى من المجلس العسكرى للحصول على موافقة عليها من الشعب فها هى التعليمات تصدر لوسائل الاعلام الحكومية والخاصة ومقدمى البرامج بالدعوة للموافقة عليه وتمت مخاطبة شخصيات ذات مصداقية كى يطلبوا ويطالبوا الناس بالموافقة على التعديلات ـ
المشكلة فى هذه التعديلات الدستورية المطروحة للاستفتاء السبت القادم ليست فى هذا التخوف المذعور الذى يعلنه كثيرون على الساحة السياسية من الاخوان المسلمين فى الانتخابات البرلمانية وهى المحطة التالية للاستفتاء (سنناقش هذا بعد قليل ) لكن المشكلة –الأحرى واحدة من المشكلات- أن التعديلات تعنى اعترافا بالدستور الذى تهاوى وسقط مع سقوط الرئيس ونظامه ،!
لقد أعلن الرئيس السابق –من خلال الرجل اللى واقف قصاد الراجل اللى واقف وراء عمر سليمان –أنه تخلى عن الحكم وأنه كلف المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإدارة شئون البلاد
السؤال هنا هل هذا الكلام كله على بعضه موجود فى الدستور أصلا ؟
الإجابة لا وإطلاقا ألبتة
يعنى الدستور ليس فيه تخلى ولا فيه تكليف مما يفيد أن المجلس الأعلى تولى الحكم بمخالفة واضحة صريحة ناصعة ساطعة للدستور ـ يبقى بذمتكم لماذا يصمم المجلس الاعلى على دستور يخالفه تماما بل ويدير شئون البلاد دون الاستناد على أى حرف فى أى مادة من هذا الدستور ،
إذن وجود المجلس الاعلى غير دستورى !
ونحن نريد وبقوة وبشدة وجود المجلس الاعلى الآن –أو إلى حين معلوم - يبقى يغور الدستور لكن المدهش أن المجلس الأعلى الذى يحكمنا بمخالفة للدستور يصر على ألا يغور الدستور بل ويريد تعديله!
ثم المشكلة الثانية هى إذا قال المصريون نعم فى الاستفتاء فمعنى ذلك عودة الدستور بتعديلاته الجديدة –خد بالك من اللى جاية دى والنبى – فمعنى ذلك أن المجلس الأعلى المفروض يمشى حالا ويترك إدارة شئون البلاد لرئيس المحكمة الدستورية العليا لأن الدستور مفيهوش أعلى بس فيه عليا، ليس فى الدستور أى مادة فيه تسمح ببقاء الجيش فى حكم مصر بل ينص على تولى رئيس المحكة الدستورية الحكم حال فراغ منصب رئيس الجمهورية !
لم أناقش حتى الآن جوهر هذه التعديلات ولن أناقشها فهى ترقيع لدستور صار من فرط الترقيع أشبه ببدلة أنور وجدى فى فيلم دهب ، لكن سأتوقف عند التخوف من الاخوان وهم قد بشرونا بثقة مثيرة للاعجاب وللتعجب من أنهم يسعون إلى خمسة وثلاثين فى المائة من مقاعد البرلمان طبقا لتصريح دكتور عصام العريان بينما رفع المهندس خيرت الشاطر –حمدا لله على سلامتك ياباشمهندس - إلى أربعين فى المائة من مقاعد نفس البرلمان على أساس أن هذا سيبث الطمأنيينة فى قلوب الواجلين الجائلين فى المنتديات والمؤتمرات والساحات السياسية رغم أن النسبة التى وعدنا بها قيادتا الإخوان تعنى ببساطة أنهم سيحكمون مصر ويشكلون الحكومة القادمة لأنها ستكون النسبة الغالبة أمام تفتت وتضعضع الأحزاب والتيارات الأخرى !
لكن وإيه يعنى ؟ طالما هذه ستكون إرادة الأمة –لو حصلت- وطالما بإنتخابات حرة نزيهة –وستحصل بإذن الله- فلابد أن نحترم الديمقراطية ، خصوصا أن تأجيل الانتخابات البرلمانية شهرين ثلاثة أو أربعة خمسة لن يغير كثيرا من الواقع ،
يجب ان نلتفت هنا لأمرين الأول أن الذى يخشى الاخوان يجب أن يحاربهم سياسيا ويواجههم شعبيا وينظم نفسه ويكشف أفكارهم ويكسر حلقتهم بالعمل اليومى والجماهيرى المنظم والمجتهد (والمجهد)لا أن يجلس يندب حظه ويسعى لتأجيل أو حتى تعطيل الانتخابات كأنه ينتظر معجزة من السماء او زلزلا من اليابان!
الأمر الثانى أن الاخوان يبالغون جدا فى حجمهم وفى قدراتهم وتتبدى لديهم حالة من الثقة المغرورة حيث ينسون أن الواقع تغير وتبدل ولم يعودوا هم الضحية التى يتعاطف معها الشعب فى مواجهة ظالميهم بل صاروا يثيرون القلق والتوجس عند قطاعات عريضة ، ثم لم يعودوا الفصيل الوحيد الذى ينافس الحزب الحاكم فيحصل على تصويت النكاية فى الوطنى وفساده ، ثم لم يعودوا هم الذين يلعبون وحدهم بل يلاعبهم ويلعب معهم آخرون ..والآخرون هنا ليسوا الأحزاب أو التيارات السياسية بل فصائل التيار الدينى فنحن أمام ظاهرة مزعجة فعلا هى حزبنة الدين فنحن أمام حزب للسلفيين الذين كانوا يرتعبون من السياسية ويحرمون الكلام فيها وينامون على حجر مباحث أمن الدولة فصاروا بقدرة الله سياسيين بين صلاتى ظهر وعصر ! وحزب للداعية عمرو خالد الذى كان يفخر بأنه لا يفهم فى السياسة ولا يتحدث فيها ولا يقترب منها فإذا به ينتقل من خشبة مسرح مؤتمر دعم مرشح الحزب الوطنى فى الاسكندرية الى مرشح رئاسى وزعيم حزب كدهه إذ فجأة وعلى حين غرة أو هرة من الدهر ثم حزب آخر يجلجل به عبود الزمر (الذى عاملته غباءات تليفزيونات رجال الأعمال كأنه نيلسون مانديلا دليلا على الجهل المزرى لمحطات التليفزيون الخاصة والعامة او ربما التواطؤ الله أعلم ) حيث يصرح الرجل بعد غياب ثلاثين عاما فى السجن (منهم عشرة أعوام ظلم فاجر من النظام السابق حيث منع الرجل حقه فى الإفراج الطبيعى ) أن الجماعة الإسلامية والجهاد الإسلامى سينافسان على ثلاثين فى المائة من مقاعد البرلمان (لا أعرف سر هذه النسبة التى يتنازعها الاخوان والجماعة الاسلامية ) ثم ها هو حزب للصوفيين هؤلاء الذين مزقوا بعضا فى صراعهم على كرسى المشيخة ثم كانوا يهللون لمبارك ونجله كأنه من آل البيت !
هل نسيت حزبا ؟
بل نسيت حزبين لكن ليس مهما فالمهم أن الاخوان سيجدون منافسين كثيرين لهم على "قال الله وقال الرسول" والاسلام هو الحل فسيكون اسلام بديع هو الحل أم إسلام محمد حسان أم إسلام عمرو خالد أم إسلام عبود وناجح !
سأقول لا للتعديلات الدستورية ليس خوفا ولاتوجسا من الاخوان فهم لا يخيفون ولا يجب أن يخيفوا فازوا أو فشلوا ، غلبوا أو تراجعوا ، لكننى أقول لا للتعديلات لأن ثورة خمسة وعشرين يناير لاتقبل ولا يجب ان تقبل أنصاف الحلول ولا الحد الأدنى ولا الإصلاح التدريجى ولا الدستور حتة حتة ولا تلك النغمة البغيضة الثقيلة الرخمة بتاعة واحنا كنا نحلم بهذه التعديلات !
هذه التعديلات كانت على أيام الطغيان
أما الآن فلا يجب أن نرضى بالترميم ولا بالترتيش
بل كل ما نريده الآن وحالا !
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات