في ظاهرة غريبة ومثيرة، اهتدى بعض الجزائريين من أصحاب المهن والباحثين عن بيع ما لديهم، إلى كتابة أسمائهم وأرقام هواتفهم ونوعية مهنهم على الجدران، طالبين من "كل مهتم" أن يتصل بهم.
وأطلق بعض الملاحظين على أصحاب هذه الإعلانات تسمية "الفارون من تكاليف الإعلان على الجرائد"، وسمى بعضهم الظاهرة "الإعلانات المجانية".
"العربية نت" وقفت على العديد من الشوارع في العاصمة، ترك أشخاص على جدرانها أرقامهم الشخصية، منها شوارع باب الواد الحي الشعبي الشهير بالعاصمة، وحي بلكور الشعبي أيضا.
أبرز أولئك "المُعلنين المجانيين"، كان شخصا شابا يعمل "طرّاحا"، يُعنى بتفصيل الأفرشة الصوفية وخياطتها.
هذا الشخص ترك على كل جدار صادفه مهنته ورقم هاتفه، حتى الجسور طالها، وقد كتب معلوماته بالدهن الأسود تارة وبالأحمر تارة أخرى حتى تبدو واضحة للناس من مسافات بعيدة، غير أن أحدهم انزعج من الأمر فأزال اسم الطراح وهاتفه من الجسر.
وقد تلقى الطراح مكالمات عديدة من زبائن حصلوا على رقمه "من الجدران"، واتضح لهم أن المعني طرّاح فعلا ومحله ليس بعيد عن العاصمة في منطقة تسمى "الشراقة".
من جهته، يقول الطراح، وهو شاب في الثلاثينات من العمر، إن لجوءه إلى جدران العاصمة لكتابة مهنته وأرقامه "كان الطريقة السهلة والميسورة والسريعة التي يصل بها إلى جيوب المواطنين"، ويضيف لـ"العربية نت"، بأنه يتلقى مكالمات هاتفية طوال اليوم من زبائن يقصدونه لحاجاتهم، وقد تقاطر عليه كثيرون ولا يزالون، ما يعني أن "الإعلان المجاني" حسبه، له نتائجه السريعة والملموسة، عكس الصحف.
واعتبر الطرّاح أن الإعلان على الجرائد - مغمورة كانت أو مشهورة- "لا طائل منه"، وقال إنه ليس في حاجة لأن ينفق أمواله على الصحف من أجل إعلان صغير، في حين أمامه جدران بأكملها تقع في أشهر وأكبر أحياء وشوارع العاصمة، وهي كفيلة بأن توصل معلوماته لكل الناس في كل الأوقات.
إعلانات أخرى عن بيع قطعتي أرض تجدها قبالتك عند جدار مطعم مشهور في العاصمة، وقد أرفق صاحبه الإعلان المجاني بأرقامه الهاتفية الخاصة، وغير بعيد يقابلك إعلان كتب بالدهن يفيد بأن المنزل الفلاني معروض للإيجار أو البيع.
وفي مكالمة تجريبية مع صاحب القطعتين الأرضيتين، اتضح أن المعني مهتم فعلا ببيع القطعتين، وقد دلنا البائع على موقع القطعتين.
الجدران بديل لصفحات الجرائد
ويعلق أستاذ الإعلام بجامعة الجزائر، عمر تواتي، على الظاهرة قائلا "أصحاب هذه الإعلانات - على قلة تعليمهم- فهموا أنه ليس أنجع من الاتصال المباشر، لذلك قصدوا القناة المباشرة أيضا وهي الجدران، فكل الناس يمرون بالجدران يوميا، وعليه فقد اتخذ المعلنون المجانيون من الجدران صفحات عرضوا عليها سلعهم وخدماتهم، وهي إعلانات لا تزول بزوال اليوم، بل تبقى كل يوم".
ويضيف الأستاذ تواتي لـ"العربية نت" قائلا "نحن أمام حالة خلاّقة وجديدة كليا في علم الاتصال والإشهار على وجه التحديد، فالمعلن هنا قرر أن يفاجئ الجمهور في كل مكان، لذلك فإن الطراح مثلا وصل على كتابة مهنته على جسر على الطريق السريع، وتعرفون أن الطريق السريع مكان لا تُخطئه السيارات كل لحظة".
أما عن الصحف، فيقول إنها بالنسبة لهؤلاء "لا تفي بالغرض.. وما فائدة أن يعلن طراح عن نشاطه في جريدة مشهورة، ثم يوضع إعلانه في مساحة لا تتعدى 1/32 أسفل الصفحة! إنه إعلان لا يكاد يُرى! وعليه فإن المقارنة بين إعلان صغير أسفل صفحة ، وإعلان في جدار في شارع مشهور، ستكون مقارنة غير عادلة، والنتيجة محسومة لصالح الجدار في مقابل الجريدة".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات