الكلام عن أن جماعة الإخوان تمثل غالبية بين الشباب المتظاهر فى ميدان التحرير يسىء، عن غير قصد، إلى هذا الشعب، كما أنه يختزل شعباً بهذا الحجم، وهذا التنوع، فى مجرد جماعة، ويمنحها شرفاً هى نفسها لا تدّعيه!
قد تكون الجماعة متواجدة بشكل ملحوظ على مداخل الميدان، ومخارجه، وهذا شىء واضح للذين ذهبوا إلى هناك، وقد يكون أفراد من الجماعة يتولون أعمال الإعاشة، وبعض أعمال التنظيم، وقد.. وقد.. ولكن هذا كله لا يعنى، أنهم غالبية، لسببين مهمين: أولهما أن الجماعة نفسها لم تزعم ذلك، فى أى مرحلة من مراحل تواجد الشباب فى الميدان، وثانيهما أن الجماعة حتى إذا استجابت لإغراء من هذا النوع، فإن الواقع المجرد على الأرض سوف يكذبه!
وبطبيعة الحال، فإن الجماعة حاولت، وهى معذورة طبعاً، أن تبدو فى أغلب معالم الصورة الواردة من الميدان، وحاولت أن تقول إنها حاضرة أكثر من غيرها من الأحزاب أو التيارات السياسية، وحاولت أن تستعرض، وحاولت... وحاولت... غير أنها اكتشفت فى النهاية، كما اكتشفنا نحن معها، أنها موجودة، ولكن فى حدودها الواقعية الطبيعية، لا الأسطورية التى كان النظام الحاكم على مدى سنوات طويلة يصوّرها لنا، ليخوفنا بها، فنسلّم له بالانفراد بالساحة السياسية عن آخرها!
وقد كان لافتاً للانتباه أن يقول شاب ممن ينتمون إلى جماعة سياسية متواجدة مع جماعات أخرى فى التحرير، إنه مع زملائه، لن يسمحوا بأن يقودنا كشعب، أو يحكمنا، كدولة، تيار دينى، أياً كان!
وبمثل ما أن هذه الدرجة من الوعى لدى الشباب، كانت قائمة تجاه جماعة الإخوان، وتجاه غيرها من الجماعات الدينية الأخرى، بمثل ما كانت أيضاً يقظة تجاه أى تيار سياسى آخر حاول فى غمرة الزحام أن يستأثر ببعض من الأضواء فى أركان الصورة!
كثيرون من قادة الأحزاب الورقية، ومن غير هذه الأحزاب، سارعوا إلى الميدان، لعل «المزاد» يرسو على واحد منهم فى النهاية، إذا صح التعبير، ولكنهم كلهم اكتشفوا أنهم ذهبوا متأخرين، وأن الشباب كان أسبق منهم، وأنه يستعصى على أى انتهازى ذهب إلى الميدان، لا ليساند الشباب، ولكن ليستولى على جانب من المشهد العام، بطريقة رخيصة!
هذا الوعى لدى الشباب لابد أن يكتمل، وأن يدركوا، كشباب، أن بقاءهم هناك طويلاً، سوف يغرى كثيرين بمواصلة الذهاب، والمناورة، والمحاولة، وسوف يغرى آخرين، من خارج البلد هذه المرة، بمحاولة العبث، والاستغلال، والإفساد لكل مطلب شبابى لا يختلف حوله اثنان.. وكما أن مصر أكبر من اختزالها فى «جماعة»، فإن الشباب أكبر من أن يتحولوا إلى أداة فى أى يد معلنة أو خفية!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات