الأقسام الرئيسية

بعد التحرير.. التعمير

. . ليست هناك تعليقات:


بقلم فريدة الشوباشى ١٧/ ٢/ ٢٠١١

أطاحت ثورة الخامس والعشرين من يناير بالنظام السابق، وكأنها هدمت القصر الذى كان فاخراً مهيباً من الخارج، بينما تعشش فيه مقومات فنائه.. صار البناء السابق «خرابة».. فهل يا ترى انتهت أحلام الثوار عند حد الهدم؟ بالتأكيد لا.. فالمهمة الأولى تتمثل فى تشييد البيت المصرى الجديد وبأساسات الثورة التى شدا بها أبناؤها حرية.. عدالة اجتماعية.. وبذلك علينا جميعاً أن نشمّر عن سواعدنا وكما فعلنا - الشباب بالدرجة الأولى - وكل فئات الشعب من أصغر طفل إلى أعجز شيخ، ونعلى الجدران على أساس متين لتحقيق الأمانى ونجعل من الحلم حقيقة رائعة..

وأتصور أن «هدم» النظام السابق ربما كان الخطوة «الأسهل» قياساً إلى ما ينتظر هذه الثورة من مستقبل، احتلت مصر بشبابها الرائع جميع شاشات العالم وكان الانبهار بأبنائها بالإجماع، من قادة العالم وشعوبه فكان الشعار الحالة: «ارفع رأسك فوق.. أنت مصرى».. غير أن الأمر الضرورى الآن وغداً وإلى ما شاء الله أن نظل مرفوعى الرأس ببناء وطننا، والأكيد أن هذا البناء لن يكون إلا بأيدينا.. وأتفهم أصحاب المطالب من مختلف الفئات التى طحنتها سياسات الحكومات المتعاقبة، والتى افتقرت إلى أبسط قواعد العدالة الاجتماعية وفرطت فى مكانة مصر والمصريين..

لكن بعد «عودة الروح» وبعد أن انطلقت الحناجر فى جميع أنحاء الوطن العربى، من المحيط إلى الخليج، تهدر: رفعتم رؤوسنا يا مصريون، فإنه لا بديل عن البناء والتعمير لتظل رؤوسنا جميعاً، فى مصر وفى بقية الوطن العربى، مرفوعة إلى يوم الدين، فلا يعقل مثلاً أن نقع فى خطأ اعتقاد أن النظام قد سقط وأن نظاماً جديداً قد قام.. تماماً مثل البيت القديم المتهالك الذى نهدمه فى أيام، لكن البيت الجديد المطلوب يتطلب وقتاً أكبر بكثير.. وإذا بقينا «نطالب» بحقوقنا قبل أن نقيم نظاماً جديداً ننضوى تحت لوائه ونحدد له خطوات البناء وهندسته، فلن تأتى ملائكة من السماء لتبنى لنا بلدنا..

لقد قال رئيس الوزراء الأسبق الدكتور كمال الجنزورى فى حواره لـ«المصرى اليوم»: إن الخصخصة قد تركت لنا العظام بعد أن تصرفت فى اللحم.. وعلينا بالتالى أن نربى لحماً جديداً، أن نشّيد «القصر» الذى حلمنا به مفتوح النوافذ لهواء نقى ومرحباً بكل أبنائه..

أن تسارع السلطات الحالية باسترجاع بعض من ثرواتنا المنهوبة والشروع فوراً فى تحديد حد أدنى للأجور كخطوة أولى، وإقامة صناعات جديدة أو تحديث مصانع تركوها تموت لبيعها بأبخس الأثمان، إزالة كل التعديات على الأراضى الزراعية وإعادة اللون الأخضر ليس للوادى فقط، بل أن نكسو الصحراء به، أن ننظف بلدنا مادياً ومعنوياً، أن نطبق ما التزمت به ثورة يناير، لا رشاوى ولا تهاون فى العمل، لا لكل سلبيات الماضى.. ولن يحدث أدنى شىء من هذا كله ونحن نقوم بحركات احتجاجية رغم مشروعيتها، فمن نحتج عليهم قد ذهبوا وتواروا عن المشهد.. نسبياً.. البناء والتعمير هما مسؤوليتنا الأولى، كما أن مسؤوليتنا ألا نسمح مستقبلاً بالسطو على ما سنعيد بناءه..

لقد كان الخامس والعشرون من يناير بداية.. ونهاية.. نهاية عصر.. عصر الثورة، حتى نظل مرفوعى الرأس.. فلا مناص من التعمير.. بعد التحرير.. والأهم ألا نفرط فى ثورتنا العظيمة.. أو نسمح لأعدائها بسرقتها.. والأمل فى قواتنا المسلحة الباسلة التى حمت ثورة الشعب، وأن يسارع المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإقصاء هؤلاء الأعداء.. أى أتباع وذيول النظام السابق الذين لايزالون فى مواقع حاكمة.. فكما يقول المثل: يموت الزمار..!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات

اخر الاخبار - الأرشيف

المشاركات الشائعة

التسميات

full

footer