فاجأتنى إدارة مهرجان دبى السينمائى بإرسال استمارة استبيان تضم بدون مبالغة نحو مائة سؤال حول كل شىء فى المهرجان صغيرا كان أو كبيرا، وبالقطع هى أرسلت لكثيرين غيرى لترصد وتقيم آراءهم وانطباعاتهم بصراحة حول المهرجان، ما له وما عليه من تنظيم وأفلام وندوات وتكريمات وما يتمنون وجوده، تستكشف كيف يراهم الآخرون حتى يتعلموا ويستفيدوا من كل الأفكار ويدونوا الملاحظات عبر فريق لديه الخبرة فى تحليل الآراء.
هكذا تدار المهرجانات، حتى وإن كانت ثرية ولا تعانى من شىء لا فى استحضار أفلام جيدة، أو حتى ضيوف من سينمائيين كبار، ولا أماكن عروض، فهى دائما بحاجة لمعرفة نفسها فى مرآة الآخر.. هناك إدراك لأهمية الحوار واحترام للانتقادات حتى تتلاشى أى أخطاء فى الدورات القادمة.
بينما نحن فمازالت إدارات مهرجاناتنا السينمائية دولية كانت أو محلية لا تسمع سوى صوتها، وكل من يختلف معها برأى تناصبه العداء وتتهمه بتعكير صفو المهرجان والغلوشة على استمراره وكانت النتيجة أن فكر تلك الإدارات أصبح معطوبا لأنها فشلت فى استيعاب كل الدروس لتهبط بمهرجاناتنا وتغرقها فى مستنقع من المشاكل والمعوقات، وتعالوا معى نرصد حال تلك المهرجانات وما وصلت إليه، فمهرجان القاهرة ظل يقود مسيرته سرا لجنة عليا بعض أفرادها خارج الزمن وشاخت عقولهم بفعل الغيبوبة، وبعض آخر يمزج بين ثقافة الفهلوة والادعاء أدرج وزير الثقافة الأسبق فاروق حسنى أسماءهم لنيل رضاهم ومنحهم مكافآت اجتماعات وحضور، وكأنها تركة دون أن يكون لهم أى دور لأنه فى الواقع ليس لديهم ما يقدمونه للمهرجان.. لا أفكار ولا رؤى وبالتالى مرض المهرجان وتعمقت جراحه وتراجع لصفوف خلفية فى خريطة المهرجانات الدولية التى ينتمى إليها، المهرجانات الكبرى يا سادة تعمل مبكرا بدأب لأنها تدرك أنها تمثل سمعة وطن وثقافة دولة،بينما نحن كالعادة فلن نسمع صوتا لأى مسئول فى مهرجان القاهرة سوى قبل موعده بأسابيع قليلة، ويدخلوننا فى رحلة توهان حول عدم وجود دعم وأفلام وضيوف.. وأماكن عروض، حتى تاريخ الانعقاد لم يناقشه أحد، ويبدو أن إدارة المهرجان وجدت فى تلميحات وزير الثقافة بإلغاء المهرجان نظرا للظروف السياسية متنفسا للهروب من المسئولية وتكبير الدماغ بدلا من أن ينتفضوا ويغيروا على مهرجانهم الكبير ويضعوا خطة سريعة لإنقاذ المهرجان.
فقط أتوقع أن يعلو صراخ المسئولين تحت شعار «وهنعمل إيه»! دون خجل من أنفسهم على طريقة الثورة المضادة، وأتساءل لماذا يجلسون على مقعد المسئولية، لماذا لا يتركون العيش لخبازه قبل أن نبكى على اللبن المسكوب، ألم يستوعبوا درس الثورة؟، ولأن الشىء بالشىء يذكر فالحسرة تمتد أيضا لمهرجان الإسكندرية لسينما البحر المتوسط فمازال مسئولوه يتشاجرون على من يرأس المهرجان، ومن يكون عضوا بمجلس إدارته، أى مهرجان أصبح وأى إدارة؟.. إنهم لا يعبئون بما يفعلون بالاسكندرية ومهرجانها.. إنهم يا سادة يضحون بسمعته فى ظل هذا التناحر والشجار الذى قطعا سيستمر حتى قبيل انعقاده بشهر وبالتالى فلا أحد يفكر فى نشاط حقيقى يحفظ له ماء الوجه وينقذه من الغرق.
يا سادة.. إن مهرجاناتنا السينمائية فى خطر حقيقى، وسوف نندم كثيرا بضياع مكانتها بفعل فاعل.. فأفيقوا يرحمكم الله.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات