بقلم محمد رضوان ٢٦/ ٢/ ٢٠١١
كل هذا الفساد نقطة فى البحر الذى كان يعلمه الناس ويتحدثون عنه منذ سنوات، بعض الذين تشجعوا وتجرأوا وكتبوا عنه دفعوا الثمن غالياً أو اعتبرهم النظام يؤذنون فى «مالطا»، أو اعتبروا كلامهم هذياناً فلم يلتفتوا إليهم، وقبل ٢٥ يناير كان هناك الكثير من البلاغات الجادة والخطيرة جداً عن وقائع فساد، بعضها كان يتم حفظه، وبعضها لم نكن نسمع عن أى قرار تم اتخاذه بشأنها.. فما الذى حدث الآن لتتحرك كل تلك البلاغات وتأخذ مجراها؟ إنها إرادة الشعب وإرادة الثورة التى فرضت موقفاً جديداً على الجميع، وهى ذات الإرادة التى تدفعنا جميعاً إلى طرح تساؤل مهم على الذين يتمسكون ببقاء المستشار ممدوح مرعى وزيراً للعدل حتى الآن، نريد أن نسمع منهم رداً على الاتهامات التى وجهها له واحد من أهم مساعديه وهو المستشار أحمد شوقى الشلقانى، رئيس جهاز الكسب غير المشروع السابق، فقد اتهمه الشلقانى فى حوارين له مع «المصرى اليوم» و«الأهرام»، بأخطر تهمة يمكن أن توجه إلى رجل قضاء، فما بالكم بوزير العدل؟! كشف الشلقانى أن الوزير كان يتدخل فى غير صالح التحقيقات فى قضايا الفساد، ولم يكن يوافق على القرارات الواجب اتخاذها على ضوء تحقيقات جهاز الكسب غير المشروع، وأعطى أمثلة على ذلك برفض الوزير حبس حسنى حافظ عبدالرحمن، رئيس شركة الشمس للإسكان والتعمير، وكان متهماً فى عدة مخالفات للقانون بالرغم من موافقة الشلقانى والمحقق المختص على الحبس، كما تدخل الوزير ورفض الحبس الاحتياطى لعبدالرحمن حافظ، رئيس مدينة الإنتاج الإعلامى السابق، ورفض أيضاً طلب الجهاز بالطعن على الحكم الذى صدر لصالح حافظ، وكشف الشلقانى عن مجاملة المستشار مرعى لهشام طلعت مصطفى وشقيقه، وكانا وقتها نائبين بالشعب والشورى وأعفاهما من تقديم إقرارات الذمة المالية من الشركات التى تشارك فيها الحكومة بحصة من المال العام بدعوى تشجيع الاستثمار، وكشف الشلقانى عن تدخلات أدت إلى عدم فحص إقرارات الذمة المالية لجمال مبارك وصفوت الشريف وعدد من أعضاء الهيئة العليا للحزب الوطنى فى عام ٢٠٠٠، وأنه اضطر إلى تقديم استقالته من الجهاز بعد عامين من العمل بسبب تدخل الوزير فى عمل الجهاز. هذه اتهامات خطيرة تستلزم استبعاد وزير العدل من الحكومة إن صحت، وتستلزم تحقيقاً موسعاً فيها، وفيما أورده الشلقانى أيضاً فى حديثه لـ«المصرى اليوم» عن ثروة محمد إبراهيم سليمان، وزير الإسكان الأسبق. هذا جانب للأسباب التى لا يصلح معها استمرار ممدوح مرعى وزيراً للعدل بعد ثورة ٢٥ يناير، أما الجانب الأهم فهو موقفه فى قضية استقلال القضاء، فهو الرجل الذى أتى لإنهاء دور أندية القضاة، وبخاصة نادى قضاة مصر ونادى قضاة الإسكندرية، فى إصلاح القضاء والدعوة إلى استقلاله، وتمكن على مدى سنوات من إنجاز هذه المهمة، وهو الرجل الذى سعى إلى إقرار ما أطلق عليه المجلس الأعلى للهيئات القضائية والذى كان سيشكل انتهاكاً خطيراً لاستقلال القضاء ورفضه كل قضاة مصر وفى المقدمة منهم مجلس القضاء الأعلى، فمات المشروع فى مهده، وهو أيضاً الرجل الذى مازال مُصراً على رفض مطالب استقلال القضاء، فيما يتعلق بطريقة تشكيل مجلس القضاء الأعلى، وبطريقة اختيار رؤساء المحاكم الابتدائية التى تسمح له بالتدخل فى أعمال القضاء وندب دوائر معينة لنظر قضايا محددة. وبالرغم من أن منصب وزير العدل يقتضى أن يحترم شاغله القانون وأحكام القضاء، فإن ممدوح مرعى لم ينفذ أحكاماً قضائية نهائية وصحيحة صدرت لصالح مواطنين، طالما طالبوه بتنفيذها على سلالم وزارة العدل وأمام مجلس الشعب، وكان من بينهم مجموعة الـ«٤٥». وضرب مرعى بتلك الأحكام عرض الحائط، وأصر على الاستهانة بها، والاستهانة بالمحاكم القضائية التى أصدرتها. كان يقال قبل ٢٥ يناير إن هناك أركاناً أربعة لتوريث الحكم لجمال مبارك: حبيب العادلى وزكريا عزمى وفتحى سرور وممدوح مرعى، الأول رهن المحاكمة.. والثانى والثالث سيأتيان حتماً.. والرابع فى الوزارة!!.. لماذا؟ ألا تجدون بديلاً وأمامكم الآلاف من رجال القضاء الصالحين فوراً لتولى وزارة العدل وتنفيذ سياسات استقلال القضاء؟!.. أم أن ثمة أمراً يدبر ويستلزم بقاء مرعى حتى يتم استكماله، خاصة أن الجميع يتحدث عن بحر الفساد الذى لم يتم المساس به حتى الآن.. وعن الفاسدين الحقيقيين الذين مازالوا خارج قفص الاتهام. |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات