عندما سألت كريستيان أمانبور مراسلة السى إن إن نائب الرئيس السابق عمر سليمان عن موقف النظام من الديمقراطية بعد تنحى الرئيس مبارك، كانت إجابته الغامضة التى رددها كثير من رموز العهد السابق هى: فى الوقت المناسب. وعندما ألحت المراسلة فى سؤالها عن الوقت المناسب فى تقديره، قال ما معناه عندما تكتمل لدى الشعب المصرى ثقافة الديمقراطية.. وقد تراجع عن تصريحه بعد ذلك!!
نحن إذن أمام طبقة كاملة من الحكام والوزراء والخبراء والنخبة المثقفة، التى جرت العادة على اختيار أصحاب المناصب العليا منها، ممن استقر فى وعيهم أن الديمقراطية كنظام سياسى وكأسلوب حياة لم يتغلغل فى ثقافة الشعوب العربية ولم يطبعها بطابعها. ولم يكن غريبا أن تتكرر نفس الفكرة على لسان أحمد نظيف أثناء لقائه المسئولين الأمريكيين.
فقد بدا أنها عقيدة سياسية لنظام الرئيس السابق، الذى رأى أن الاستقرار يسبق الديمقراطية، وملء البطون أهم من تطبيق العدالة وسيادة القانون، وكسب ثقة أمريكا وإسرائيل هو المعيار الوحيد لمساحة حرية التعبير وتحديد الفضاء المسموح به للإسلاميين.
وفى هذا الإطار الضيق انساقت نخب من المثقفين والفنانين والصحفيين والكتاب والإعلاميين.. الذين أغرتهم مناصب الدولة ومواقع التأثير وأموال رجال الأعمال.. يحصلون منها على مغانم كثيرة، ويدفعون عن أنفسهم مضار محتملة يتعرض لها الأفراد العاديون من الشعب. وازدهرت نتيحة لذلك صناعة التبرير والنفاق. وأصبح الاقتراب من السلطة واللعب مع الكبار هو الطريق إلى المناصب العليا والثراء السريع. ربما كان جابر عصفور هو المثقف الكبير الوحيد، الذى بادر بالخروج من ربقة الانزلاق فى أحابيل الحزب الوطنى وتخلى عن منصب وزير الثقافة بعد أيام من تكليفه. ولكن سقوط وزراء مثل الفقى الذى أفسد الجهاز الإعلامى للدولة وسعى إلى فرض رقابة على وسائل الإعلام والصحف القومية، كان مثالا على خيانة المثقف.. يتبعه صف طويل من رؤساء التحرير والصحفيين والمسرحيين، الذين يفترض أنهم أكثر الناس علما بما يجرى وأحرصهم على أخلاقيات المهنة وتمسكا بمبادئها.
قد لا ينتظر الناس كثيرا من بعض الفنانين الذين يرقصون مع كل زامر وعلى كل نغمة.. وهؤلاء معظمهم لا يملك الحد الأدنى، لا من الثقافة السياسية أو الحس الوطنى، لأنهم دأبوا على التصرف بمنطق «شيلنى وأشيلك» وحين قامت ثورة الشباب لم يفهموا حقيقة ما حدث ولا مغزاه على المدى البعيد، وهم يرون مئات الشباب يسقطون صرعى برصاص القمع البوليسى الغاشم.
من المؤكد أن المثقف المصرى والعربى بصفة عامة قد جرى ترويضه واستئناسه على مر العقود الأخيرة، ولم يبرز من بين صفوفهم ذلك الطراز النادر من رواد الفكر وأصحاب الأقلام الشجاعة، الذين قادوا حركة التنوير فى القرن الماضى، وكانوا عاملا أساسيا فى تغيير المجتمع بما أنتجوه من إبداعات.
وأكبر الظن أن ما تعرض له المثقفون من قمع وفساد وملاحقة بدرجات متفاوتة منذ قيام الثورة وفى عهد السادات ومبارك قد أوجد أجواء غير مواتية للديمقراطية.. معظم المثقفين وجدوا أنفسهم خارج نطاق الدعوة للديمقراطية وحرية الرأى، بل انغمسوا فى المعارك الشخصية التى رسمها النظام لتأجيج الخلاف بين العلمانية والدينية، وبين الحداثة والتراث!
لقد رحب العالم شرقه وغربه بثورة الشباب فى مصر. وعلى الرغم مما انصب على رءوسنا من فضائح الفساد والنهب المنظم والسقوط الذريع لشخصيات ومؤسسات كانت تعلو فوق الرءوس، فإنها فى الوقت نفسه كنست ما ومن سبقها من قمع وخراب واستبداد بالرأى. وقدم الشباب نموذجا للقدرة على التغيير ووضع أسس الديمقراطية والقضاء على نظام الفرد الواحد والحزب الواحد.
هناك أسباب قوية الآن للنظر إلى قرارات المجلس العسكرى الأعلى للقوات المسلحة، بما تستحقه من حسن الظن. وقد وضع نصب عينيه أن كرامة الوطن من كرامة كل مواطن. وأكد إيمانه الراسخ بحرية الإنسان وسيادة القانون وتدعيم قيم المساواة والديمقراطية التعددية والعدالة الاجتماعية واجتثاث الفساد.
ولابد أن نعترف بأن ما يتخذه المجلس العسكرى من خطوات هى بداية مخاض لولادة الديمقراطية، التى غابت عن مصر وعن فكر قياداتها السياسية، التى تعاقبت منذ منتصف القرن الماضى.. وهناك تنبؤات عديدة حول المسار الجديد للديمقراطية وما ينتظر أن يواجهها من عراقيل وعقبات.. الأمر الذى يحتم على شبابنا المشاركة فى إرساء بنيانها بمزيد من سعة الأفق والرؤية الثاقبة!
نحن إذن أمام طبقة كاملة من الحكام والوزراء والخبراء والنخبة المثقفة، التى جرت العادة على اختيار أصحاب المناصب العليا منها، ممن استقر فى وعيهم أن الديمقراطية كنظام سياسى وكأسلوب حياة لم يتغلغل فى ثقافة الشعوب العربية ولم يطبعها بطابعها. ولم يكن غريبا أن تتكرر نفس الفكرة على لسان أحمد نظيف أثناء لقائه المسئولين الأمريكيين.
فقد بدا أنها عقيدة سياسية لنظام الرئيس السابق، الذى رأى أن الاستقرار يسبق الديمقراطية، وملء البطون أهم من تطبيق العدالة وسيادة القانون، وكسب ثقة أمريكا وإسرائيل هو المعيار الوحيد لمساحة حرية التعبير وتحديد الفضاء المسموح به للإسلاميين.
وفى هذا الإطار الضيق انساقت نخب من المثقفين والفنانين والصحفيين والكتاب والإعلاميين.. الذين أغرتهم مناصب الدولة ومواقع التأثير وأموال رجال الأعمال.. يحصلون منها على مغانم كثيرة، ويدفعون عن أنفسهم مضار محتملة يتعرض لها الأفراد العاديون من الشعب. وازدهرت نتيحة لذلك صناعة التبرير والنفاق. وأصبح الاقتراب من السلطة واللعب مع الكبار هو الطريق إلى المناصب العليا والثراء السريع. ربما كان جابر عصفور هو المثقف الكبير الوحيد، الذى بادر بالخروج من ربقة الانزلاق فى أحابيل الحزب الوطنى وتخلى عن منصب وزير الثقافة بعد أيام من تكليفه. ولكن سقوط وزراء مثل الفقى الذى أفسد الجهاز الإعلامى للدولة وسعى إلى فرض رقابة على وسائل الإعلام والصحف القومية، كان مثالا على خيانة المثقف.. يتبعه صف طويل من رؤساء التحرير والصحفيين والمسرحيين، الذين يفترض أنهم أكثر الناس علما بما يجرى وأحرصهم على أخلاقيات المهنة وتمسكا بمبادئها.
قد لا ينتظر الناس كثيرا من بعض الفنانين الذين يرقصون مع كل زامر وعلى كل نغمة.. وهؤلاء معظمهم لا يملك الحد الأدنى، لا من الثقافة السياسية أو الحس الوطنى، لأنهم دأبوا على التصرف بمنطق «شيلنى وأشيلك» وحين قامت ثورة الشباب لم يفهموا حقيقة ما حدث ولا مغزاه على المدى البعيد، وهم يرون مئات الشباب يسقطون صرعى برصاص القمع البوليسى الغاشم.
من المؤكد أن المثقف المصرى والعربى بصفة عامة قد جرى ترويضه واستئناسه على مر العقود الأخيرة، ولم يبرز من بين صفوفهم ذلك الطراز النادر من رواد الفكر وأصحاب الأقلام الشجاعة، الذين قادوا حركة التنوير فى القرن الماضى، وكانوا عاملا أساسيا فى تغيير المجتمع بما أنتجوه من إبداعات.
وأكبر الظن أن ما تعرض له المثقفون من قمع وفساد وملاحقة بدرجات متفاوتة منذ قيام الثورة وفى عهد السادات ومبارك قد أوجد أجواء غير مواتية للديمقراطية.. معظم المثقفين وجدوا أنفسهم خارج نطاق الدعوة للديمقراطية وحرية الرأى، بل انغمسوا فى المعارك الشخصية التى رسمها النظام لتأجيج الخلاف بين العلمانية والدينية، وبين الحداثة والتراث!
لقد رحب العالم شرقه وغربه بثورة الشباب فى مصر. وعلى الرغم مما انصب على رءوسنا من فضائح الفساد والنهب المنظم والسقوط الذريع لشخصيات ومؤسسات كانت تعلو فوق الرءوس، فإنها فى الوقت نفسه كنست ما ومن سبقها من قمع وخراب واستبداد بالرأى. وقدم الشباب نموذجا للقدرة على التغيير ووضع أسس الديمقراطية والقضاء على نظام الفرد الواحد والحزب الواحد.
هناك أسباب قوية الآن للنظر إلى قرارات المجلس العسكرى الأعلى للقوات المسلحة، بما تستحقه من حسن الظن. وقد وضع نصب عينيه أن كرامة الوطن من كرامة كل مواطن. وأكد إيمانه الراسخ بحرية الإنسان وسيادة القانون وتدعيم قيم المساواة والديمقراطية التعددية والعدالة الاجتماعية واجتثاث الفساد.
ولابد أن نعترف بأن ما يتخذه المجلس العسكرى من خطوات هى بداية مخاض لولادة الديمقراطية، التى غابت عن مصر وعن فكر قياداتها السياسية، التى تعاقبت منذ منتصف القرن الماضى.. وهناك تنبؤات عديدة حول المسار الجديد للديمقراطية وما ينتظر أن يواجهها من عراقيل وعقبات.. الأمر الذى يحتم على شبابنا المشاركة فى إرساء بنيانها بمزيد من سعة الأفق والرؤية الثاقبة!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات