أعلن الحاخام الإسرائيلي مناحم فرومان عن تأسيس حركته الجديدة "أرض السلام"، داعيًا من خلالها إلى اعتماد الحوار الديني كآلية يمكن من خلالها تسوية النزاع العربي - اليهودي، والتعايش السلمي بين الأطراف كافة، كما رأى أن التحاور مع حماس هو أساس التوصل إلى اتفاق سلام.
الحاخام الإسرائيلي مناحم فرومان |
تل أبيب: رغم انحسار الضوء عن آمال التوصل إلى اتفاق سياسي بين الفلسطينيين وإسرائيل، إلا أن الجهود غير الرسمية بين الجانبين ما زالت متواصلة في محاولة لرأب الصدع والتعايش السلمي، وكانت آخر تلك المحاولات حركة "أرض السلام"، التي يقودها الحاخام الإسرائيلي مناحم فرومان، وتضم في عضويتها عدداً ليس بالقليل من قيادات معسكر اليسار الإسرائيلي القديم، وأقطاب المستوطنات الإسرائيلية، فضلاً عن عناصر فلسطينية أخرى.
خلال مراسم حفل شهدته مدينة تل أبيب مساء الجمعة، أعلن الحاخام فرومان عن تأسيس حركته الجديدة "أرض السلام"، مشيراً في حديث انفرد به موقع "NFC" العبري على شبكة الانترنت إلى أن هناك معسكراً استيطانياً يقبل البقاء في المستوطنات تحت سيادة فلسطينية، ولا يرى سبباً للاعتراض على إقامة دولة ذات قومية فلسطينية من الأردن إلى البحر بجوار الدولة العبرية.
ورأى فرومان في حديثه ضرورة فتح قنوات من الحوار مع الفصائل الفلسطينية كافة، وفي مقدمتها حركة حماس، وأضاف "لا ينبغي أن يكون هناك خرق في وحدة الصف الفلسطيني، فلا يوجد فارق بين شعب واحد عند تقرير المصير، وربما يزيد الفجوة اتساعاً بين إسرائيل والفلسطينيين، رفض الأولى التحاور مع حماس، ووضعها في قائمة المنظمات راعية الإرهاب".
معسكر اليسار القديم
لاقت رؤى وأيديولوجيات الحاخام الإسرائيلي قائد حركة "أرض السلام" استحساناً لدى حضور مراسم الحفل، وكان في طليعتهم نشطاء فلسطينيون وإسرائيليون من جانبي الخط الأخضر، ومنهم ممثلون عن اليسار الإسرائيلي القديم ومخضرمو المستوطنات مثل "عاموس عوز"، و"أوري اليتسور"، و"دوب لوتمان"، و"ايهود بناي"، و"بري سخاروف"، و"شلومو جرونيخ".
لا تردد حركة "أرض السلام" مبادئ يسارية تقليدية، سبق ونادى بها معسكر اليسار الإسرائيلي، وربما الفلسطيني، وإنما هي بحسب الحاخام فرومان حركة تتكون من مستوطنين إسرائيليين، ترغب في خلق قنوات من التواصل والحوار مع الفلسطينيين على أساس ديني – سياسي، في محاولة للتوصل إلى حلّ يقضي بالتعايش السلمي بين الجانبين، بما يحول دون أن يخلي أحد من الفلسطينيين أو الإسرائيليين منزله الذي يقيم فيه مع أسرته.
لا يردع الحاخام الإسرائيلي وتلاميذه وحركتهم الجديدة وفقاً لوصف تقرير موقع NFC العبري خيار وجود المستوطنات الإسرائيلية تحت السيادة والسيطرة الفلسطينية، كما إن الحركة لا تخشى إقامة دولة ذات قومية فلسطينية بين الأردن والبحر، ووفقاً للأديب الإسرائيلي عاموس عوز فإن حمائم الحاخام فرومان وتلاميذه ينتهجون مبادئ بعيدة المدى عن الحركات اليسارية المناظرة في إسرائيل، إذ إن أفكار فرومان تضاهي إلى حد كبير أيديولوجيات الحاخام كوك، التي كان نادى بها، حتى قبل إعلان قيام الدولة العبرية في عام 1948.
يتبنى فرومان وجهة نظر سلمية خاصة جداً، إذ إنه حرص ولايزال على عقد لقاءات مع شخصيات إسلامية، من بينها الشيخ الصوفي المناصرة، الذي يقيم في مدينة الناصرة، في محاولة إلى التوصل إلى اتفاق سلام على أساس ديني، اعتقاداً من فرومان بأن أساس النزاع القائم بين العرب واليهود هو أساس ديني، وليس سياسيًا.
على خلفية هذا الاعتقاد، يرى فرومان أن رجال الدين، سواء كانوا من اليهود أو المسلمين أو المسيحيين، هم من يستطيعون وحدهم التوصل إلى اتفاق يفضي إلى السلام وإنهاء الصراع. كما يعتقد الحاخام الإسرائيلي أن جزءاً كبيراً من فشل محاولات إجراء حوار حقيقي وجاد بين الطرفين، يعود إلى الاستخفاف، وربما التهكم المتبادل، بين أطراف النزاع كافة. وأضاف فرومان في حديثه للموقع العبري "إنه بالقيم والمبادئ والمحاولات الجادة، يمكن خلق قنوات من الحوار البنّاء والمفيد حول النزاع اليهودي – العربي".
التعايش السلمي
الحاخام الإسرائيلي فرومان يرى أن إمكانية التوصل إلى اتفاق سلام لابد أن تمرّ من خلال حركة حماس، إذ إن تلك الحركة الدينية تؤمن بالتعايش السلمي بين الشعوب كافة، بغضّ النظر عن انتماءاتهم السياسية والعرقية، ولعل التحاور بين حركته وحماس هو كلمة السر في التوصل إلى اتفاق سلام، وهو ما يسعى إليه فرومان وقادة حركته.
ووفقاً لملفه الناشط، يحظى الحاخام فرومان بدعم وتأييد من الوسط العربي في الدولة العبرية، فكان اليهودي الوحيد الذي ألقى خطاباً خلال تشييع جثمان المدنيين من عرب إسرائيل "عرب 48"، الذين لقوا حتفهم جراء العملية الإرهابية اليهودية في منطقة "شفارعم"، وقاد فرومان حملة ضد محاولات إغلاق ملفات التحقيق في العملية الإرهابية.
التقى مناحم فرومان بالرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات أكثر من مرة، وشارك في مؤتمر السلام في مدريد، وأكّد في مناسبات عدة أن الديانة اليهودية تحظر اقتلاع اشجار الزيتون وتجريف الأراضي الفلسطينية، وكجزء من محاولاته الرامية إلى خلق حوار ديني بين اليهود والمسلمين والمسيحيين، كان فرومان شريكاً في حملات الاعتراض والشجب والإدانة، التي احتج منظموها على إقامة مسيرات للمثليين في مدينة القدس، وهى المسيرات التي عُرفت في حينه بـ "مسيرات التفاخُر"، وقال حينئذ "إن السماح بدخول أفواج من المثليين داخل مدينة القدس وبالقرب من المقدسات الإسلامية، سيكون سبباً في سفك الدماء لدى شعوب العالم الغربي كافة".
كان فرومان من أبرز معارضي خطة "فك الارتباط" أحادية الجانب عن قطاع غزة، وهي الخطة التي بادر إليها رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق أرئيل شارون، اعتراضاً منه على طرد السكان من منازلهم، سواء كانوا عرباً أم يهودًا، وفي أعقاب الهجوم الإسرائيلي على قافلة المساعدات التركية "مرمرة"، التقى فرومان رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، بهدف التوصل إلى مبادرة سلام مشتركة.
وبسبب نشاطه، تلقى فرومان تهديدات بالقتل من قبل اليمين الإسرائيلي المتطرف، إلا أنه ردّ على ذلك في حديث لصحيفة معاريف العبرية بقوله "لن أتراجع عن أهدافي ومبادئي مهما كانت هناك ضغوط، فما أؤمن به لابد يومًا أن يخرج إلى أرض الواقع، لتتفادى كل الشعوب تبعات الصراع والنزاع".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات