عمان، الأردن (CNN) -- ارتفعت وتيرة الحراك الاحتجاجي الذي يعم أرجاء الأردن منذ نحو ثلاثة أشهر، ليسجل الأحد، بحسب مراقبين نحو 17 احتجاجا حول قضايا عمالية ونقابية وأخرى معارضة مطالبة بالإصلاح.
وشهدت عدد من محافظات المملكة - حتى محافظة العقبة جنوبا - احتجاجات لقوى شعبية مستقلة وأخرى سياسية حزبية كان الأبرز من بينها، اعتصام لما يعرف بـ"التيار السلفي الجهادي" أمام مقر رئاسة الوزراء الأردنية في العاصمة.
ووجه عدد من منظري التيار السلفي الجهادي في الاحتجاج الثالث من نوعه في العاصمة خلال أقل من شهر، تحذيرات شديدة اللهجة بثوها عبر مكبرات الصوت في المسيرة التي شارك فيها المئات، إلى الدولة والحكومة الأردنية من التباطؤ في الإفراج عن معتقلي التنظيمات الإسلامية في السجون الأردنية ويتجاوز عددهم المائة.
وعلى مدار ساعتين من الزمن، ووسط حضور أمني قليل، تفاجأ المتظاهرون، بحضور الدكتور أيمن البلوي، شقيق الأردني همام البلوي، الذي نفذ عملية عسكرية ضد عناصر من المخابرات المركزية الأمريكية CIA في أفغانستان، والمعروف باسم "أبو دجانة الخراساني."
وألقى البلوي خطابا ناريا حذر فيه الحكومة الأردنية بالقول: "مطالبنا سلمية، وإن لم تفرجوا عن المعتقلين في السجون فستفتحون بابا لا يمكن إغلاقه."
وأضاف البلوي قائلا: " إياكم أن تجعلوا من همام البلوي بوعزيزي الاردن."
وهدد أنصار التيار السلفي خلال الاعتصام، بالشروع بعرض أسماء علنية لعدد من ضباط التحقيق مع معتقلي التنظيمات الإسلامية، معتبرين أنهم باتوا يخوضون "جهادا" ضد "أنظمة ابتعدت عن شرع الله."
وخرجت مسيرات عديدة خلال الأيام القليلة الماضية، من بينها مسيرة شارك بها الآلاف السبت للتعبير عن ولائهم وانتمائهم للقيادة الأردنية، فيما اعتبرتها قوى المعارضة محاولة "للتشكيك" بأهداف قوى المعارضة الإصلاحية.
وندد المحتجون بمحاولات ما وصفوها بإثارة الفتنة بين الأردنيين والأردنيين من أصول فلسطينية في البلاد، حيث قال أحد منظري التيار الدكتور سعد الحنيطي إن ضغوطا تمارس على البعض للخروج بمسيرات "مشككة" ومثيرة للفتن" بين قوى الشعب.
ودعا الحنيطي المحتجين والسامعين إلى عدم تصديق "الادعاءات حول أن الأردنيين باعوا فلسطين،" مشيرا إلى أن ذلك يؤدي إلى الفتنة ومؤكدا على أن "الصهاينة" و" خفافيش الظلام"، هو من وقفوا وراء ذلك، على حد تعبيره.
وانتقد المحتجون في مسيرة التيار السلفي ما وصفوه بـ"موالاة اليهود" فيما أعلنوا "تكفيرهم لكل من "يطبق حكم الجاهلية" معتبرين أن الثورة على الطغاة هي واجب شرعي."
وسبق تنفيذ التيار السلفي لاحتجاجه تنفيذ اعتصام آخر لقوى المعارضة أمام مجلس النواب، طالبوا فيه "بحل مجلس النواب" وإقرار قانون انتخاب جديد معتبرين أن الإصلاح لن يبدأ إلا بذلك.
ونددت قوى المعارضة بمشاركة الحركة الإسلامية بالإساءات التي صدرت عن بعض النواب الأردنيين مؤخرا، حيث وصفت كل من يخرج بالمسيرات والاحتجاجات الشعبية بأنه "نذل وخسيس."
وتزامن تسجل نحو 17 حراكا شعبية وعماليا، من بينهم احتجاجات لقطاعات النقل العام والمعلمين في العقبة وآلاف العاملين في القطاع الطبي العام للمطالبة بتحسين الأوضاع الوظيفية، مع إطلاق المركز الوطني لحقوق الإنسان تقريره السنوي حول حالة حقوق الإنسان في البلاد لعام 2010.
وطال الحراك الاحتجاجي الذي يحمل مسميات منددة بالمعارضة، الأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي (الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين) حمزة منصور، حيث أكد نجله الدكتور عاصم منصور تلقي والده تهديدات من "مجهولين " على خلفية مواقفه السياسية.
وفيما يتواجد القيادي منصور في مصر للمشاركة في احتفالات إخوان مصر بالثورة الشعبية، قال نجله في تصريحات صحافية إن حراسة أمنية مشددة فرضت على منزل القيادي منذ مساء الأحد.
وأضاف أن "مجموعة" أخبرت العائلة بعزم مجهولين التوجه إلى منزل القيادي الكائن في منطقة سحاب "للاعتداء عليه،" ما دعاه إلى إبلاغ الجهات المسؤولة.
ومن جهته قال القيادي في الحركة الإسلامية زكي بني ارشيد الذي طالته تهديدات مشابهة خلال بعض المسيرات التي نظمت مؤخرا، إن "تلك التهديدات مسيئة وسخيفة" محملا الحكومة الأردنية والأجهزة الأمنية مسؤوليتها."
وحذر بني ارشيد في تصريحات لـCNN بالعربية من استمرار تلك التهديدات ممن وصفهم "بالبلطجية،" بالحالة الخطيرة التي قد تؤدي إلى اشتعال حرب أهلية."
وكانت مسيرة سلمية قد تعرضت منذ أسابيع لاعتداء من مجموعة "بلطجية" في وسط العاصمة عمان ، فيما لم تعلن الحكومة الأردنية عن نتائج تحقيق تعهدت فيه بالكشف عمن يقف وراء الحادثة.
إلى ذلك ، تزامنت الاحتجاجات ، مع إصدار المركز الوطني لحقوق الإنسان ( هيئة مستقلة معترف بها دوليا ) للتقرير السنوي لحالة حقوق الإنسان في البلاد للعام الماضي.
وانتقد التقرير الذي أعلنت عن نتائجه الأحد في مؤتمر صحافي لوسائل الإعلام، صدور 48 قانونا مؤقتا في غياب السلطة التشريعية، ما اعتبره التقرير "تغولا للسلطة التنفيذية على التشريعية في البلاد ومخالفة صريحة للدستور الأردني."
ويقضي إصدار القوانين المؤقتة توافر شرطي الضرورة والاستعجال بحسب أحكام الدستور الأردني، حيث صدر قانون مؤقت لاستقلال القضاء وآخر للنيابة العامة، إضافة إلى قانون الانتخاب الأردني الذي أجريت انتخابات المجلس النيابي السادس عشر استنادا إليه.
وقال رئيس مجلس أمناء المركز رئيس الوزراء الأردني الأسبق، الدكتور عدنان بدران، في تصريحات خلال المؤتمر: "إن المركز مع دستور ٥٢ ذلك بمجرد رفض المجلس للقوانين المؤقتة التي أتت نتاج تعديلات طرأت على هذا الدستور."
وجاءت تصريحات بدران مواتية لمطالب بعض القوى السياسية في البلاد التي تدعو إلى العودة إلى دستور عام 1952 مع إلغاء نحو 27 تعديلا طرا عليه ، إضافة إلى المطالبة بإجراء إصلاحات دستورية أخرى.
وأكد بدرنا مجددا أن المركز حكما مع دستور عام 1952: "لكون المركز يتحفظ على التعديلات التي أدخلت على الدستور طوال عقد من الزمن."
كما انتقد التقرير مجابهة ما وصفه بالاعتصامات المنظمة لقوى المعلمين خلال 2010، ومحاولة السلطة التنفيذية لانتقاص حق المطالبة بنقابة للمعلمين.
كما لفت التقرير إلى تسجيل أعداد متزايدة من شكاوى ضد المراكز والإدارات الأمنية مقارنة بالعام الذي سبقه ، إضافة الى انتقاده إلى عدم إغلاق السلطات الأردنية سجن الجويدة للرجل الذي اعتبره لسوء الأوضاع الإنسانية فيه.
وانتقد التقرير مواصلة تطبيق قرارات تعليمات فك الارتباط الإداري والقانوني مع الضفة الغربية لعام 1988 "بشكل مبهم وغامض،" واستمرار سحب الأرقام الوطنية من الأردنيين من أصول فلسطينية، مشيرا إلى تسجيل 148 شكوى للعام 2010 مقابل 38 للعام 2009.
وأوصى التقرير باستحداث هيئة مستقلة للنظر في قضايا سحب الأرقام الوطنية ، في الوقت الذي لم يطرأ أي تغيير على آلية التعامل فيها بحسب التقرير.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات