الأقسام الرئيسية

النظام الاستبدادى لا يتغير

. . ليست هناك تعليقات:
Thu, 03/02/2011 - 08:05

أطلقت المظاهرات المليونية فى مختلف ربوع القطر المصرى صيحة واحدة: «نريد إسقاط النظام»، فالمسألة ليست شخصية وإنما هى قضية نظام استبدادى لا يمكن تحمل استمراره مع الرئيس مبارك أو مع غيره.

جاء خطاب مبارك الثانى رداً على المطالبات الشعبية مؤكداً - من حيث لا يدرى - على الطابع الاستبدادى للنظام السياسى القائم، فالمؤسسات السياسية القائمة - من وزارات أو مجالس نيابية - هى مجرد أدوات فى يد الحاكم المطلق، يسخرها ويوجهها حيثما يشاء، دون أن تكون لها إرادة أو رأى.

فماذا قال مبارك؟

بصرف النظر عما أشار إليه مبارك من نيته البقاء فى سدة الحكم حتى نهاية ولايته، فإنه وجه البرلمان - فما يشبه التعليمات - باتخاذ عدة قرارات، أهمها:

- تعديل المادتين 76 و77 من الدستور، المتعلقتين بشروط الترشح لمنصب رئيس الجمهورية وتحديد مدة بقاء الرئيس المنتخب فى الحكم.

- الالتزام بتنفيذ أحكام القضاء فيما يتعلق بصحة عضوية أعضاء البرلمان المطعون فى عضويتهم للمجلس النيابى.

وهذه الدعوة، وإن كان من ظاهرها استجابة - جزئية - لمطالب المتظاهرين، فإنها تكشف طبيعة المؤسسات السياسية، خاصة البرلمان فى نظر مبارك، وكيف أنه مجرد جهاز حكومى يخضع لتوجيهات الحاكم، وليس له أى استقلال فى التعبير عن رغبات الشعب الذى يدعى تمثيله.

لقد ظل مبارك طوال عهده يرفض تعديل الدستور، رغم كثرة المطالبات والإلحاح عليها، وتابعه فى ذلك البرلمان، حتى فاجأ مبارك الجميع بطلب العديد من التعديلات الدستورية عام 2005، غالباً نتيجة للضغط الأمريكى، وجاءت صياغة المادتين 76 و77 من الدستور وغيرهما، حيث أثارت - هى الأخرى - العديد من الانتقادات ورفض مبارك أى مناقشة لذلك، وعندما أعيد النظر فى العديد من مواد الدستور منذ عامين لإزالة التعارض القائم بين التحول الاقتصادى لنظام السوق وبين نصوص الدستور القائم، الذى وضع - 1971 - فى ظل بقايا تقاليد اشتراكية قديمة، فإنه رفض المساس بهاتين المادتين 76 و77، وتابعه فى ذلك البرلمان.

والآن يأتى مبارك للمطالبة بتعديل هاتين المادتين تحت ضغط المظاهرات الجماهيرية، وربما أيضاً نتيجة للنصيحة الأمريكية، وأغلب الظن أن البرلمان - إذا استمر - سوف ينفذ هذه التعليمات بدقة.

ومن ناحية ثانية، فإن البرلمان المصرى، ووفقاً لتقاليد راسخة له - منذ بداية عهد مبارك - يقوم على مبدأ «سيد قراره» الذى أرساه المرحوم الدكتور رفعت المحجوب، فى عدم الاعتداد بأحكام القضاء فى الطعون القضائية فى صحة انتخابات أعضاء مجلس الشعب، لأنه «سيد قراره»، واليوم يأتى مبارك مؤكداً أن البرلمان سوف ينفذ جميع أحكام القضاء، فأين «سيد قراره»؟ وهنا أيضاً، نتوقع أن ينفذ البرلمان - إذا استمر - هذه التوجيهات الجديدة.

لقد صدرت التعليمات من أعلى للبرلمان بتعديل المادتين 76 و77 من الدستور ووضع الحدود على مدد انتخاب رئيس الجمهورية، مع التأكيد على تنفيذ أحكام القضاء فى صحة العضوية. المشكلة ليست فى مدى الحاجة إلى مثل هذه القرارات، ولكن فى ظروف الأخذ بها، فهى لا تأتى نتيجة الرغبة الشعبية - التى يمثلها البرلمان حكماً - وإنما نتيجة توجيه الرئاسة له، وهذا هو جوهره «النظام الاستبدادى»، كل شىء يتم وفقاً للتعليمات.

لقد جاء خطاب الرئيس مبارك كاشفاً عن طبيعة ودور المؤسسات السياسية - البرلمان - وكيف أنها تنفذ ما يصدر لها من تعليمات رئاسية، فهذه المؤسسات هى مجرد ديكور تجميلى لإعطاء طابع ديمقراطى لنظام هو - فى جوهره - استبدادى، وبذلك، فإن خطاب مبارك الأخير لا يعدو أن يكون تأكيداً من جديد على طبيعة نظامه الاستبدادى.

لقد ظل البرلمان المصرى يرفض لأكثر من ربع قرن تعديل الدستور حتى جاءه الأمر الرئاسى فى 2005، فأسرع بإجراء بعض التعديلات الدستورية فى الحدود المطلوبة، وها هو الرئيس فى خطابه الأخير يعطى الإشارة لتعديل جديد تحت ضغط المظاهرات وربما الضغوط الدولية.. لكل ذلك لابد أن يتمسك الشعب أكثر من أى وقت بمطالبة «تغيير النظام»، فالمشكلة ليس شخص رئيس الجمهورية، وإنما هى النظام الذى يجعل رئيس الجمهورية السلطة الوحيدة للبلاد.

لابد من تغيير هذا النظام، والله أعلم.

www.hazembeblawi.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات

اخر الاخبار - الأرشيف

المشاركات الشائعة

التسميات

full

footer