لم يستخدم أحد كلمة التغيير قبل محمد البرادعى، ولم يصبح أحد ملهما للشباب الذى قاد ثورة الشعب فى 25 يناير مثله، ولذلك لم يكن من الغريب أن يتعرض لأعنف حملة من الهجوم والتشنيع، قامت بها صحافة العهد البائد المسماة «قومية»، وأن يكون الاسم الوحيد الذى تهتف ضده مظاهرات الحمير، والجمال التى قادها البلطجية ضد مظاهرات الشعب، وأن يتضمن الهتاف سباباً، وماذا تتوقع من البلطجية غير السباب؟ مثل «يا برادعى يا جبان يا عميل الأمريكان»!
وهتفت مظاهرات البلطجية بأن البرادعى عندما كان مديراً لوكالة الطاقة الذرية ساعد أمريكا على إثبات أن العراق يملك أسلحة الدمار الشامل، ليبرر غزوها للعراق لحساب إسرائيل! ونحمد الله على أن البلطجية لا يكتبون التاريخ، فكل هذا من نسج خيال لصوص الشعب المصرى، الذين أفزعهم صوت البرادعى الذى طالب بإسقاط النظام وجعل الشعب يدرك أنه لا حل إلا بإسقاط النظام ولصوص الشعب هم آخر من يتكلم عن العمالة لأمريكا أو غيرها. وصدق المسيح- عليه الصلاة والسلام- عندما قال إن الشرير يرى كل الناس أشراراً، وكذلك يرى عملاء أمريكا أن كل الناس عملاء لها، وقد اعترفت الدنيا كلها بأن البرادعى رجل سلام ومنحته جائزة نوبل للسلام، ولم يختلف عليه سوى البلطجية.
ونحمد الله على أن البرادعى كان يقضى أغلب وقته فى الخارج، بحكم موقع وكالة الطاقة الذرية فى النمسا، فلو كان يقضى أغلب وقته فى مصر ربما أصبح من المعارضة «الرسمية» التى تطالب بتغيير النظام من داخله، وليس إسقاطه، ولهذا السبب اختلف مع تلك المعارضة واختلفت معه، وأصبح مثل سارتر، عندما قال اليسار ضدى واليمين ضدى، أنا إذن على حق.
وعندما رفعت ثورة الشعب علم مصر وحده، ولم تهتف ضد أحد، ولم تطالب بغير الحرية كانت تعبر عن موقف البرادعى الذى طالب بالحرية لليمين واليسار، وآمن بأنه لا سبيل إلى ذلك إلا بإسقاط النظام، ولم يحد عن موقفه أبداً، ولم يتذبذب، وكان كالسيف القاطع. وماذا جنت مصر من الذين كانوا يقضون أغلب وقتهم فى «الداخل»، ويسرقون أموال الشعب، ويهربونها إلى «الخارج»؟
وإلى جانب البرادعى وقف الكاتب والمفكر السياسى الكبير، أسامة الغزالى حرب، وهو الوحيد الذى استقال من الحزب الوطنى فى ذروة جبروته وطغيانه، عندما أدرك استحالة التغيير من الداخل، ودفع الثمن غالياً من حياته وعمله، وليس مثل الذين استقالوا قبل ساعات من سقوط النظام.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات