بقلم سمير فريد ١٧/ ٢/ ٢٠١١
مثل كل الناس أحفظ بعض قصائد الشعر، ولكن ليس مثل كل الناس أحفظ أيضاً مقاطع نثرية من كتب مثل كتاب سارتر «ما الأدب» ترجمة غنيمى هلال، وكتاب طارق البشرى عن الحركة الوطنية قبل ثورة يوليو، والذى علّم جيلى وأجيالاً أخرى معنى الوطن والكفاح من أجل حريته، أحفظ منه مقاطع عن مظاهرات الشباب فى ٢١ فبراير عام ١٩٤٦، والذى أصبح يوم الشباب العالمى فى كل دول العالم بفضل شهداء جامعة القاهرة ذلك اليوم، وعلى باب الجامعة نصب تذكارى يخلد أسماء هؤلاء الشهداء. وقد تغير الموقف الفكرى للمستشار طارق البشرى من الليبرالية، التى كانت ثمرة ثورة الشعب عام ١٩١٩، وتمثلت فى دستور ١٩٢٣، إلى الإسلام السياسى فى العقدين الماضيين، كما تغير موقف عبدالوهاب المسيرى وعادل حسين، رحمة الله عليهما، وعدد من الكتاب والمفكرين الكبار إلى الإسلام السياسى أيضاً، ولم يكن تغير مواقفهم مثل تغير مواقف الصغار الذين يسعون إلى مكاسب تماثل أحجامهم، ولكن تغير الكبار من دون أغراض شخصية طمعاً فى سلطة أو مال، وإنما لأنهم آمنوا بأن الإسلام هو الحل، إما بقيام دولة دينية، أو على الأقل دولة علمانية تسمح بوجود حزب دينى يصل إلى السلطة عن طريق الانتخابات، كما هو الحال فى تركيا. ولا شك أن من حق طارق البشرى، الذى يرأس لجنة تعديل الدستور وغيره من أعضاء اللجنة، الذين ينتمون إلى الإسلام السياسى - السعى إلى تحقيق ما يؤمنون به، ولكنهم لا يملكون الحق الأخلاقى الذى يفوق الحق القانونى فى السعى إلى ذلك بعد ثورة الشعب فى ٢٥ يناير، وذلك لأن هذه الثورة لم ترفع شعار الإسلام هو الحل، واشترك فيها شباب الإخوان المسلمين كمصريين وليسوا كمسلمين، وجعلت الدنيا كلها تهتز لمشهد المسلمين وهم يحوطون بأجسادهم المسيحيين ليتمكنوا من أداء قداس الأحد فى زحام ميدان التحرير. مصر ليست إيران، حيث الدولة الدينية، وليست تركيا حيث يحكم حزب مرجعيته دينية، وهكذا تعلمنا من كتابات طارق البشرى ذاته وغيره من مفكرى الوطن، وقد طالب الشعب المصرى فى ثورته بالحرية والديمقراطية، وعلى رئيس وأعضاء لجنة تعديل الدستور أن يستمعوا إلى صوت الشعب ويخضعوا لإرادته كما فعل الرئيس مبارك، وكما يفعل المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وإرادة الشعب من إرادة الله، والشعب يريد دستوراً جديداً يحقق الحرية مثل دستور ١٩٢٣، ويحول دون عودة الديكتاتورية مرة أخرى، وقد دفع ثمن الدستور الجديد غالياً من دماء شبابه. |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات