الأقسام الرئيسية

للثورة في العراق الف سبب وسبب!

. . ليست هناك تعليقات:


مقارنة بما فعل أمراء الحكم والملل والنحل والقتل والفساد في العراق خلال سنوات قليلة، يصبح مبارك وبن علي ملاكين.

ميدل ايست أونلاين


بقلم: جمال محمد تقي


ما ينطبق على الحالة التونسية والمصرية ينطبق على الحالة العراقية من حيث تعاظم دور الفساد واستنزاف ثروات البلاد وتعطيل الطاقات والكفاءات الوطنية اضافة الى اندغام السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية في يد حفنة من المقاولين السياسيين الذين يتاجرون بالفتن الطائفية والعرقية على حساب الهوية الوطنية لاستبقاء امساكهم بتلابيب السلطة، وهم كرماء بالبذخ على الديكورات التي تقلد بعض الاكسسوارات الديمقراطية كالانتخابات المثقوبة والصحف المستقلة بالخطوط الحمر، وهكذا الحال بالنسبة للبطالة وتدني الخدمات واتساع دائرة التمايزات الطبقية، فتجربة حكام العراق الجديد وعلى الرغم من قصرها الزمني مقارنة بطول فترة حكام مصر وتونس الا انها كانت اكثر تدميرا وتبذيرا واستبدادا وفسادا، وكلما استقرت اوضاع احزاب السلطة في حكم العراق كلما ازداد التعاشق بين مكونات السلطة والثروة فيه، وبالتالي فهي مرشحة لان تخلد نفسها بالسلطة وبكل الوسائل المشروعة وغير المشروعة حتى لو تطلب الامر تقسيم البلاد الى كانتونات طائفية وعرقية!

لا يحتاج العراق ان يحكمه الطالباني ثلاثين عاما حتى يكون حاله كحالة مصر التي استمر مبارك بحكمها طول ذلك الزمن، ولا يحتاج لعشرين سنة يحكمه فيها المالكي ليكون العراق كتونس التي حكمها بن علي، فالحالة العراقية تتفوق على المصرية والتونسية من حيث حجم الفساد وكثافته وقياسيته الزمنية هذا اذا استثنينا جرائم التبعية المباشرة للمحتلين الاميركان الذين قتلوا وسجنوا مئات الالاف من اهل العراق، وكانوا سببا في هجرة ونزوح الملايين من ابناءه، واهانوا كرامته، ودمروا ما دمروه من مفردات قوته، بادعاءات تأكد كذبها، وهذا ما يستدعي بالضرورة التعويض والاعتذار من شعب العراق، اما جرائم الطالباني والمالكي والبارزاني وعلاوي والحكيم وغيرهم من امراء الملل والنحل والفتن وانخراطهم بالتأمر مع محتلي العراق للاطاحة بدولته مقابل حصص السلطة فهي وحدها كفيلة بان تجعل من مبارك وبن علي ملائكة مقارنة بالمذكورين اعلاه!

بقي الطالباني اميرا للسليمانية لعقدين من الزمن ومازال متمسكا بالامارة فيها على الرغم من كونه رئيسا لجمهورية العراق، وحزبه "الاتحاد الوطني الكردستاني" هو الحزب الحاكم فيها والمسؤول عن كل ميزانيتها ومقاولاتها وهو يحارب معارضيه فيها وبكل الوسائل، اما ما يجري فيها من انتخابات حزبية ومحلية وعامة فانها لا تختلف في جوهرها عن انتخابات محليات مصر ومجلسي الشعب والشورى فيها، واذا كانت عائلتا مبارك وبن علي تبتزان كل صغيرة وكبيرة في البلاد ومن تحت عباءة الرئيس فان هيرو وقباد ومن يواليهم قد تفوقوا على جمال وعلاء وسوزان وليلى وكل عائلة الطرابلسي في البزنس والتطلع للتوريث، ونفس الحالة تنطبق على مسعود البرزاني وابنه سرور مسؤول الامن في اقليم ابيه وكذا الحال بالنسبة لابن عمه نيشيرفان برزاني الرجل الثاني في حزب عمه مسعود "الحزب الديمقراطي الكردستاني" والذي يعتبر رئاسة الاقليم احتكارا وراثيا مقدسا لعائلة البرزاني، وما حصل مؤخرا من قمع دموي تجاه الحراك الشعبي في السليمانية واربيل الذي تناصره حركة التغيير المعارضة هو مثال حي على استبداد وفساد ودموية وديكتاتورية الحزبين المتقاسمين للسلطة والثروة في اقليم كردستان والمتحاصصين بذات الوقت لغنائم المركز في حكومة المالكي!

ما ينطبق على الطالباني والبرزاني ينطبق بامتياز على المالكي والحكيم وعلاوي وغيرهم من امراء العملية السياسية في العراق، فالمالكي يهيمن بشلته العائلية والطائفية على حزبه الذي ليس فيه من الحزب سوى الاسم، وهو لا يفوت فرصة حتى يستغلها ليكون حزبه حزب السلطة الدائم، وبهذا الاتجاه يركز المالكي على تشكيل اجهزة في الجيش والشرطة والمخابرات بولاء مطلق له، وقد تمكن بسبب طول فترة وزارته التي تجاوزت الخمس سنوات من تحقيق ما يصبو اليه، حتى انه قال في احدى خطبه "اننا لن نعطيها كي يأخذها الاخرون منا" - يقصد السلطة. وبمقدار حصته وقربه وبعده من مركز القرار في السلطة يتجلى مقدار تباين المالكي مع شركاؤه الاخرين كالحكيم الذي ينافسه على الزعامة الطائفية وعلاوي الذي ينافسه على زعامة الدولة، انهم يتنافسون على الصدارة لكنهم شركاء في الحصص التي تفرضها عقيدة الدولة الجديدة، دولة المكونات الجاري ترسيخها على حساب دولة المواطنة الواحدة!

لا يستطيع احد انكار حالة التوجس والتخبط التي تميز مواقف المتحكمين بالسلطة في العراق من احتمالات تحول تركام الاحتجاج الشعبي ضد الاداء الفاشل لحكومات الاحتلال الى ثورة عارمة، ثورة تنتزع السلطة التي صيغت بديمقراطية مزيفة، ديمقراطية المحاصصات الطائفية والعرقية البغيضة، خاصة بعد هبوب سونامي الثورات الشعبية المدنية على اغلب شعوب المنطقة، فكل البنية التحتية للنظام القائم من دستور وقوانين وممارسات ولجان، ليست لها صلة بالديمقراطية، وكلها مكفولة ليس بكفالة عقد ديمقراطي مع المجتمع انما مكفولة بكفالة ووصاية المحتل الذي وان جنح لسحب قواته الخشنة لكنه يستبقي لقواه الناعمة الف قاعدة وجحر ووكر وخيط، لاسيما وان الاتفاقية الاستراتيجية تبرر له ذلك، وكذا مطاطية وهشاشة قواعد اللعبة التوافقية بين اطراف السلطة ذاتها والتي تجعل من الوصي الاميركي هو الضامن لها.

ان شعار اسقاط النظام هو الشعار الاصوب لاي تحرك شعبي جذري وان كان سلميا، فنظام بالمواصفات اعلاه غير قادر على اصلاح نفسه بنفسه، والدورات الانتخابية بحكم هكذا نظام ستعيد انتاج سلطة بذات المواصفات، ان اقطاب من النظام نفسه تعترف بعجز العملية السياسية الجارية على اصلاح نفسها، فالعقيدة التي قامت عليها هي عقيدة مشوهة تستبدل الوطنية بالمكون، وبالتالي فان العقد الذي نتج عنها هو عقد مشوه ومفخخ، وهذا ما يستوجب لوحده ثورة، ناهيك عن الحجم الخرافي للفساد والتزوير، والاقصاء والتدمير.

جمال محمد تقي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات

اخر الاخبار - الأرشيف

المشاركات الشائعة

التسميات

full

footer