الأقسام الرئيسية

حذاء أحمد عز الذي أشعل الثورة

. . ليست هناك تعليقات:



أرسلوا لي صورة للملك فاروق ورجل ينحني ليلبسه الحذاء، وصورة لمصطفى النحاس ورجل يلبَّسه الحذاء، ثم قامت ثورة يوليو 52.


ميدل ايست أونلاين


قلم: مصطفى نصر


يفعلون كل شيء مهما كان قبيحا ومكلفاً

أن يسيطر رجال الأعمال على الحكم في مصر مثلما يحدث في أميركا، ففي أميركا تنظيمات ومؤسسات تحد من ظلم هذه الفئة من رجال الأعمال، لكن في مصر سيتحكمون في كل شيء؛ في مجلس الشعب الذي يسن القوانين، إلى أن يفرضوا الحكام كما يشاؤون ومع ما يتناسب مع مصالحهم.

وعندما عين رئيس الجمهورية صاحب شركة سيراميك عضوا بمجلس الشعب، قلت لنفسي: لقد دخلنا النفق، والله أعلم ماذا سيحدث فيه.

وقد كانت هذه بداية تسرب رجال الأعمال إلى الحكم وتضييقهم الخناق على الشعب.

واستغل بعض رجال الأعمال الرغبة المحمومة من جمال مبارك وأسرته من أن يصبح رئيساً لهذا البلد، فتقربوا منه، ووعدوه بالمساعدة، وتداول الناس عبر النت المشهد المُخزي لأحمد عز وهو يتحدث في اجتماع الحزب الوطني قائلا:

ومجددا ذكرتُها في العام الماضي وأكررها اليوم: تحية إلى جمال مفجر ثورة التحديث والتطوير في الحزب الوطني.

وقد أرسلتْها لي أديبة صديقة مع عمل مونتاج ظريف، فيه زغاريد ومقاطع من المسرحيات الكوميدية؛ تعبر عن رفض وسخرية الشعب المصري لهذا النفاق القذر.

فعلت أسرة مبارك كل شيء من أجل التوريث، وغيروا قانون الجنسية الذي كان يشترط أن يكون المصري من والدين وجدين مصريين، فاكتفوا بأن يكون من والدين مصريين، فجدة جمال مبارك ممرضة انجليزية، قابلها جده طالب الطب في لندن وتزوجها. وطبقا للقانون القديم لا يعتبر مواطنا مصريا، ولا يحق له الترشح للرئاسة.

رغبة أسرة مبارك في أن يرث ابنهم جمال والده؛ جعلهم يفعلون كل شيء من أجل هذا؛ مهما كان قبيحا ومكلفاً، تغاضوا عن حقوق كثيرة لمصر في تعاملهم مع أميركا واسرائيل لكي تساعدوهما في هذا وسهلوا لأحمد عز كل شيء.

جمال مبارك ليست له خبرة في العمل السياسي والحزبي، كل ما يملكه هو أنه ابن رئيس الجمهورية. وسوف يعطيه الكل الخضوع والطاعة تقرباً لوالده. عندما كنتُ أراه يخطب في الحزب الوطني أو غيره، كنت أتذكر في التو، بعض الزملاء في العمل عندما كانوا يأتون بأولادهم الصغار ليشاهدوا المكان الذي يعمل فيه والدهم. وكان البعض يحنو عليهم ويهديهم الحلوى والشيكولاتة من أجل والدهم (زميلهم).

استغل أحمد عز هذا واستولى على مصنع حديد الدخيلة الذي كان ملكاً للشعب، أهدته أسرة مبارك إليه، مقابل تشجيعه لابنهم لأن يكون رئيسا في المستقبل. فقام ببيع الحديد إلى الإسرائيليين لاستخدامه في بناء السور العازل لخنق الفلسطينيين وتجويعهم وحصارهم. كما أنه باعه لهم بنصف الثمن الذي يبيع به للمصريين أصحاب المصنع الحقيقيين.

ظهر أحمد عز علينا في الصور الكثيرة، ورجل يقف حاملا حذاءه في انتظار خروجه من المسجد. وكان ذلك صباح عيد الأضحي الماضي عندما ذهب ليصلي العيد بين أبناء دائرته. وصور أخرى والرجل ينحني ليلبِّس أحمد عز الحذاء.

عدة صور قبيحة تجعلنا نكاد نبكي أسفا ومرارة من الحال الذي وصلت إليه مصر، أحمد عز يقف بقامته القصيرة في كبرياء، ومجموعة من الرجال يحيطون به وكل منهم يمسك بيد الآخر ليحموه.

والذين أرسلوا لي هذه الصور، أرسلوا معها صورة للملك فاروق وهو صبي ورجل ينحني ليلَّسه الحذاء، وصورة أخرى لرئيس الوفد مصطفى النحاس ورجل يلبَّسه الحذاء، ثم قامت ثورة يوليو 52 لينتهي هذا كله، عمارات ما قبل الثورة كانت تمنع الخدم من ركوب الأسانسيرات أو صعود سلالم سكان العمارة، ويصنعون لهم سلالم حديدية حلزونية، يدخلون منها الشقق عن طريق المطابخ. انتهى هذا كله إلى أن سيطر رجال الأعمال على الحكم، فأعادوا ما كان يحدث قبل الثورة ولكن بشكل مقزز، فيحكون عن رجل أعمال ضَبط موظفا عنده يقضي حاجته في المرحاض الخاص به، فثار وغضب، وفصل هذا الموظف من العمل، وجاء بالعمال، فهدموا الحمام، وأعادوا إقامته من جديد.

وعندما نجح موبوتو في ثورته بالكونغو؛ نشرتْ جريدة "الأهرام" صورة له وهو يقف بملابسه العسكرية في شموخ وكبرياء، وامرأتان سوداوتان، أحدهما جميلة ترتدي ملابس قصيرة، تنحني تحت قدميه في خضوع وذل، وأخرى أكبر منها سناً تمسح حذاءه بقطعة قماش كبيرة. يعبر هذا المنظر عن خضوع قبيلتين من قبائل الكونغو لرئيس الدولة الجديد، واحدة بالركوع تحت القدمين، والأخرى بمسح الحذاء.

لقد أهان أحمد عز كل الشعب المصري بهذا المنظر القبيح، وكتبتْ جريدة قومية أيام السادات، عن رجل كان مقربا من الرئيس، استغل أزمته مع اللجنة التحضيرية للاتحاد الإشتراكي، وحصل على منصبين كبيرين في ضربة واحدة، وزيرا للعدل ومدعيا اشتراكيا في نفس الوقت. دخل هذا الرجل مسجد عمر مكرم، بينما أخذ سائق سيارته حذاءه ووضعه في سيارته، وعندما خرج المعزون من المسجد، حمل الرجل الحذاء ووضعه أمامه. لم تلتقط الكاميرات منظره وهو يحمل الحذاء، ولم يلبّسه له، وإنما رأي هذا أحد الموجودين، فلم يعجبه ما حدث وكتب عنه في رسائل القراء.

إن خيبتنا في هذه الأيام أكبر، فهذا الرجل الذي يعد – طبقا لقانون الجنسية الإسرائيلية – يهوديا، فيقول المحامي الشهير نبيه الوحش: "إن أحمد عز هو ثمرة حب ربطت بين والده اللواء عبدالعزيز عز الضابط بالجيش المصري بفتاة يهودية عام 1956، أنجب منها أحمد عز". أراد أن يذل الشعب المصري في أشياء كثيرة. في بيعه الحديد المصري لإسرائيل، وجعل واحدا من المصريين يلبِّسه الحذاء في الشارع وأمام الجميع، وتحدى العالم كله في صنع انتخابات لا تتسم بالشفافية، وكانت سببا مباشرة في اندلاع ثورة الشباب في 25 يناير 2011.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات

اخر الاخبار - الأرشيف

المشاركات الشائعة

التسميات

full

footer